خاص tayyar.org -

تحفل الكواليس السياسية والديبلوماسية بوابل من التندّر والأسى حيال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وأداء ماكينته السياسية والإعلامية، نتيجة الكمّ الهائل من التناقضات والأخطاء التي يقع فيها في الآونة الأخيرة. وثمة قناعة بأن الرجل غارق في توتر غالب على سماته وتصرفاته، معطوف على حالات من الحرج تعتريه كلما وجد نفسه مضطرا للانقلاب على الذات أو على قرار اتخذه ثم أجبره راعيه السياسي على العودة عنه.

آخر دواعي الحرج افتعال ميقاتي (من وجهته الترفيهية خارج لبنان حيث يمضي نقاهته من تعب السنة الفائتة!) الاشتباك الكهربائي مع التيار الوطني الحر بمفعول رجعي. ذلك أن رده المتأخّر على كلام أدلت به النائبة ندى البستاني قبل ٣ أيام أتى مليئا بالتحامل الشخصي والحقد والنميمة، متوسلا عبارات غير سوية أو قويمة، عدا عن أنه حمل من الكذب الموصوف ما دفع كثرا من المراقبين الى التساؤل عن مدى أهلية ماكينته السياسية والإعلامية. إذ إن استخدامه ما وصفها بالوثيقة للزعم بوصاية البستاني والتيار على وزارة الطاقة والإساءة الموصوفة للوزير وليد فياض، سقط سقوطا مريعا بعدما تبيّن أن وثيقة بيان ميقاتي تعود الى سنة ٢٠١٩، مهرتها يومها البستاني بتوقيعها بصفتها وزيرة للطاقة، وأعاد فياض إحياءها باجراء إداري بحت بعدما وجد أنها لا تزال دفينة جوارير رئاسة الحكومة رغم مرور ٤ سنوات. والمراسلة أصلا لا تمت الى ملف الكهرباء بصلة، وهو كان موضع رد ميقاتي على البستاني.

يتبيّن من كل ذلك أن رئيس حكومة تصريف الأعمال تعمّد افتعال السجال الأخير تنفيذا لقرار يتخطاه بابقاء التوتر السياسي على حاله كمن الباب الحكومي:

١- رغبة في ابتزاز اللبنانيين بحاجتهم الى الكهرباء لاستخدام تلك الحاجة الملحة كداع طارئ لانعقاد جلسة ثانية لحكومة الفراغ الرئاسي.
٢-وللتمويه على فشل مجلس النواب في انتخاب رئيس جديد، خصوصا بعدما زادت وتيرة الانتقاد المباشر للمجلس وتحميله مسؤولية الفراغ الرئاسي المقصود.

كما يتبيّن أن افتعال السجال يعود الى محاولة ميقاتي وراعيه السياسي التغطية على فضيحة التراجع عن وعد الـ١٠ ساعات كهرباء الذي سبق أن التزم به شخصيا، وبشّر به رئيس ماكينته السياسية والإعلامية الوزير السابق نقولا نحاس، ثم عاد ونقضه بحجة رفضه السلفة الكهربائية التي طلبها وزير الطاقة لتنفيذ خطة الطوارئ التي أقرتها حكومة ميقاتي بالإجماع.

وكانت الماكينة الإعلامية والسياسية لميقاتي قد مهّدت لقرار انقلابه على خطة الـ١٠ ساعات كهرباء عبر التصويب على السلفة وتصويرها على أنها مطلب للتيار في سياق هدره أموال المودعين (كذا!)، وأن ميقاتي لن يقبل بها انطلاقا من حرصه على هؤلاء المودعين (كذا!).

وواكب وزير المال يوسف خليل هذا الإدّعاء الميقاتيّ برفضه السير بمعاملة تأمين التمويل للفيول بذريعة الحاجة الى قرار صادر عن الحكومة، خلافا لما سبق لميقاتي أن اعلنه في ١٢ تشرين الثاني الفائت إثر لقائه برئيس مجلس النواب نبيه بري. يومها قال ميقاتي خارجا من اللقاء: "إتفقنا على صيغة". وهي صيغة لا تحتاج الى قرار من الحكومة، بل اجراءات إدارية بين وزارتي الطاقة والمال ومصرف لبنان بإشراف رئاسة الحكومة، من شأنها أن تؤمن التمويل اللازم عبر سلفة خزينة تعيدها مؤسسة كهرباء لبنان من عائدات الفواتير المحصَّلة من المشتركين وفق التعرفة الجديدة.