2024- 05 - 14   |   بحث في الموقع  
logo مقدمات نشرات الاخبار logo "لحظة حرجة"... بلينكن: نعمل على تقريب أوكرانيا من الناتو logo وثائق تكشف خطة "حماس" لإنشاء قاعدة سرية لها في تركيا logo ماكرون "مصدوم" من هجوم كوماندوس على شرطة تقل زعيمهم (فيديو) logo أمران يخيفان حزب الله…وخشية من هذا الفخ! logo الحشيمي يتحدث عن موضوع يؤدي إلى "كارثة"! logo قرار جديد بشأن قضية شادن فقيه... اليكم التفاصيل! logo الأمن العام يقفل معملا يستثمره سوري
هل العقوبات سلاح ناجح؟
2022-08-29 07:56:04

بعد 6 شهور على اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا، وما رافقتها من أزمة طاقة وارتفاع في الأسعار على مستوى العالم، تحضر مراجعات لمقاربة الأطراف المتحاربة، أكان روسيا وأوكرانيا، أو الدول الداعمة أو الصديقة. علاوة على الاستراتيجيات العسكرية والسياسية الحاضرة دوماً، تُطرح أسئلة عن السلاح الأكثر استخداماً منذ بدء الحرب: العقوبات الاقتصادية والمالية. "ذي ايكونومست" على سبيل المثال طرحت في عنوان غلافها هذا الأسبوع السؤال:"هل تنجح العقوبات على روسيا؟". طبعاً الإجابة معقدة والمنحى سلبي غالباً، لكن موضوع الغلاف في المجلة يُلقي الضوء ليس فقط على عدم انهيار الاقتصاد الروسي، بل كذلك على الأثر التسلسلي للعقوبات.
بيد أن العقوبات على روسيا رفعت أسعار النفط، وانعكست بنسب تضخم مرتفعة في الغرب، علاوة على الاعتماد المتزايد لموسكو على الصين. والدروس المستفادة من العقوبات هي مرتبطة كذلك بالصين، إذ أنها لو غزت تايوان وتعرضت لعقوبات غربية، بالإمكان حرمانها من احتياطي هائل يبلغ 3 ترليونات دولار، وحصار مصارفها، ولكن من الصعب أن ينهار اقتصادها. "وكذلك بإمكان حكومة بكين أن ترد بحرمان الغرب من الالكترونيات والبطاريات والأدوية، وبأن تجعل رفوف "وولمارت" فارغة بما يُؤدي الى فوضى. وبما أن دولاً أكثر تعتمد على الصين كشريك تجاري، من الولايات المتحدة، سيكون من الصعب فرض حظر عالمي عليها". وهذا مفهوم، ومن مفاعيل نمو الاقتصاد الصيني وتقليص الفارق بينه وبين الاقتصاد الاميركي.
وهذا الوضع يستوجب طرح السؤال الآتي: هل العقوبات سلاح ناجح في تحقيق أهدافه؟
بعد درس الأهداف المعلنة والنتائج منذ بدء العقوبات في النظام الدولي نهاية الحرب العالمية الأولى في القرن الماضي، الإجابة هي كلا. وفقاً لكتاب "السلاح الاقتصادي" لنيكولاس مولدر (جامعة يال، 2022)، معظم العقوبات الاقتصادية لا تؤتي نتائجها، و"في القرن العشرين، فقط واحدة من أصل 3 عقوبات كانت ناجحة جزئياً على الأقل". عملياً، واحدة من ثلاث عقوبات قد تنجح جزئياً أو بشكل كامل، لكن ذلك لا يحول دون استخدامها، على الأقل بالشكل المفرط القائم حالياً، ومع أن ضحاياها كثيرون.
لا بل إن استخدام العقوبات، وفقاً لمولدر، يتصاعد. تضاعفت العقوبات مرتين في تسعينات القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الثانية مقارنة باستخدامها في خمسينات وستينات القرن الماضي. وفي العقد الثاني من الألفية الثانية (تضاعف كذلك). وفيما تضاعف استخدام العقوبات، تضاءلت كذلك فرص نجاحها بالوقت ذاته، من 35-40 بالمئة في الفترة 1985-1995 الى أقل من عشرين بالمئة في حلول عام 2016. ترتفع نسبة العقوبات رغم عدم فاعليتها، وفي ظل معاناة السكان الأكثر عرضة كما حصل في ليبيا والعراق خلال ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.
على سبيل المثال، فرض الرؤساء الاميركيون السابقون جورج بوش الابن وباراك أوباما ودونالد ترامب 7500 عقوبة وبشكل تصاعدي (بوش الابن فرض 1800 يليه أوباما بألفين وترامب ب3700)، كما ورد في كتاب "العقوبات كحرب" (من تحرير ايمانويل دايفيس وستوارت نيس). في الكتاب ذاته، فصل عن رد الفعل على العقوبات ونتائجها غير المحسوبة، عدد منها مثلاً المحاولة الصينية لاطلاق عملة رقمية مدعومة بالذهب، بهدف منافسة الدولار الأميركي كعملة احتياطية. ومنها أيضاً سعي بعض الحلفاء (للولايات المتحدة وغيرها) الى الافادة من فرص التجارة مع الدول المستهدفة، ذاك أن الحصار المالي والاقتصادي يحصر التنافس ويُضعف الموقف التفاوضي على الجانب الآخر (لهذا السبب تشتري الصين النفط بأسعار أرخص من ايران وروسيا).
العقوبات في منطقتنا أظهرت أثراً بالغاً على الشعوب وزادت معاناتها على مستويات عدة، فيما نجت الأنظمة المستهدفة ولم ينهار أي منها. لكن الحرب الروسية على أوكرانيا أظهرت أثراً معاكساً، أكان لجهة تأثير العقوبات على اقتصادات الدول التي تفرضها، أو لناحية تعزيز موقع الصين كبديل اقتصادي ومالي.
يبقى السؤال عن البدائل. اذا كان سلاح العقوبات فاشلاً في تحقيق نتائجه، ومُكلفاً بارتداداته العكسية، فما هي البدائل المتاحة دون الحرب المباشرة والمستبعدة في العصر النووي؟
حتى إيجاد بديل آخر فاعل، الأرجح أن العقوبات والعزل المرافق لها ستتواصل، وبشكل تصاعدي.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top