2024- 05 - 11   |   بحث في الموقع  
logo مشيخة العقل: للتشدّد في تطبيق القوانين ومعاقبة المسيئين للأديان logo “حزب الله” يستهدف موقعا للعدو logo حمية قام بجولة على طرقات البقاع الغربي logo الرئيس السوري حدد 15 تموز المقبل موعداً لانتخابات أعضاء مجلس الشعب logo سيرة سوريّ عائد من لبنان إلى... أحضان الأسد logo إقفال محل غير شرعي في العدوسية logo جعجع: “برافو” للأمن العام logo ازدراء الأديان
أرمن وفلسطينيو البصّ والرشيدية: شجرة التوت وذاكرة النكبات
2024-04-28 10:25:47


"سيربوك" سيدة أرمنية، تعيش مع ولديها رافي وبوغوس في مخيم البص، على المدخل الشمالي لمدينة صور، التي نزل في مينائها، قبل 85 عاماً، أعداد كبيرة من اللاجئين الأرمن، في مطلع الحرب العالمية الثانية (1939).قبل 1971جاءت سيربوك طوكميان عروساً من منطقة الفنار، إلى منزلها الزوجي، في مخيم البص، الذي أسس أوائل أربعينيات القرن الماضي، مع جاره مخيم الرشيدية، التابعين إدارياً وجغرافياً لمدينة صور، وصارا لاحقاً مخيمين للاجئين الفلسطينيين، بعد نكبة 1948، ونكسة العام 1969، واللذين جمعهما التهجير قسراً، من بلديهما، أرمينيا وفلسطين، وأيضاً المعاناة والمآسي والقتل المتواصل في فلسطين.
البص والرشيدية، اللذان كانا متحدين كامتداد جغرافي واحد، قبل العام 1971، وهو تاريخ التنقيب والكشف عن الآثار، التي كانت مطمورة بكثبان الرمل، وهي حالياً، منطقة الملعب الروماني والمدرجات وقوس النصر، المعروفة بالآثار البرية.. غرس الأرمن فيهما مئات أشجار التوت في حواكير منازلهم، التي ورثها فيما بعد اللاجئون الفلسطينيون، فزرعوا كميات إضافية منها، أمام باحات البيوت، التي سكنوها بدلاً من الأرمن ومساحات أخرى بنوا فيها منازل وأبنية جديدة، حتى أضحى المخيم يضم حوالى ثمانية آلاف شخص، في بقعة جغرافية ضيقة جداً، يتوسطها مستشفى صور الحكومي وكنيسة الأرمن.آخر الأرمنتعيش سيربوك، بعد فقد زوجها، جوني أطاميان، قبل حوالى خمس سنوات، وقبله شقيق زوجها المختار رافي أطاميان، في العام 2005، حياة هادئة، بعيدة نسبياً عن صخب المخيم، بعدما اعتادت على هذا النمط منذ 42 عاماً. أما ولداها رافي وبوغوس، فيعشقان استمرار حياتهما في المخيم، رغم مغادرة آلاف الأرمن، إلى مناطق برج حمود وعنجر وخارج لبنان، في حين يحتفظ غالبيتهم، بأسمائهم على لوائح الشطب، في سجلات البص تحديداً والرشيدية، فيما بقيت أشجار التوت المعمرة، تحاكي حقبة من تاريخ وجودهم في المنطقة، عملوا في خلالها في قطاعات الزراعة (البطاطا الحلوة) وغيرها من المهن والحرف.
بدأت هجرة الأرمن من كيليكيا في تركيا إلى صور، مع بدايات الحرب العالمية الثانية عام 1939 حيث لجأ إليها بواسطة السفن نحو 1800 فرد من أعمار مختلفة. ولحظة وصولهم إلى ميناء صور، تم نقل هؤلاء إلى المراكز الحكومية وخانات صور القديمة ومخازن وقف الكاثوليك ومراكز الأوقاف الدينية الأخرى.
ويذكر المرحوم المختار رافي أطاميان، في حديث منشور في كتاب "مصابيح الذاكرة، وجوه الرحلة ومطارحها"، أنه لم تمضِ سنة حتى تأمنت منازل للعائلات الأرمنية، أقيمت على أراضٍ تابعة لخزينة الدولة اللبنانية في البص، على مدخل صور الشرقي، والرشيدية على شاطىء المدينة الجنوبي، بمعدل غرفة ومطبخ وحمام لكل عائلة، وتم سقفها بالاسمنت "جملون"، ودفعت آنذاك ثمن هذه المنازل الجمعية الخيرية الأرمنية، وهناك إيصالات لا تزال موجودة صادرة عن بنك سوريا ولبنان."نوبارفان"ويتذكر أطاميان، الذي نافسه على المخترة وفاز فيها، العام 2004، إبن قاديثا الفلسطينية، الذي يحمل الجنسية اللبنانية، المختار سعيد دقور، أن الأرمن استمروا في عملهم الزراعي حتى العام 1983، حيث كانت تقيم في البص 239 عائلة أرمنية مسجلة في نفوس صور و190 عائلة في الرشيدية. وكان يطلق على البص "نوبارفان" نسبة إلى المتبرع الأكبر في الجمعية نوبار باشا. ومن هذه العائلات، ميناسيان وديمرجيان وكوستنيان وأطاميان، مشيرًا إلى أن نسبة كبيرة من العائلات كانت تذهب إلى بيروت للعمل العام 1948، نتيجة عدم وجود فرص عمل في المنطقة. وكانت "العائلات" تأتي إلى منازلها أيام العطل. وتزامن ذلك مع تهجير الفلسطينيين. فجاءت عائلات من حيفا، وغالبيتها من المسيحيين وسكنت في منازل الأرمن. لكنها لم تستمر طويلًا في المخيم نتيجة نمط عيشها. فغادرت المنطقة وسلمت المنازل إلى عائلات مهجرة من الجليل. وفي ثورة العام 1958 التي كان زخمها في صور، غادرت عائلات أخرى إلى برج حمود، وتبعتها هجرة ثانية بداية الحرب عام 1975، ولم يبق إلى اليوم سوى ثلاثة أفراد في البص.
ويقول أطاميان إنه سُجل في الانتخابات النيابية العام 1992 اقتراع 130 أرمنيًاً، قدموا معظمهم من بيروت. وفي العام ألفين لم يتجاوز العدد خمسين مقترعاً. لكن ما بين 700 إلى 800 أرمني حضروا للمشاركة في الانتخابات البلدية والاختيارية سنة 1998 فانتخبوا المختار "أطاميان.ويؤكد المختار دقور لـ"المدن"، أن عدد الأرمن اللبنانيين على لوائح الشطب في البص- الرشيدية يزيد على 1500 غالبيتهم في البص، إلى جانب أكثر من 300 ناخب من اللبنانيين. لكن واقعياً لم يعد يوجد في المنطقة سوى عائلة أرمنية واحدة، مؤلفة من ثلاثة أفراد يعيشون بسلام مع جيرانهم الفلسطينيين.التوت من الأرمن إلى الفلسطينيينيهل موسم التوت، الذي غرسه الأرمن، تزامناً مع ذكرى الإبادة الأرمنية واستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وجنوب لبنان، فيبدأ الفلسطينيون، ممن تبقى في دورهم أشجار توت عملاقة، أصبحت علامة فارقة في المخيم، بجني محصولهم، من التوت الشامي، ذات اللونين الأحمر والأبيض، فيأتي تجار من ضاحية بيروت إلى البص، لشراء الإنتاج، بعد توضيبه بعلب بلاستيكية شفافة. وذلك على مدى حوالى أربعين يوماً. كما أن بعض أبناء التجمعات الفلسطينية يشترون جزءاً من هذا المحصول لبيعه في مدينة صور.
ويقول اللاجيء الفلسطيني حسين زيداني (62 عاماً) الذي تغطي أشجار التوت ساحة منزله في المخيم، إنه وُلد وأمام عينيه أشجار التوت، "التي تكبر وتدر علينا رزقاً وفيراً في كل موسم". والحال نفسه بالنسبة لجاره علي عاطف فارس (72 عاماً)، الذي ينشغل طيلة الموسم بقطف المحصول.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top