مع أنّه من المبكر جدّاً الحديث عن احتمال أنْ تؤدّي الخلافات بين القوى السّياسية والكتل النيابية، أو أيّ سبب آخر، الى تأجيل الإنتخابات النيابيّة المرتقبة في شهر أيّار المقبل، فإنّ مجرد الحديث عن هذا الإحتمال من قِبل قوى سياسية أساسية في البلاد ينبغي عدم تجاهله وأنْ يؤخذ بعين الإعتبار.
فيوم أمس أطلّ أمين سرّ كتلة “اللقاء الديمقراطي” النائب هادي أبو الحسن، في مقابلة تلفزيونية، ليبدي الخوف من إرتباط قانون إقتراع المغتربين بتطيير الإنتخابات، مشيراً إلى أنّه “إذا ذهبنا إلى الحكومة ووقع خلاف، ولم تصدر المراسيم التطبيقية، فسنكون أمام خطر تأجيل الإنتخابات”، مضيفاً: “هذا ما نحذّر منه، فالأولوية يجب أن تكون لإجراء الإنتخابات، ونتمنى أن يتم التعديل”.
كلام أبو الحسن كان أوّل إشارة تصدر عن قوى سياسية مؤثرة وتسير في اتجاهين: الأوّل يتعلق بالخلاف الذي نشب مؤخّراً بين كتل نيابية حول اقتراع المغتربين، بين مؤيّد له وآخر يعمل على تعديله؛ والثاني أن يؤدّي هذه الخلاف إذا لم يتم إيجاد حلّ له خلال الأشهر العشرة المقبلة، إلى تأجيل الإستحقاق النيابي إلى أجل ليس معلوماً إلى متى.
هذا الخلاف برز بقوّة يوم الإثنين الماضي عندما اعترض نوّاب القوّات اللبنانية والكتائب وبعض التغييريين على عدم وضع إقتراح القانون المُعجّل المُكرّر المتعلق باقتراح المغتربين على جدول أعمال الجلسة التشريعية التي عقدت يومذاك، أعقبه سجال واسع وتبادل إتهامات بين مؤيّدين له ومتحفظين عليه.
واللافت في السّجال أنّه اتخذ طابعاً سياسياً أحدث إنقساماً يُنتظر أن يتسع مستقبلاً، خصوصاً بعدما أعلن الداعمون لاقتراح القانون المذكور بأنّه يهدف برأيّهم إلى كسر الآحادية ضمن الطائفة الشيعية المتمثلة في ثنائي حزب الله وحركة أمل، كما عبّر عن ذلك مؤخّراً رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، وبعدما كشفت دراسة أنجزتها “الدولية لللمعلومات” أنّ التعديل المقترح على اقتراع المغتربين، كما يرغب الداعمون له وتمسكهم باقتراع المغتربين للنواب الـ128 كما حصل في انتخابات 2022، وليس تخصيص 6 مقاعد لهم موزّعة على القّارات الستّ وفق القانون الحالي، سيؤدّي في حال لم يُؤخّذ به إلى خسارة ستة نواب تغييرين حُكماً لمقاعدهم النيابية، أيّ نحو نصفهم تقريباً، لو استبعدت أصوات المغتربين، إلى جانب خسارة نواب آخرين ينتمون لقوى وأحزاب سياسية.
وليس خافياً أنّ الإعتراض على اقتراح التعديل المذكور يأتي بشكل رئيسي من ثنائي حزب الله وحركة أمل إلى جانب الجماعة الإسلامية وتيّارات يسارية ومتشدّدة وسواها، لأنّها ستجد نفسها ممنوعة من تنظيم أيّ حملات إنتخابية لها في بلاد الإنتشار، وتحديداً دول الخليج ودول عربية أخرى والولايات المتحدة وأوروبا وأوستراليا وغيرها، بسبب حظر هذه الدول لأنظمة هذه الأحزاب والقوى، ما ينسف كليّاً مبدأ تكافؤ الفرص بين مرشحي هذه الأحزاب والقوى في الخارج.
كيف سيكون المخرج من هذه الأزمة؟ لا يوجد أيّ مخرج واضح حتى الآن، لكن ما كشفه النائب أبو الحسن أمس يعطي إشارات واضحة إلى ما ينتظر الإستحقاق النيابي المقبل من عقبات قد يؤدي عدم تجاوزها إلى تطيير الإنتخابات النيابيّة.