في العام ٢٠١٨ أقنع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالخروج من المفاوضات مع إيران حول برنامجها النووي، خصوصا أن إسرائيل تريد مقاربة هذا البرنامج من الناحية العسكرية فقط، كونها ترى أن الحل الوحيد لإنهاء تهديدات إيران النووية هي الحرب بالتعاون مع الولايات المتحدة وذلك بهدف عزلها إقليميا ودوليا ما يؤدي إلى إنهيارها داخليا.
أما وقد وقعت الحرب بعد سبع سنوات على خروج ترامب الأول من المفاوضات، فإن إسرائيل التي فشلت في تحقيق هدفها من عدوانها على إيران في ١٣ حزيران الجاري، لا سيما لجهة إرباك النظام تمهيدا لاسقاطه وشل القدرات الصاروخية والقضاء على المشروع الإيراني النووي، وتحول الحرب إلى تقليدية بعد إستعادة إيران للمبادرة وإمتلاكها للقيادة والسيطرة وصولا إلى ضرب أهداف حيوية في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإنها تسعى إلى دفع ترامب للمشاركة في الحرب وإقناعه بأن ذلك لن يلحق الأذى بالمصالح الأميركية في المنطقة، خصوصا أن الهدف المشترك الإسرائيلي الأميركي هو القضاء على قدرات إيران النووية والتي برأي الطرفين تهدد الكيان الغاصب والشرق الأوسط برمته.
لا شك في أن إسرائيل تخشى إطالة أمد هذه الحرب التي قد تؤدي إلى إستنزاف القدرات الصهيونية، خصوصا أن كل التفوق العسكري يتلاشى أمام الصمود الإيراني والصبر الاستراتيجي الذي تفتقده إسرائيل غير المعتادة على دخول منشآتها ومؤسساتها ومراكزها وأبراجها ومجتمعها ومواطنيها على خط الاستهداف اليومي.
النقاش الدائر في إسرائيل اليوم هو أن الحكومة والجيش حققا إنجازات في الضربة الأولى لجهة قتل القادة العسكريين والعلماء النوويين في إيران، وبالتالي فإن إستمرار هذه الحرب لمدة طويلة وفي ظل الهجمات الإيرانية اليومية سيؤدي إلى خسارة هذه الإنجازات التي تحققت، خصوصا أن الاصرار الايراني على الرد يفقد إسرائيل آلية الخروج من هذه الحرب، لذلك فهي تمارس كل أنواع الضغط على ترامب للمشاركة فيها كونه قادر على إنهائها بشكل سريع وبالتالي تحقيق الهدف المشترك المتمثل بإنهاء المشروع النووي الإيراني.
اللافت، أن موقف ترامب مايزال غير واضح وغير حاسم ومتناقض بشكل كبير حيث لا يدلي بتصريح يشبه الآخر، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على التخبط الذي يعانيه، حيث أنه يؤكد دعمه لإسرائيل من دون أن يترجم ذلك بالمشاركة الفعلية في الحرب، خصوصا أن إيران لم تستهدف مصالح أميركية، وطالما أن الأمر كذلك فإن كثيرا من المسؤولين في الادارة الاميركية يرفضون هذا التدخل ويؤكدون أنه لا يحق لترامب أن يجرّ أميركا إلى حرب ضد دولة لم تتعرض لمصالحها، فضلا عن صورة ترامب الداخلية التي إهتزت كونه جاء إلى السلطة تحت شعار السلام في الشرق الأوسط وإنقاذ أميركا إقتصاديا، وهذا لن يتحقق في حال دخوله شريكا في الحرب، وفي حال إرتأت إيران أن تقفل المضائق ما سينعكس سلبا على التجارة العالمية وسيؤدي إلى إرتفاع أسعار النفط الذي ما لبث أن إرتفع مع إنطلاق هذه الحرب.
وفي ظل هذا التخبط الترامبي الذي جاء موقفه الأخير ليل أمس ليؤكد أنه “لم يغلق باب المفاوضات مع إيران”، شكل الموقف الأوروبي خرقا هاما على صعيد الحرب الدائرة، حيث أعلن دبلوماسي ألماني أن وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا قرروا إجراء محادثات نووية مع إيران يوم غد الجمعة في جنيف، وذلك بعد أن نفى مسؤولون إيرانيون كل ما ساقه ترامب في تصريحاته حول إمكانية لقائه معهم للبحث في الملف النووي، باستثناء ما قاله وزير الخارجية عباس عرقجي عن الاستعداد للقاء المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف للبحث في وقف إطلاق النار، في حين جدد المرشد الأعلى السيد علي خامنئي أن تدخل ترامب في الحرب إلى جانب إسرائيل سيكون له تداعيات كارثية على المنطقة.
The post نتنياهو يضغط لاستدراج ترامب إلى الحرب.. وخرق أوروبي في جدار المفاوضات!.. غسان ريفي appeared first on .