توسّعت خلال الساعات الماضية رقعة الاحتجاجات الشعبية في مناطق مختلفة من سوريا، تنديداً بالغارات الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت محافظة درعا ومطار حماة العسكري.
التحركات التي اتخذت طابعاً سلمياً، ترافقت مع إدانات عربية ودولية، وسط غياب شبه تام لأي رد فعل غربي مباشر.
تضامن شعبي
في العاصمة دمشق، تجمع محتجون في ساحة الأمويين، رفعوا لافتات ضد "العدوان الإسرائيلي"، وطالبوا بتحرك أممي لوقف الانتهاكات. مشاهد مماثلة تكررت في معضمية الشام، مصياف، وتلبيسة، حيث عبرت الفعاليات المحلية عن "رفضها للاستباحة المتكررة للسيادة الوطنية".
أما جنوباً، فشهدت مدن درعا، الحراك وقرفا، وقفات لافتة للانتباه شارك فيها ناشطون ووجهاء عشائريون. وفي السويداء، نظّمت وقفة في ساحة الكرامة بدعوات مدنية وشبابية، أكدت على وحدة المصير الوطني.
في منبج، خرجت وقفة احتجاجية ضمت أعداداً من الأهالي والناشطين وتضمنت خطابات شعبية. وفي حماة نظمت وقفة أمام مبنى البريد احتجاجاً على تدمير مرافق مطار المدينة العسكري. وفي مخيمات خان دنون والنيرب، عبّر اللاجئون الفلسطينيون عن تضامنهم مع الجنوب السوري، مؤكدين أن "ما يجري في درعا يتقاطع مع ما تتعرض له غزة من عدوان مستمر".
إدانات عربية.. وأخرى غائبة
في 3 نيسان/أبريل، أصدرت السعودية وقطر والكويت ومصر بيانات إدانة شديدة اللهجة.
ووصفت الخارجية السعودية الغارات بـ"الانتهاك الصارخ لميثاق الأمم المتحدة"، بينما قالت قطر إن القصف "يقوّض الاستقرار الإقليمي".
من جهتها، أكدت مصر أن "استهداف المطارات يمثل تصعيداً لا يمكن تجاهله".
بدورها، أدانت رابطة العالم الإسلامي الغارات، معتبرة أنها "تشكل استفزازاً واضحاً للشعوب الإسلامية".
في المقابل، خيّم الصمت على العواصم الغربية، بما فيها واشنطن وباريس ولندن. غياب المواقف الرسمية أثار تساؤلات وانتقادات شعبية، خصوصاً مع استهداف منشآت عسكرية ومدنية سورية من دون أي غطاء قانوني.
الأمم المتحدة: قلق.. بلا إدانة
وأعرب مكتب الأمين العام للأمم المتحدة عن "قلقه البالغ من التصعيد العسكري في سوريا"، داعياً إلى ضبط النفس واحترام السيادة السورية. لكن البيان الأممي لم يتضمن أي إدانة صريحة للغارات، ما يُظهر تحفظاً دولياً تقليدياً عند التعامل مع العمليات الإسرائيلية في سوريا.
أنقرة تحذّر: لا رغبة بمواجهة مباشرة
في تطور لافت، أصدرت الخارجية التركية بياناً أكدت فيه أن أنقرة "لا ترغب في مواجهة مباشرة مع إسرائيل داخل سوريا"، لكنها حذرت من استهداف مواقع "مرتبطة بمصالحها الأمنية". وكانت مصادر صحافية قد أشارت إلى أن بعض المستودعات التي قصفت في مطار حماة كانت مخصصة لدعم لوجستي مرتبط بالتنسيق التركي في مناطق الشمال السوري.
ماذا جرى في حماة ودرعا؟
يذكر أن الطيران الحربي الإسرائيلي نفذ سلسلة غارات فجر الثلاثاء الماضي، طالت خمس مناطق سورية خلال 30 دقيقة، وكانت أبرز المواقع المستهدفة مطار حماة ومطار t4 العسكري، الذي تعرّض إلى تدمير شبه كامل، وفق بيان رسمي للخارجية السورية.
كما استهدفت الغارات الإسرائيلية بلدة كويا في ريف درعا الغربي، بالإضافة إلى محيط بلدة نوى، حيث وقعت اشتباكات محدودة بين قوات الاحتلال التي توغلت قرب أطراف المدينة، ومجموعات محلية مسلّحة من أبناء المنطقة حاولت التصدي للتوغل. وأسفرت المواجهات والغارات عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين.
ووصفت وزارة الدفاع السورية وقتها العملية بـ"العدوان المنظم"، معتبرة أن الغرض منها هو "تقويض منظومات الحماية والدفاع في الجنوب السوري، وخلق فراغ أمني يُستغل لتمرير أجندات خارجية".
ويعيد التصعيد في درعا إلى الواجهة احتمالات توسيع دائرة الاستهداف الإسرائيلي داخل الأراضي السورية. ومع غياب موقف دولي حازم، تتعاظم مخاوف الأهالي من أن تتحول مدينتهم مجدداً إلى ساحة تصفية حسابات إقليمي.