العراقيل المالية وتحديات الإعمار: حزب الله في قلب الأزمة!
2025-02-19 16:25:55
رغم لومه وتحميله المسؤولية عن جرّ البلاد إلى الحرب، إلا أنّ اللبنانيين يتّجهون مُضطرّين إلى حزب الله، الذي لا تزال موارده المالية كبيرة، وذلك بهدف مُساعدتهم في إعادة بناء منازلهم المُدمّرة.بالمُقابل، تتصاعد مشاعر الغضب والاستياء كون أموال الحزب، وبسبب صعوبات الحصول عليها ونقلها، لا تكفي لإعادة الإعمار وتجديد المباني، وهي بالكاد تُساهم في استئجار شقق للمُتضرّرين، بينما يُعاني بعض سكان الجنوب من عدم تمكّنهم من توفير حتى ما يكفي من الطعام.وذكرت تقارير فرنسية أنّ الركاب القادمين من العراق يتعرّضون لعمليات تفتيش مُتزايدة في مطار بيروت الدولي وفق إجراءات صارمة تهدف إلى منع نقل الأموال الإيرانية إلى حزب الله عبر العراق، وذلك بعد أن تضررت الحركة الجوية بين طهران وبيروت في الأيّام الأخيرة بشدّة خوفاً من التهديدات الإسرائيلية إثر الاشتباه بتهريب ملايين الدولارات من إيران إلى الحزب الذي تدعمه في لبنان.وكشفت مصادر استخباراتية أنّ فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني يقوم بنقل أموال سراً إلى حزب الله عبر مطار بيروت الدولي في الأسابيع الأخيرة.ورغم إضعاف حزب الله بتصفية قياداته، بما في ذلك زعيمه حسن نصر الله، إلا أنّه بادر على الفور إلى تحريك شبكته التعاونية لمُساعدة الضحايا، بدعم إيراني مُتواصل. وفي أواخر كانون الثاني الماضي، أعلن الحزب أنّه دفع 400 مليون دولار إلى نحو 140 ألف شخص.وتُعتبر عملية إعادة إعمار المناطق المُدمّرة الواقعة في جنوب لبنان، في سهل البقاع وضواحي جنوب مدينة بيروت، تحدّياً كبيراً لحزب الله، الذي تضرّرت قاعدته الشعبية خلال 14 شهراً من الحرب، مما تسبب بـِ 4047 شهيداً و14655 جريحاً، بالإضافة لأكثر من مليون نازح، وحجم دمار غير مسبوق يتجاوز بأضعاف ما خلّفته حرب عام 2006.وكان البنك الدولي قد قدّر الأضرار المادية في جنوب لبنان بنحو 3.4 مليار دولار، وذلك قبل أيّام من دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ في 27 تشرين الثاني 2024.وفي ذات الوقت، قدّرت حينها مؤسسة جهاد البناء، التابعة لحزب الله والمسؤولة عن إعادة الإعمار، أن أكثر من 45 ألف منزل تمّ تدميره بالكامل في الضاحية الجنوبية لبيروت وحدها. أما عدد الوحدات السكنية التي تمّ تسجيلها مؤخراً بهدف إعادة بنائها أو ترميمها وتجديدها فقد بلغ 268.317 وحدة سكنية في 448 قرية وبلدة.واعتماداً على حجم الأضرار التي لحقت بالمباني والمنازل، يبلغ متوسط المبلغ المطلوب للمُساعدة 2860 دولاراً لكل حالة، بحدّ أقصى 14 ألف دولار، وهذا المبلغ لا يشمل إعادة الإعمار، بل إسكان الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من القصف.وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، تمكّن البعض من سحب أموال ترميم مساكنهم من القرض الحسن، المؤسسة المالية التابعة لحزب الله، والتي أعادت بشكل جزئي تشغيل فروعها التي قصفتها إسرائيل.وتعليقاً حول الطلبات الكثيرة من اللبنانين لإعادة إعمار بيوتهم، قال هيثم زيات، وهو مهندس مدني يُشرف على مناطق جنوب نهر الليطاني لصالح شركة "جهاد البناء": "نعمل في المساء وفي عطلات نهاية الأسبوع".ونقلت صحيفة "لو موند" الفرنسية شهادات عن بعض سكان جنوب لبنان، قولهم أنّ حزب الله أعطى بعضهم 8 آلاف دولار لاستئجار شقق سكنية، إلا أنّ آخرين أبدوا استيائهم من بطء تنفيذ التعويضات التي وعد بها الحزب لإعادة الإعمار.ويشعر ممثلو حزب الله بالارتباك من عدم القدرة على التصرّف والتعامل مع السكان الغاضبين، فالدمار واسع النطاق، والحزب لا يملك ما يكفي من المال. ويشتكي مُزارعون لبنانيون قائلين "لقد قاموا بتأجيل دفع الشيكات مرّتين".وتُعتبر مؤسسة جهاد البناء، ومؤسسة القرض الحسن، أكبر الجمعيات التي ترفع تقاريرها مباشرة إلى حزب الله، وتسعى مع جهات أخرى إلى تسريع عملية حصر الأضرار، وتقييم التكاليف، وتسديد التعويضات، إلا أنّ صعوبات وصول الأموال الإيرانية تُقيّد مساعيهم على نحوٍ كبير.
وكالات