يعود ملف ترسيم الحدود إلى الواجهة. ينتظر اللبنانيون تحقيق إيجابيات تتصل بإنجاز هذا الملف في الفترة القريبة المقبلة. لا يقتصر الأمر على ربط الترسيم بملف التفاوض النووي في فيينا والذي يحقق تقدّماً، لا سيما أن كل الأجواء تفيد بأن ما يجري حالياً هو تسويق لهذا الإتفاق وتحضير الأرضية لإبرامه. ما يعني أن انعكاساته ستطال الساحة اللبنانية كما الوضع في المنطقة. ومن هذا المنظور، يربط اللبنانيون هذا المسار، بالمعطيات الجديدة حول التقارب مع النظام السوري من قبل جهات متعددة. التحول الكبير بالنسبة إلى اللبنانيين يتجلى في المواقف التركية والتي جاءت على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حول التنسيق بين الدول قاصداً سوريا، وأنه لا يريد هزيمة نظام بشار الأسد من جراء تدخله في الشمال السوري.تجديد الرهانات ينظر اللبنانيون إلى ذلك بأنه تحول كبير، كما أنهم ينتظرون مثل هذه المواقف على صعيد بعض الدول العربية التي كانت تريد استعادة العلاقات مع النظام السوري ومن ثم تمت فرملة هذا المسار لا سيما في ظل قانون قيصر. وهناك توقعات لبنانية بأن تستعاد علاقات بعض الدول مع النظام السوري في المرحلة المقبلة كما هو الحال بالنسبة إلى المسار التركي. هذا الأمر يدفع الكثيرين إلى الذهاب نحو تجديد الرهانات على أي تأثير أو دور يمكن أن يلعبه النظام السوري على الساحة اللبنانية، علماً أنه تعرّض لضربة كبرى في الإنتخابات الأخيرة من خلال سقوط أبرز رموز التحالف معه والمحسوبين عليه، في مؤشر إلى تراجع تاثيره.صاحب القرار ترتكز وجهة النظرهذه، في جزء منها، على أن حزب الله هو صاحب القرار في هذا المحور لبنانياً. ولم يتمكن الحزب من توفير حظوظ الفوز لحلفائه الموالين لسوريا أو المحسوبين على نظامها، لأن كان لديه أولويتان، الأولى الحصول على 27 مقعداً شيعياً من أصل 27، والثانية رفع عدد نواب التيار الوطني الحرّ كي لا يتفوق عليه حزب القوات اللبنانية. ولانجاح هذه المعادلة لم يتمكن الحزب من توفير ظروف الفوز وفرصه لدى حلفاء النظام السوري.
يراهن حلفاء النظام على عودة تأثيره على الساحة اللبنانية انطلاقاً من الموقف التركي، وبالإستناد إلى موقف أميركي يرتبط بإعادة السعي لإطلاق سراح الصحافي الأميركي المختطف في سوريا أوستن تايس اعتقاداً منهم بأن إدارة الرئيس جو بايدن تسعى إلى تحقيق إنجاز قبل الإنتخابات النصفية إلى جانب الإتفاق النووي. ومن يراهن على مثل هذه المسارات، ربما يتوسع رهانه في مقاربة الإستحقاق الرئاسي فيحنّ إلى زمن كانت فيه دمشق مقرراً فيه وليس فقط مؤثرة. وهو أمر تستبعده غالبية القوى المعارضة للنظام.عرض جديد للبنان لا يمكن في ظل كل هذه التطورات تغييب ملف ترسيم الحدود، فهو الملف الحاضر الدائم والمرتبط بأي متغير جديد. الإعلام الإسرائيلي أعلن مجدداً عن معطيات تتناول تقديم عرض جديد إلى لبنان، مع التأكيد بأنه لا يمكن التنازل في مسألة استخراج الغاز من حقل كاريش. وعليه، ينتظر لبنان عودة هوكشتاين مع الإقتراح الإسرائيلي الذي يُحاط بتكتم كبير، ولكن وفق ما تقول مصادر متابعة فإن الإقتراح قد ينص على السماح للبنان بالتفاوض مع الشركات الدولية على البدء بالتنقيب. وفي هذا السياق تتحدث المعلومات عن حضور وفد من شركة توتال إلى بيروت في المرحلة المقبلة لوضع آلية البدء بالعمل، مقابل إستمرار الإسرائيليين بالعمل في كاريش، ومن دون توقيع الإتفاق مع تأجيله. ويتضمن الاقتراح ايضاً، صيغة تتحدث عن تثبيت الخط 23 كاملاً للبنان، مع تعهد اسرائيلي بأن تكون المخزونات في حقل قانا لصالح لبنان، وفيما كان الإسرائيليون قد اقترحوا سابقاً أن تمنح اسرائيل الموافقة لبواخر التنقيب عندما تريد الدخول إلى الحقل، رفض لبنان هذه الصيغة، معتمداً صيغة أخرى تنص على أن يتم إبلاغ اسرائيل بدخول البواخر للعمل وليس انتظار موافقتها أو منحها للإذن.