تواصل إسرائيل توغلها العسكري في محافظة القنيطرة، جنوب سوريا، حيث أنشأت عدة قواعد عسكرية وبنت شبكة طرق استراتيجية داخل المنطقة منزوعة السلاح، الأمر الذي أثار قلق السكان المحليين بسبب التهديد المباشر لأراضيهم ومواردهم.
تصاعد التوغل منذ 2022
منذ 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، بدأت القوات الإسرائيلية بشق طريق شمال محافظة القنيطرة بالقرب من بلدتي حضر وجباثا الخشب، وأطلقت عليه اسم "سوفا 53" (أي العاصفة بالعربية). ورغم بطء العمل في البداية، فإن إسرائيل كثّفت توغلها عقب انهيار سيطرة النظام السوري على المنطقة، مما سمح لها بإنشاء قواعد عسكرية جديدة والتمركز بالقرب من البلدات والقرى داخل المنطقة منزوعة السلاح.
القنيطرة والمنطقة منزوعة السلاح
تمركزت إسرائيل في مواقع استراتيجية داخل القنيطرة والمنطقة العازلة، وأهم هذه القواعد: قمة جبل الشيخ وقرص النفل في بلدة حضر، قاعدة غربي بلدة جباثا الخشب، قاعدة الحميدية وقاعدة العدنانية، قاعدة تل أحمر غربي بلدة كودنة وقاعدة الجزيرة في ريف درعا الغربي.
أثناء بناء هذه القواعد، توغلت إسرائيل داخل الأراضي السورية لمسافة تصل إلى 5 كيلومترات من السياج الحدودي، ومنعت الأهالي من الاقتراب من أراضيهم الزراعية، مما أدى إلى انتهاكات مباشرة لحقوقهم وأمنهم المعيشي.
شق الطرق
إلى جانب إنشاء القواعد، عملت إسرائيل على شق طرق استراتيجية لربط مواقعها العسكرية، ومن بينها: طريق عين التينة – بلدة حضر الدرزية، طريق في حرش جباثا الخشب، وطرق تمتد على طول المنطقة منزوعة السلاح من شمال القنيطرة حتى جنوبها، مع إقامة سواتر ترابية وحفر خنادق.
إضافة إلى الطريق الغربي لسد المنطرة، وهو أحد أكبر السدود المائية في جنوب سوريا، حيث أنذرت إسرائيل السكان بعدم الاقتراب، مما أثار مخاوف حول نواياها في السيطرة على الموارد المائية.
كذلك طريق جنوب القنيطرة من تلة الجلع داخل الجولان المحتل باتجاه سرية الدرعيات الاستراتيجية، وهي نقطة عسكرية مرتفعة تُشرف على ريف القنيطرة الجنوبي وريف درعا الغربي. وطريق غربي بلدة الرفيد.
التأثير على السكان والبيئة
لم تقتصر التوغلات الإسرائيلية على الجانب العسكري، بل تسببت في تدمير واسع للأراضي الزراعية، حيث قامت بتجريف آلاف الأشجار في حرش كودنة، إضافة إلى تدمير مساحات زراعية أخرى خلال شق الطرق. كما أن الدوريات العسكرية الإسرائيلية تستخدم هذه الطرق يومياً، لتنفيذ عمليات توغل متكررة في القنيطرة وريف درعا الغربي، مما يزيد من الضغط على الأهالي ويفرض واقعاً أمنياً صعباً عليهم.
الموارد المائية
إحدى أخطر التطورات الأخيرة كانت الإنذارات التي وجهتها القوات الإسرائيلية للسكان بعدم الاقتراب من سد المنطرة، مما يزيد المخاوف من أن إسرائيل تسعى إلى فرض سيطرتها على الموارد المائية في المنطقة، وهو ما قد يشكل تهديداً إضافياً للأهالي الذين يعتمدون على هذه المياه في حياتهم اليومية والزراعة.
تمثل التوغلات الإسرائيلية في القنيطرة وريف درعا الغربي تصعيداً مستمراً يهدف إلى توسيع نفوذها العسكري داخل المنطقة منزوعة السلاح. وبينما تواصل إسرائيل تعزيز بنيتها التحتية العسكرية، فإن السكان المحليين يعانون من تدمير أراضيهم، والتضييق على تحركاتهم، وتهديد مواردهم المائية. في ظل غياب أي ردع دولي واضح، تبقى القنيطرة ساحة مفتوحة أمام التوسع الإسرائيلي الذي يعيد رسم معالم المنطقة أمنياً وجغرافياً.