2025- 07 - 25   |   بحث في الموقع  
logo الدفاع المدني يُطلق مناقصة عمومية جديدة logo منع مرور الشاحنات خلال مهرجانات الأرز logo الموسوي في استقبال جورج عبد الله: سترى لبنان في عرس الحرية والإستقلال والكرامة والمقاومة أيضا logo بالصور… جولة للسفيرة الأميركية في لبنان داخل قلعة بعلبك logo عملية نوعية في البقاع.. من أوقف الجيش هناك؟ logo اللواء إبراهيم حيا جورج عبدالله: كنت عينا قاومت المخرز فانتصرت logo خلال زيارته إلى سن الفيل… الرئيس عون يتناول الفلافل (فيديو) logo في هذه المنطقة.. توقيف شبكة ترويج مخدرات
الدكتورة زهيدة درويش.. قامة فكرية تجسد التلاقي بين الاصالة والانفتاح.. بقلم: ليلى شحود تيشوري
2025-07-24 09:55:30

في مجالات الفكر والثقافة تتلألأ شخصيات تشع بضوء المعرفة، تترك أثرا خالدا في ذاكرة الأجيال وتبني من حضورها العميق جسوراً بين الماضي والحاضر وبين التراث والرؤية المستقبلية.

ومن بين هذه الشخصيات اللامعة تبرز الدكتورة زهيدة عدنان درويش ذات الحضور المتميز الذي يجمع بين ثبات الاصالة واتساع الآفاق، وبين التبحر في البحث والرؤية المتحررة دون تجاوز للقيم والمباديء الانسانية السامية .

لقد خاضت مسيرة علمية وثقافية مكللة بالعطاء، انطلاقا من قناعتها الراسخة بأن الثقافة ليست مجرد ترف فكري بل مسؤولية عظيمة، وأن المثقف هو شعلة من نور لا تنطفئ يهدي دروب الحرية والإنسانية على حد سواء.

ولدت زهيدة عدنان درويش في ميناء لبنان في الرابع والعشرين من تشرين الأول عام 1954، فتفتحت باكرا أمامها آفاق اللغة وآدابها، فحملت شغفا عميقا لا ينضب لاكتشاف كنوز الأدب العربي والفرنسي.

 ومن منبع هذا الشغف المشتعل، نالت إجازتين من الجامعة اللبنانية، الأولى في اللغة الفرنسية وآدابها عام 1975، والثانية في اللغة العربية عام 1977.

وانطلقت بعدها في رحلة أكاديمية امتدت على مدار سنوات، في معاهد وجامعات فرنسية مرموقة، حيث نالت شهادة الماجستير والدكتوراه الأولى في الأدب المقارن، مستكشفة أثر الشعر الفرنسي على معاصره العربي. ثم أحرزت دكتوراه الدولة التي كان بحثها فيها استقصاء لظلال القلق التي عمقت وجدان الشعر الفرنسي في القرن التاسع عشر، ذلك القلق الذي يمثل نبض الإنسان في صراعه مع ذاته وعالمه.

منذ عام 1979 وقفت على منبر الجامعة اللبنانية كأستاذة تنسج من خلال دروسها جسرا يربط بين الفكر والعلم والثقافة .

ومن ثباتها في الجامعة اللبنانية انطلقت إلى آفاق جامعتي البلمند والكسليك،.

لم تكن د. زهيدة إلا مثقفة متحررة، متمردة على ظلمات الجهل، مدركة أن الثقافة ليست ترفا بل واجبا مقدسا، وحملت على عاتقها أمانة اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو من عام 2011 حتى 2018، حيث لم تكن مجرد ممثلة لمنظمة دولية فحسب، بل كانت سفيرة للوعي الثقافي والقيمي في وطنها. هناك حيث يكرم الفكر وتتوج الحرية، كانت زهيدة تصوغ بصوتها العذب معاني المثقف الذي هو ضمير الشعوب وصرخة الحق، والنور الذي لا يخبو في عتمة الجهل. فاليونسكو بالنسبة لها لم تكن مجرد مؤسسة، بل مساحة رحبة يلتقي فيه الإنسان بماضيه وحاضره ومستقبله، لتكون المعرفة مسارا لا ينقطع بين الأمم، وليكون المثقف ربان هذه السفينة التي تحمل ثقافات العالم على متن قوارب السلام والتفاهم.

لم يكن قلمها سوى امتداد لروحها النابضة التي تنثر عبره جواهر الفكر والمعرفة. فأسهمت في إثراء المكتبة العربية والفرنكوفونية بمؤلفات تنضح بمحبة الكلمة والإنسان. فمن دراستها المتعمقة لأعمال ناديا تويني، إلى بحوثها في الشعر اللبناني الفرنكوفوني، وكتاباتها الغنية التي تغوص في أعماق الأدب والفكر والثقافة، كانت تثبت أن الكلمة ليست مجرد حروف تقرأ، بل رحلة تنويرية تعانق النفوس المتعطشة للفهم والحقيقة.

وباعتبار أن التعليم رسالة سامية، ساهمت في تأليف كتب مدرسية كانت لبنة في بناء جيل واع يقدر الأدب ويحبه. كما شاركت في ترجمة أعمال أدبية وسياسية مهمة، من ناديا تويني إلى تيريز دلباش، فاتحة بذلك أبواب الثقافة أمام من لا يجيدون سوى لغتهم الأم، مؤمنة بأن التواصل الثقافي هو السبيل الحقيقي إلى التلاقي الإنساني العميق.

تطالعنا أبحاثها المنشورة في مجلات علمية متخصصة بفهم دقيق للذات والآخر والثورة والمرأة، لتؤكد لنا أن الأدب ليس مجرد جماليات لغوية، بل هو موقف وعي، وصوت يتحدى الصمت، وفعل يعانق الحياة بمسؤولية لا تنفك.

الدكتورة زهيدة درويش ليست مجرد أكاديمية، بل نبض ثقافي نابض ، وعقل متوقد لا يخشى الغوص في مكنونات المعرفة المجهولة. هي نموذج المثقف الحر الذي يبحث دائما عن الحقيقة، ويواصل تقوية اواصر التلاقي بالكلمة بين الشعوب والثقافات، مدركا أن الإنسان وحده يستحق أن يفهم ويحتفى به في كل زمان ومكان .

موقع سفير الشمال الإلكتروني


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top