ألقت قوات الأمن القبض في الكويت على شاعر بارز بتهم إهانة حاكم البلاد ونشر "أخبار كاذبة"، حسبما قالت أسرته الأربعاء، ما أثار غضب ناشطين حقوقيين ونواب اعتبروا اعتقاله مؤشراً على تصعيد القمع الحكومي.
ونشر الشاعر جمال الساير في "تويتر" خلال الأسابيع الماضية انتقادات حادة لفساد الحكومة، كما نشر أشعاراً غنائية تنتقد الخلل والمحسوبية في الكويت. وفي واحدة من أكثر التغريدات سخونة، خاطب أمير الكويت مباشرة، وهاجم تواطؤ الحاكم على ما وصفه بالوضع الذي لا يحتمل في البلاد وانتهاكات الدستور، بحسب وكالة "أسوشييتد برس".ومنذ اعتقاله مساء الثلاثاء، ظل الساير محتجزاً لدى السلطات، بانتظار قرار المحكمة، وفقاً لما قاله ابن شقيقه النائب مهند الساير الذي انضم إليه في مكتب المدعي العام. وأشارت السلطات لتغريدات الشاعر عندما وجهت تهمتين إليه بالتشهير، وفقاً لمهند، فيما نقلت وسائل إعلام محلية أن الساير أنكر الاتهامات امام المحكمة. ولم ترد وزارة الإعلام الكويتية على الفور على طلب التعقيب. ورفض أيضاً مسؤول من وزارة الداخلية التعقيب على القضية.من جانبه، نقل "مركز الخليج لحقوق الإنسان" أن عملاء الأمن اقتحموا منزل الساير، واقتادوه في منتصف الليل. وأثارت أنباء المداهمة أيضاً غضباً واسعاً من كتاب ونواب وناشطين وسياسيين في الكويت، إذ يعتبرون الساير شاعراً وطنياً عرف بإسهاماته التي دارت حول وطنه وحبه له. حتى أن بعض المشرعين الموالين للحكومة أعربوا عن تضامنهم مع الساير، وانتقدوا قوات الأمن لاستخدامها تكتيكات قاسية ضد رجل في السبعينيات من عمره يتمتع بسمعة طيبة وتاريخ غير معروف في السياسة.وكان وسم #الحرية_لجمال_الساير من بين الوسوم الرائجة في وسائل التواصل الاجتماعي الكويتية. وقال النائب المعارض خالد العتيبي: "الكويت دولة دستورية... لن نقبل مثل هذه الممارسات القمعية، واستيراد تكتيكات الدول الشمولية وثقافة التكميم".والحال أن ما زاد من قلق المزيد المدافعين عن حقوق الإنسان، أن اعتقال الساير جاء بعد أشهر فقط من إقرار البرلمان تعديلاً للقانون الذي ألغى الحبس الاحتياطي للمعتقلين، بسبب التعبير عن آرائهم أو الإدلاء بتعليقات على الإنترنت، وفقاً للجريدة الرسمية للبلاد. واتسع نطاق القوانين الكويتية التي تجرّم الخطاب الذي يُعتبر مسيئاً للإسلام أو الأسرة الحاكمة منذ حملة التضييق الحكومية على وسائل التواصل الاجتماعي في أعقاب احتجاجات الربيع العربي العام 2011.إلى ذلك، تقول جماعات حقوقية أن السلطات التي تسعى إلى قمع المعارضة السياسية أصبحت تتمتع بصلاحيات متزايدة لاعتقال واستجواب الناشطين والكتاب والشخصيات السياسية بشأن منشوراتهم المثيرة للجدل على الإنترنت. وفي وقت سابق من هذا العام، طردت المحكمة الدستورية الكويتية النائب المعارض بدر الداهوم من البرلمان، مستشهدة بإدانة قديمة بـ"المس بالذات الأميرية".وكتب ابن شقيقه مهند الساير في "تويتر": "استمرار حجز جمال الساير هو استمرار نزيف الحقوق والحريات من جسد الوطن." وأشار إلى أجيال من الكتاب الفلسطينيين والعراقيين البارزين الذين لجأوا إلى الكويت من القمع الحكومي في بلادهم. وأضاف أن "الوطن الذي كان يحتضن حريات أحمد مطر وغسان كنفاني وناجي العلي صار يضيق على حرية أبنائه".