رحم الله الشاعر الفلسطيني أحمد دحبور الذي كتب:
"ما الذي كان أبي يخشاه حتى ارتكبت أخطاؤه فعل السنونو؟
ليته قال: اذبحوا طفلي،
ولم يرحل".
في لقاء أمس على فضائية الجزيرة، شجع المؤرخ الاسرائيلي مردخاي أفيدار، المدرس في جامعة بار إيلان، أهل غزة إلى الرحيل إلى سيناء حتى يتجنبوا قصف الطائرات الإسرائيلية لهم وقتلهم.
المذيع الذي استضافه وسأله عما يجري هو محمد كريشان ورد عليه الناشط مصطفى البرغوثي.
وقبل أن أصغي إلى اللقاء قرأت في وسائل التواصل الاجتماعي أن الطائرات الإسرائيلية ألقت على سكان بعض المناطق في غزة منشورات تحثهم فيها على مغادرة منازلهم والتوجه إلى الجنوب - أي مصر.
وجهة نظر المؤرخ أفيدار أن الهجرة مؤقتة حتى تجتث إسرائيل حركة حماس التي نعتها بداعش.
في العام ١٩٤٨ طُلب من أهلنا أن يتركوا بيوتهم لمدة أسبوع، حتى تخوض الجيوش العربية حرب التحرير، وبعده - أي الأسبوع - يعودون، وطال الأسبوع ولم ينته.
لعل ما يستحق الكتابة عنه الآن هو ندم الفلسطينيين اللاجئين بالهجرة واللجوء في العام ١٩٤٨.
هل ما ألم باللاجئين في المنافي كان أكثر أمنا؟ صحيح أن ما يجري في غزة الآن هو الجنون بعينه، لكن الموت أفضل ألف مرة من تكرار اللجوء.
لعل ما يستحق أن يتذكر في هذه الأيام الصعبة هو كتابات الأدباء الفلسطينيين عن قسوة المنفى وشهادات اللاجئين عما ألم بهم في المنافي.
لعل رب اليهود يستريح في اليوم السابع فيخف القصف قليلاً، ولعل شهادات المرأة اليهودية التي أطلق سراحها مع طفليها، وتلك التي دخل المقاومون الفلسطينيون إلى بيتها في المستوطنة فلم يقتلوها وغادروا بيتها دون أن يلحقوا بها أذى، لعل شهادتيهما تتركان أثراً في قلوب الطيارين الإسرائيليين فلا يقصفون الأحياء السكنية ولكن..
عبثا تطلب الرحمة ممن قلوبهم أقسى من الحجارة، إن كانت لهم قلوب، لأنه لو كان لهم لما حدث ما حدث في العام ١٩٤٨.
في كتابه "الفلسطينيون المنسيون: تاريخ فلسطينيي ١٩٤٨" يكتب المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه عن المستوطنين الأوائل: "وفي معظم الحالات وفر السكان الفلسطينيون لأولئك القادمين الجدد بعض وسائل الراحة من مبيت وطعام، ولم يكتفوا بذلك بل قدموا لهم أيضا النصائح في مسائل الزراعة والحراثة... لم يقابل المستوطنون تلك المعاملة الكريمة بالمثل، ففي المساء، أي وقت انصرافهم لكتابة مدوناتهم الأولى في دفاتر يومياتهم على ضوء الشموع، أشاروا إلى المواطنين الفلسطينيين كغرباء يجولون في الأرض التي هي ملك للشعب اليهودي..."(صفحة ١١ و ١٢)
(*) مدونة نشرها الكاتب الفلسطيني عادل الأسطة في صفحتة الفايسبوكية