2025- 07 - 23   |   بحث في الموقع  
logo عاطف خليل وشبان فلسطينيون يعلنون الإضراب عن الطعام تضامناً مع أبناء غزة: أرواحنا ليست اغلى من أرواح أهلنا..  logo قاعدة التنف الأمريكية: موقع استراتيجي لإسرائيل الكبرى..(جواد سلهب) logo “الوقت يداهمنا”.. براك: لبنان لن يواجه حرباً إسرائيلية ثانية logo بالصور: سلام يلتقي المفتي دريان بحضور مفتيي المناطق logo "اشكال واطلاق نار في بلدة شمالية.. والخلفية "إنتخابات logo “سيسجّل التاريخ هذا العار”.. الشيخ نعيم قاسم: أوقفوا التطبيع! logo تجمع العلماء”: سلاح المقاومة يبحث ضمن استراتيجية وطنية ولن نرضى بتسليمه logo ‏الرئيس عون: قرارُنا نهائي ولا عودة عنه ‏
"حزب الله" وجزيرة الذكورة
2021-05-14 14:56:07

لماذا لم يستطع بلد فيه حسن نصرالله، والمليشيا الأقوى في المنطقة، تغيير "وَجهَه"، وإنتاج بطل لبناني للدراما السورية-اللبنانية؟... سؤال كان ختام مقالة سابقة عن الخيال المُهيمِن على الخيارات الجندرية للإنتاجات الدرامية اللبنانية-السورية المشتركة، وهو، في الوقت نفسه، الخيال المتغذي من تلك الخيارات، بحيث أن البطلة دوماً لبنانية، والبطل سوري، لا العكس.ها هو رمضان، الموسم الذهبي للدراما التلفزيونية، يصل إلى خواتيمه، فيما المشهد الطاغي على الشاشة والوجدان العربيَين، هو حي الشيخ جراح – الاختزال الأصدق لروح القضية الفلسطينية التي تحيي هذه الأيام الذكرى الـ73 لنكبةٍ لا يختلف جوهرها كثيراً عما تفجّر في القدس قبل أيام. لكن الفرق، اليوم، في المناضلين متصدّري المشهد، وأساليب مقاومتهم. لبّ خطابهم وطبيعة خسائرهم، وجوههم وأعمارهم، جدلياتهم، رؤيتهم لأنفسهم ومواطنيهم وما يدافعون عنه. وتلك الحكايات التي يجترحون ويؤدون، فيتجاوزون بها الفلسطيني والعربي، إلى الكَونيّ، بالمعنى السياسي والبشري والثقافي. وعلى أطراف هذا الحدث عميق الدلالات، إن اخترنا البحث في خَياله، سنجد الرجال الأبطال والنساء البطلات، في انتظار كتّاب ومخرجين ومنتجين جديين ومؤمنين بفنهم حِرفتهم.ليس المقصود هنا بالبطولة ما يرادف القوة الغالبة والخَير المطلَق والنصر الدائم. بل مساحات الشخصيات في نص إبداعي، نجوميتها، مدِاداتها. شخصيات تنتج دراماها وتشكّل مَحاوِرها ومَفاصِلها وعُقَدها. سنقع في القدس على سياق ونسيج، وسنجد مُركَّبات مستديرة، قادرة في ما بعد، إن تجرّأت قليلاً ماكينات الإنتاج على تجاوز المعلّبات الاستهلاكية، على إفراز روايات وأفلام ومسلسلات غنية فنياً، وناجحة تجارياً أيضاً. وهذا ما لم يستطعه "حزب الله" في بلاده، حتى في عز ما كان "مقاومة" حرّرت الجنوب اللبناني وتمتعت بشعبية عربية عارمة، وقطعاً ليس الآن، ورغم إمعانه في جعل القدس "مَكّةَ وجوده"، ولبنان وسوريا (واليمن والعراق) "محميّاته" من إسرائيل و"الإرهاب التكفيري" على حد سواء. مجدداً: لماذا؟قد تتشعب الإجابات وتحتمل نقاشاً كثيراً، لكن ثمة أسباباً أوّلية تسارع قافزة إلى الذهن.أولاً، الهوية الطائفية، التي ليست مجرد حقيقة وواقع ديموغرافي، بل هي أيضاً ركيزة خطاب "حزب الله"، صانعة صورته، قاموسه، ومؤلِّفة أساطيره ومَلاحمه. والمُصَدَّر من تاريخها، بمعيّته، مضرَّج بالدماء. هي الهوية التي تشتبك مع الصراعات الإقليمية، بدلاً من تجاوزها إلى الشرط الإنساني. ينتج عن ذلك، بعد السقطة الأدبية، أنها أيضاً تمسي عصية على "التسويق" في منصات العرض العربية.وهناك أيضاً "لبنانية الحزب" التي لم تتجاوز أثرها اللفظي، لا في تقديمه هو لنفسه وناسه، ولا في نظرة اللبنانيين والعرب إليه. إذ لطالما تباهى الحزب بانتمائه الكامل والنهائي إلى "ولاية الفقيه" الإيرانية الخمينية، وبأجندته الفوق لبنانية. وتعامل معه، على هذا الأساس، أصدقاؤه وأعداؤه. وبالتالي، يتعذّر البطل اللبناني هنا، ولو فقط الذّكَر، خلافاً للبطل(ة) الفلسطيني(ة) كـ"شخصية" تُصنع اليوم بعمق أكثر من أي وقت مضى.ومن بعد حرب تموز 2006، واستدارة سلاحه إلى الداخل اللبناني، ثم انخراطه الفاعل والأساسي في الحرب السورية إلى جانب النظام الأسدي، وفي كباشات المفاوضات النووية الإيرانية، باتت "المقاومة" صفة الحزب المنخورة، إن لم نقل الكاذبة.كما أن نموذج الرجل الذي يطرحه "حزب الله" لا صورة له في الحياة اليومية عموماً، واللبنانية خصوصاً. وهل يمكن أن نراه مكسوراً؟ مارّاً بلحظات ضعف؟ مُغرماً؟ مستقلاً في أفراح عيشه وأتراحه، ولو جزئياً، عن تقديمات الحزب وخطوطه الحُمر؟ هل يمكن أن يشهد هذا "الكاراكتر" تحولات، أن يتغير في اتجاه ما، لا سيما في ما قد يناقض إيديولوجية الحزب القتالية والاجتماعية والثقافية؟ هل يمكن أن يتمرد على قوالب الأيقونة لصالح أنسنته وبالتالي جعل الدراما من لحم ودم؟ ومن يكون "الآخر" في مقابله؟ وكيف "يقبله"؟ وأي امرأة؟ أين هو من الفسيفساء اللبناني؟ والأهم، مَن علِقَ في رأسه أو وجدانه مشهد أو دور مميز في مسلسل "الغالبون" الذي عرضته "المنار" قبل سنوات؟ وهل صدفة أنه انحصر في تلفزيون "حزب الله"؟هكذا، لا يبدو منطقياً التعويل على هذا النموذج فائق الذكورة وأحادي البُعد، من أجل أن تكسر "الشخصية اللبنانية" تأنيثها الدائم والمنمّط. لتنتفض على أنوثة أبدية مُستقاة من الصورة الإعلامية والسياسية والسياحية السائدة عن لبنان، إلى حيازة فرصة مختلفة في الإنتاجات متعددة الجنسيات. حالياً، وفي مقابل هذه الأنوثة، ثمة ذكورة تقليدية، بل رجعية، لكنها ما زالت مكنون الاشتهاء والحلم اللذين تدغدغهما ماكينات الإنتاج. ننتقدها ونفككها وقد نرفضها بالكامل، لكنها حالياً أداة استدلال إلى ما تتشربه عيون المتلقين وربما تطلبه أيضاً، إلى أن تحظى ببدائل يقدمها لاعبون من خارج معادلة "السالب والموجب". وهذه الذكورة، وإن تمتّع "حزب الله" ببعض ملامحها، فإنه يفتقر إلى ركنين أساسيين من أركانها: الانتماء إلى سردية وطنية يمكنها أن تعيد خلق "الشخصية اللبنانية"، والتفوق الأخلاقي ولو فقط في المتخيَّل. أما الأبنِية الدرامية الآن، إذ تتناتشها كليشيهات "الماتشو" و"الليدي المهدّدة"، فستظل أكثر ميلاً إلى "البييع". وحده "الحقيقي" يعالجها.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top