فيما تتنفس الحركة السياحية في لبنان الصعداء متأخرةً هذا العام بسبب توتر الأوضاع الاقليمية، ويعلو صوت أصحاب المصالح السياحية بضرورة تمديد الموسم حتى نهاية أيلول لتعويض الخسائر، يطرح هذا الواقع أسئلة تربوية ملحّة: هل يمكن للمؤسسات التربوية اللبنانية، لا سيما المدارس الخاصة، أن تواكب هذا التمديد وتؤخّر انطلاقة عامها الدراسي؟
الجواب لا يبدو موحداً، بل ينقسم ما بين واقع قانوني، ضغط أكاديمي، وحاجة اقتصادية – اجتماعية معيشية.
وجهتا نظر من قلب المؤسّسات التربويّة
في حديث لموقع “لبنان الكبير”، تقول غنى الجمال مديرة إحدى المدارس الخاصة في منطقة جبل لبنان، إنّ “الخيارات محدودة أمامنا، خصوصاً أننا نتّبع نظاماً تعليمياً معيناً، وهذا يُحتّم علينا الالتزام بمواعيد محددة لا يمكننا تعديلها حسب الوضع اللبناني فقط”.
وتضيف: “على الرغم من تفهّمنا للواقع الاقتصادي ورغبة الأهل في تمديد العطلة، إلّا أنّنا مضطرون الى بدء التدريس في الأسبوع الأخير من أيلول على أبعد تقدير، وإلا فقدنا توازن المنهج السنوي وتراكمت الضغوط على الطلّاب والهيئة التعليمية”.
لكن الصورة تختلف قليلاً في إحدى المدارس الأخرى، حيث يشرح مديرها لـ “لبنان الكبير” الوضع قائلاً: “نحن كمدرسة خاصة مستقلة نحاول أن نوازن بين الجانب الأكاديمي والتربوي من جهة، وحاجات العائلات من جهة أخرى، خصوصاً أن العديد من أهالي التلاميذ يعمل في القطاع السياحي، يعني المطاعم والمقاهي والفنادق كحال الكثير من الناس. لذلك، نحن بصدد تأخير الانطلاقة الرسمية للصفوف أسبوعاً إضافياً، لكننا سنعوّض ذلك بضغط زمني في الفصل الثاني وبعض الدروس الإضافية. هو حل وسطي، لكنّه الأفضل في هذه الظروف”.
التزام المدارس بجداول دقيقة
أما الخبيرة التربوية والمعلمة للصفوف الثانوية سالي عبد الحق، فتؤكد في حديث لـ”لبنان الكبير”، أنّ “العام الدراسي في لبنان، وفق القانون، يجب أن يمتدّ الى ما لا يقلّ عن 170 يوماً دراسياً فعلياً، وهذا ما يُجبر المدارس على الالتزام بجداول دقيقة. ولكن في بلد يعيش على المواسم والأعياد لا يمكن تجاهل الواقع الاقتصادي”، لذا تنصح بـ “إعطاء المدارس نوعاً من المرونة المحسوبة، شرط ألا يتأثر مستوى التعليم العام”، معتبرة “أننا كلما استطعنا التوفيق بين المعايير التربوية والواقع الاجتماعي، نكون نبني مجتمعاً أكثر تماسكاً، لا أكثر عشوائية”.
الأب نصر: الأمور محسومة تربوياً
الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر، أعلن في حديث عبر الاعلام، أنّ “الانطلاق سيكون في 23 أيلول كحدّ أقصى”، مؤكداً أن “لا مجال للمزيد من التأخير لأنّ العام الدراسي يجب أن يحقق الحد الأدنى من الأيام المحددة قانوناً، أي نحو 170 يوماً”.
وأشار إلى أنّ “الموسم السياحي أصلاً ينتهي في أواخر أيلول، وبالتالي لا فائدة عملية من تأخير الانطلاقة إلى تشرين، إلّا في حالات محدّدة وضمن إطار مدروس”.
وكان لأولياء الأمور رأيهم تجاه هذا الموضوع، خصوصاً مع التحديات الاقتصادية والاعتماد الكبير على الموسم الصيفي. وتقول ريم من بيروت لـ”لبنان الكبير”: “أنا أفهم ضرورة الالتزام بالعام الدراسي، لكنني أتمنى لو تأخرت البداية قليلاً هذا العام. كثير من العائلات يعتمد على الموسم الصيفي، وأطفالنا بحاجة إلى فترة راحة أطول حتى يستعدوا جيداً للدراسة.”
أما سامر من جبل لبنان، فعبّر عبر “لبنان الكبير” عن قلقه بقوله: “نريد أن لا يتأثر التحصيل الدراسي لأولادنا، ومن جهة أخرى، وضعنا المادي يضغط علينا لأن معظمنا يعمل في القطاع السياحي. لذا، فكرة تأخير الانطلاقة جيدة وبالكاد أنهينا دفع الأقساط الماضية”.