2025- 04 - 30   |   بحث في الموقع  
logo بيان ترشّح إلى المجلس البلدي في طرابلس logo البلديات في لبنان.. تحديات وآمال (3).. بقلـم: د. عبدالرزاق القرحاني logo زحمة مرشحين في زغرتا.. إنتخابات بلدية تأسيسية لإستحقاقات لاحقة!.. حسناء سعادة logo عندقت تخطف الأضواء… ولائحتان تتنافسان!.. نجلة حمود logo توافق الثنائي يُجهض مسعى حشرهما في بيئتهما!.. عبدالكافي الصمد logo جبل النفايات:هل “للفيحاء” من حلول؟..  logo حريق كبير في الدكوانة.. هل من إصابات؟ logo جراء حادث سير مروع… وفاة جندي في الجيش (صور)
إسرائيل تُحكم قبضتها على مياه جنوب سوريا.. وتهدد الأردن
2025-04-07 00:27:18


يمرّ الجنوب السوري بواحدة من أخطر مراحل التحول الجيوسياسي في تاريخه الحديث، مع اتساع سيطرة إسرائيل على المنابع المائية العذبة في مناطق القنيطرة ودرعا، وما رافق ذلك من تحركات استراتيجية طالت جبل الشيخ ونهر اليرموك. هذا التمدد المائي لا يهدد الأمن المائي لسوريا فحسب، بل يضع الأردن أيضاً في دائرة الخطر، في ظل صمت دولي وعجز سوري عن المواجهة.
سيطرة ممنهجة على مصادر المياه
تندرج سيطرة إسرائيل على جبل الشيخ، ونبع بانياس، وعدد من الينابيع والسدود في القنيطرة، ضمن خطة ممنهجة للهيمنة على موارد المياه في جنوب سوريا. خلال الأشهر الماضية، أحكمت تل أبيب قبضتها على مناطق حيوية من الجولان المحتل، وتوغلت في محيط سدود مثل المنطرة الذي يُعد أحد السدود الصغيرة التي تُستخدم لتجميع مياه الأمطار لري الأراضي الزراعية في ريف القنيطرة، وتغطي نحو 2% من احتياجات المنطقة.
كما سيطرت على عين الزيوان، وهو ينبوع جوفي دائم الجريان، يساهم في تغذية مستوطنات مجاورة ويغطي قرابة 1.5% من مياه الجولان الزراعية، وصولاً إلى منابع نهر الرقاد الذي يعتبر الرافد الرئيسي لنهر اليرموك، وينبع من مرتفعات الجولان ويمر عبر مناطق عازلة، ويغطي نحو 8% من موارد الجنوب المائية.
كما فرضت سيطرتها الفعلية على مجرى نهر اليرموك، أطول أنهار حوران، وينبع من ريف درعا الغربي قرب جباتا ويصب في نهر الأردن، وتغطي مياهه نحو 20% من مصادر الجنوب، لتتمكن لاحقاً من الوصول إلى سد الوحدة، أهم خزان مائي مشترك بين سوريا والأردن، بسعة 110 ملايين متر مكعب، تعتمد عليه محافظات درعا والرمثا وإربد، ويغطي قرابة 10% من احتياجات الجنوب السوري والشمال الأردني.
وفي تطور أكثر جرأة، شهد ريف درعا الغربي أول أمس، صداماً مباشراً بعد توغل قوات إسرائيلية باتجاه سد الجبيلية في مدينة نوى، وهو سد محلي يستقبل مياه السيول القادمة من مرتفعات نوى، ويُستخدم في ري أراضٍ زراعية بمساحة 700 هكتار تقريباً، ويغطي نحو 3% من الري المحلي في غرب درعا، وهو ما أسفر عن مواجهات مع السكان المحليين، سقط فيها 9 شهداء، وكشف عن مساعٍ إسرائيلية لفرض وقائع جديدة قرب حدود المنطقة العازلة.
أهداف تتجاوز الجغرافيا
لا يمكن فهم التوسع الإسرائيلي بمعزل عن خلفيته الاستراتيجية. بعد فشل إسرائيل في إقناع الدروز في جنوب سوريا بالهجرة إلى الجولان والعمل في المستوطنات، رغم فتح تراخيص العمل مؤقتاً، بحثت عن أدوات ضغط بديلة، كانت المياه أبرزها. عبر التحكم بمصادر الري والشرب، تسعى إسرائيل إلى تجفيف الزراعة في درعا والقنيطرة والسويداء، ودفع السكان نحو الهجرة القسرية، تحت وطأة العطش والفقر. وهذا ما يعيد إلى الواجهة نظرية "التهجير الصامت"، كأداة تهويد متقدمة.
الأردن في مرمى الخطر
يُعد نهر اليرموك الرافد الرئيسي لسد الوحدة، الذي يغذي العاصمة الأردنية عمان، ويوفر المياه للمناطق الزراعية في الشمال الأردني. ومع سيطرة إسرائيل على روافد هذا النهر،، خصوصاً من جهة نهر الرقاد وسدود جنوب القنيطرة، باتت المملكة الأردنية مهددة بخسارة مورد مائي استراتيجي، قد يعمّق أزمتها المائية، ويقوّض استقرارها الداخلي. هذا الخلل في التوازن المائي، والذي باتت تصنعه إسرائيل، يحوّل الجنوب السوري إلى ساحة تحكم إقليمي لا تقف تداعياته عند الحدود.
ما تبقى من الجنوب السوري
رغم التوسع الإسرائيلي، لا تزال بعض الموارد تحت سيطرة الدولة السورية أو المجتمعات المحلية، مثل نبع المزيريب، وهو ينبوع كبير في ريف درعا الغربي، ينبع من باطن الأرض ويغذي بحيرة طبيعية، ويُستخدم للشرب والري، ويغطي نحو 5% من حاجات الجنوب، وسد الأشعري وهو خزان ترابي يستقبل مياه الشتاء، يقع قرب بلدة الأشعري في درعا، ويُستخدم للري، بنسبة تغطية لا تتجاوز 2.5%، بالإضافة الى بعض الآبار في السويداء والتي تُغذي شبكات مياه الشرب في قرى الجبل، تغطي بشكل متقطع نحو 4% من احتياجات الجنوب، إضافة إلى مجرى نهر اليرموك الأعلى وهو الجزء الذي لا يزال داخل سيطرة الدولة السورية، ويشكّل نحو 3% من تدفقات النهر الإجمالية. إلا أن هذه الموارد لا تشكل سوى أقل من ربع المخزون المائي للجنوب، وهي مهددة بالجفاف أو بالضم الزاحف نظراً لقربها من مناطق النفوذ الإسرائيلي أو ضعف الحماية الرسمية.
الجذور التاريخية للصراع المائي
منذ تأسيسها، وضعت إسرائيل المياه في صلب عقيدتها الأمنية. في خمسينيات القرن الماضي، بدأت مشاريع لتحويل مجرى نهر الأردن، ما أدى إلى احتكاكات مباشرة مع سوريا ولبنان. في ستينيات القرن ذاته، حاولت سوريا، بدعم من مصر ولبنان، تحويل مجرى نهر بانياس الرافد الرئيسي لنهر الأردن وينبع من الجولان المحتل ويغذي بحيرة طبريا، ويُقدّر أنه كان يشكل نحو 12% من واردات مياه الجنوب السوري والحاصباني، ما تسبب في مواجهات جوية مع إسرائيل. هذه الأحداث كانت من الأسباب المباشرة لحرب عام 1967، التي انتهت باحتلال الجولان، وبالتالي إحكام السيطرة على منابع نهر الأردن.
منذ ذلك الحين، استخدمت إسرائيل موارد الجولان المائية كأداة سيطرة استراتيجية، من خلال مشاريع تحويل ضخمة كـ"الناقل القطري" الذي ينقل مياه بحيرة طبريا إلى صحراء النقب، ومن خلال شبكات معقدة من محطات الضخ والسدود التي تخدم المستوطنات.
الصراع مع لبنان: أبعاد أخرى
لم يقتصر الصراع المائي على سوريا، بل امتد إلى لبنان، حيث تسعى إسرائيل منذ عقود للسيطرة على مياه نهر الحاصباني، أحد أهم روافد نهر الأردن، ينبع من جنوب لبنان، وتُقدّر مساهمته بنحو 10% من مياه طبريا، وتضغط سياسياً للوصول إلى مياه نهر الليطاني، رغم أنه لا يدخل الأراضي المحتلة. هذه المحاولات كانت سبباً رئيسياً في تصاعد التوترات جنوب لبنان، خصوصاً بعد اجتياح 1982 وخلال سنوات الاحتلال حتى الانسحاب في عام 2000.
ما يجري في جنوب سوريا ليس مجرد إعادة تموضع عسكري، بل هو مشروع متكامل لإعادة تشكيل الخريطة المائية والديمغرافية في آن. إسرائيل تسعى لتحويل الجنوب السوري إلى منطقة فارغة، خالية من الزراعة والسكان، باستخدام المياه كسلاح صامت، لكنه بالغ التأثير. ومع تراجع الاستجابة السورية، وتزايد التهديد للأردن، فإن المخطط الإسرائيلي يبدو أقرب إلى التنفيذ الكامل ما لم يُكسر بالصمود المحلي أو الضغط الإقليمي والدولي.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top