بالأمس ودّعنا بحرقة في سمار جبيل صباح الصرّاف باسيل، بعد أقل من أسبوعين على رحيل رفيق عمرها،
امرآة مناضلة مكافحة يعرفها الجيلان الأول والثاني للنضال في التيار الوطني الحر، وقد لا يعرفها العديد من جيل اليوم...
حين كان لإبداء الرأي والموقف في مواجهة السيطرة السورية ومنظومة الطائف ثمن هو الإعتقال في السجون لعشرات الأيام والتعذيب والمطاردة، ربّت صباح عائلتها الكبيرة، بيار وجان وبول وبديع ودنيا على الولاء للبنان والفكر الوطني وتقديم الثمن لوطن ونموذج للحريات يستحق التضحية، لأنه ليس فندقاً نتركه عندما تسوء الخدمة.
في اعتقالات العام 2000 وخلال وبعد قمع تظاهرة المتحف، اعتُقل ثلاثة من أبنائها، تباعاً بسبب التحركات المتتابعة. يعتقل واحد فيتبعه الثاني متظاهراً لإخلاء سبيله، وهكذا...
لم تخَفْ عليهم ولم تنزوِ على نفسها خائفة مرتعدة، بل أبدت استعدادها للدخول معهم إلى السجن، راكضة في المخافر ومراكز التوقيف دعماً لهم.
في تحقيق صحافي نشرْتُه في صحيفة "البلد" في 7 آب 2004 في الذكرى الثالثة للإعتقالات الشهيرة، تحت عنوان "أبناء يرثون آباءهم الخائفين ونسب السياسة السلطاني"، كتبتُ عنها في فقرة "نموذج مغاير"، التالي:
"تشكل صباح باسيل مثالاً مختلفاً عن الأهل الذين يرغبون في تخلي أبنائهم عن العمل السياسي، إذ وقفت دائماً إلى جانب أبنائها داعمة ومشجعة لهم ولخياراتهم، من دون أن تتخلى عن عاطفة الأم وخوفها على أولادها، فجمعت بين العاطفة الطبيعية وعقلانية التفكير.
سجّل أبناؤها أرقاماً قياسية في الإعتقالات منذ بدء التحركات الطالبية في التسعينات. ومن بين حالات التوقيف الكثيرة سُجن ثلاثة من أبنائها في نيسان 2000 واحداً تلو الآخر. وفي 7 آب 2001 كان اثنان منهم في عداد الموقوفين.
ورغم الأثمان التي دفعوها لم تطلب منهم مرة الإبتعاد عن "السياسة" ولم يسمعوا منها كلمات مثل "شو بدنا بهالشغلة"، لا بل كانت تتقدمهم في العمل السياسي.
لا تجاري صباح باسيل الناس الذين يزورونها ويدعون إلى الإهتمام بالمصلحة الشخصية، فتنتقد عقليتهم وذهنيتهم، وأكثر ما يؤلمها كلمة "حرام" عند الحديث عن اعتقال أحد أبنائها".
اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار
طباعة المقال
ارسل إلى صديق
اضافة إلى المفضلة
حفظ الموضوع