جددت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية غالي بهاراف ميارا، في نهاية الأسبوع، موقفها الرافض لإقالة رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار، فيما ردّت الحكومة، بأن "استمرار بار في منصبه يُشكل مساساً لا يمكن إصلاحه بأمن الدولة".
خلل في الإقالة
وعشية نظر المحكمة الإسرائيلية العليا في الالتماسات ضد إقالة بار المتوقعة خلال الأسبوع الحالي، اعتبرت المستشارة القضائية أن "القرار بإنهاء ولاية رئيس الشاباك من أساسه ينطوي على خلل وعلى تضارب مصالح شخصية من جانب نتنياهو"، معتبرة أن الإقالة "ستؤدي إلى تحويل المنصب إلى وظيفة ولاء سياسي".
وأرفقت بهاراف ميارا موقفها برسالة من بار، تتضمن اتهامات غير مسبوقة ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إذ كتب بار أن "ثمة صلة مباشرة بين قدرة رئيس الشاباك على أداء مهامه بأمانة، وبين وجود آليات سليمة لإنهاء ولايته. النتيجة الخطيرة المحتملة لمثل هذا المساس قد تؤدي إلى تحويل الجهاز إلى شرطة سرية".
أمر غير معقولفي المقابل، قدّمت الحكومة الإسرائيلية صباح اليوم الأحد، ردها إلى المحكمة العليا على الالتماسات المقدمة ضد قرار إقالة بار، في ردّ مستقل عن موقف المستشارة القضائية للحكومة، جاء فيه أن "فرض استمرار بار في ولايته أمر غير معقول ولا يتماشى مع الصلاحيات الممنوحة لحكومة منتخبة في دولة ديمقراطية مسؤولة عن أمن الدولة ومواطنيها. كل يوم أو ليلة إضافية في هذا الوضع قد تلحق ضرراً لا رجعة فيه بأمن الدولة وسلامة مواطنيها وجنودها، ومن هنا تأتي الضرورة الملحة لتنفيذ القرار". وأضافت أنه "تم إنهاء ولاية رئيس الشاباك بقرار حكومي، بسبب فقدان الثقة به من قبل الحكومة. وبذلك أُغلق الباب أمام استمراره في المنصب، ويتعيّن عليه إنهاء مهامه"، مع دعوة لرد الالتماسات "على الفور". وختم الرد بالقول: "حتى رئيس الحكومة نفسه يبقى في منصبه ما دام يحظى بثقة الكنيست. وبمجرد زوال هذه الثقة، لا يمكنه الاستمرار في أداء مهامه".
انعدام الثقة
من جهته، قال مكتب نتنياهو، إن "انعدام الثقة برئيس الشاباك، كما يشعر به رئيس الحكومة وجميع وزرائه من دون استثناء، لا ينبع من مسألة ولاء شخصي، بل من انعدام الثقة بأدائه بعد دوره الحاسم في فشل 7 أكتوبر، حين اختار عدم إبلاغ القيادة السياسية، ومن سلسلة أحداث أخرى قوّضت الثقة المهنية فيه لاحقاً". وأضاف أن "الجهة الوحيدة التي تتصرف بدوافع شخصية هي رئيس الشاباك، الذي يتمسك بمنصبه بعد أن فقد ثقة الحكومة بأكملها". وتابع أن بيان بار الأخير "مشوب بتضارب مصالح صارخ، ومن غير المفاجئ أنه جاء بالتزامن مع رسالة المستشارة القضائية للحكومة، التي هي أيضاً متورطة بتضارب مصالح كبير".
نتنياهو يعمل لمصلحته الشخصية
وكان بار اتهم في رسالته، نتنياهو بالعمل من أجل مصلحته الشخصية، قائلاً إن الأخير يخشى أن تؤدي صفقة تبادل أسرى شاملة إلى انهيار التحالف السياسي الداعم له، لا سيما مع حزبي اليمين المتطرف اللذين يشكلان العمود الفقري للائتلاف الحاكم. لكن الأهم من ذلك، وفقاً لبار أن استمرار الحرب يُستخدم أيضاً كأداة لإلهاء الرأي العام عن مسار محاكمته (نتنياهو)، وذريعة لتبرير التأجيلات المتكررة، بما في ذلك تأجيل أكثر مراحل المحاكمة حساسية بالنسبة لرئيس الوزراء وهي الاستجواب المضاد من قبل الادعاء.
وبحسب بار، فإن "المضي في إجراءات الإقالة على عجل، وفي فترة حساسة، تزامناً مع تحقيقات جنائية في شأن مقربين من رئيس الحكومة، ومن دون مسار سليم، ومن دون منحه فرصة عادلة للرد، يعني إيصال رسالة واضحة إلى جميع كوادر قيادة الشاباك، بما في ذلك رؤساء الجهاز المستقبليين، بأنهم إذا لم يكونوا موضع رضا سياسي، فسيُطاح بهم فوراً".
وتطرّق بار في رسالته إلى التحقيق مع مقربين من نتنياهو، وقال: "من واجبي ضمان تحقيق المصلحة العامة، المستمدة من خطورة الشبهات، وهي الوصول إلى الحقيقة في هذه القضية الحساسة والمعقدة والمهمة. وإذا رأت المحكمة أنه من المناسب، أطلب تقديم المعلومات المتعلقة بهذه المسألة خلف أبواب مغلقة وبجلسة سرية".
وثيقة مهمة
واليوم، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، أن رسالة بار إلى قضاة المحكمة العليا تعتبر "واحدة من الوثائق الأكثر أهمية التي نُشرت في إسرائيل منذ بداية خطة "الانقلاب القضائي" في كانون الثاني/ يناير 2023".
وكانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" قد نشرت تفاصيل عن تصعيد غير مسبوق بين رئيس الحكومة ورئيس "الشاباك"، بعدما رفض بار أوامر من نتنياهو تضمنت، وفقاً للتقرير، "إجراء اختبارات كشف كذب للوزراء بشبهة تسريبات من جلسات الكابينيت"، واستخدام الجهاز "وأدواته الخاصة لقمع الاحتجاجات".