قتل 5 مدنيين بينهم طفل، وأصيب عدد آخر بجروح في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا الثلاثاء، جراء إطلاق قوات سوريا الديمقراطية (قسد) النار على متظاهرين كانوا يحتجون ضد قرار الإدارة رفع سعر المحروقات.
وقالت مصادر محلية إن قوات قسد أطلقت النار على مظاهرة خرجت في قرية ال47 في ريف الحسكة الجنوبي، بالتزامن مع احتجاجات شعبية شهدتها مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، ما أدّى إلى مقتل أحد المتظاهرين وجرح آخرين، الأمر الذي دفع الأهالي إلى طرد عناصر قسد من حواجز بلدتي العطالة وال47.
وكان المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية التي يهيمن عليها حزب الاتحاد الديمقراطي قد أصدر يوم الاثنين، قراراً برفع أسعار الوقود بنسبة تتراوح بين 300 و400 في المئة، الأمر الذي أدى إلى غضب شعبي واسع، خاصة في ظل زيادة الصادرات من الغاز والنفط إلى مناطق سيطرة النظام، والكشف عن عمليات فساد واسعة في قطاع الوقود الذي تشرف عليه الإدارة.
وشهد السوق المركزي في مدينة القامشلي، مركز قيادة قسد، إضراباً الثلاثاء للاحتجاج على هذا القرار، بالتزامن مع مظاهرة جابت شوارع المدينة، واحتجاجات أخرى شملت بلدات تل حميس والهول والشدادي وغيرها، طالب المشاركون فيها الإدارة بالتراجع عن رفع أسعار الوقود ومعالجة الواقع الخدمي المتردي، ومحاسبة الفاسدين بشكل جدي.
يأتي ذلك على الرغم من محاولة الإدارة تبرير قرارها الأخير بالحاجة إلى تغطية تكاليف الانتاج والحد من عمليات التهريب والبيع في السوق السوداء، حيث اعتبر الرئيس المشترك لإدارة المحروقات في الإدارة صادق محمد أمين أن أسعار البيع القديمة كانت أقل بكثير من التكلفة، مشيراً إلى أن تكاليف انتاج أسطوانة الغاز المنزلي تبلغ 18 ألف ليرة بينما كانت تباع ب2500، كما أعلن عن نية الإدارة الذاتية استيراد مادة الغاز بسبب عدم وجود إنتاج محلي كاف.
لكن المحلل الاقتصادي سامر الأحمد يرفض هذا التبرير، خاصة في ظل سيطرة الإدارة على معظم حقول إنتاج سوريا من موارد الطاقة، وعزا ما يحصل "إلى الفشل الإداري وتفشي الفساد، واستحواذ حزب العمال الكردستاني على عائدات النفط والغاز التي كان يجب أن تخصص لتنمية المناطق الخاضعة لسلطة قسد".
وقال في تصريح ل"المدن": "بالنسبة لانتاج الغاز، تسيطر الإدارة الذاتية على حقول الرميلان كلها، بالإضافة إلى حقول القحطانية والهول والشديدي، وهذه الأخيرة تضم حقول إنتاج ضخمة بما فيها حقول ومعمل الجبسة، إضافة إلى آبار الغاز والغاز المنتج من حقول النفط، لكن رغم ذلك لا يحصل المواطن المقيم في شمال شرق البلاد إلا على اسطوانة واحدة كل أربعة أشهر، رغم أن القرار الرسمي يقضي بتخصيص اسطوانة لكل منزل شهرياً".
وأضاف أنه "على مستوى المشتقات النفطية، فالإدارة الذاتية تسيطر على حقول الرميلان والشدادي وحقول في دير الزور، وإنتاجها ضخم يزيد بكثير عن احتياجات المنطقة، والفائض الكبير يتم تصديره إلى مناطق سيطرة المعارضة والنظام، وعليه فإن هذه المعطيات تقول إن مناطق الإدارة الذاتية كان يجب أن تشهد رفاهية على صعيد الوقود لكن ما يحصل عكس ذلك، والسبب هو الفساد والفشل الإداري وهيمنة حزب العمال على القرار والموارد في الإدارة الذاتية وتجييرها لصالح الحزب".
واستبعد الأحمد أن تؤدي الاحتجاجات الشعبية رغم اتساعها إلى تراجع الإدارة عن قرارها بهذا الخصوص، بالنظر إلى هيمنة العقلية الأمنية فيها والتجاهل المستمر للرأي العام.