قمعت قوات الاحتلال عشرات المصلّين عند باب الأسباط لدى خروجهم من المسجد الأقصى بعد أداء صلاة الفجر الأحد، وذلك في امتداد لمواجهات عنيفة شهدها محيط القدس ليلة ال27 من شهر رمضان.
وأدّى عشرات الآلاف من المصلّين صلاة الفجر، ومن ثم تجمع الآلاف منهم قرب المصلّى القبلي، ورددوا هتافات منددة بالاحتلال.
وبدأت المواجهات عند باب الأسباط، وامتدت إلى داخل باحات المسجد الأقصى، حيث أطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي الرصاص المطاطي وقنابل الغاز والصوت، واقتحموا بأعداد كبيرة ساحات الأقصى.
ونقلت وكالة "الأناضول" عن جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن 10 فلسطينيين أصيبوا فجر الأحد، في أثناء مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال في المسجد الأقصى، وسط القدس المحتلة، ليرتفع عدد الإصابات إلى 100. وأشارت إلى أن مصابة نقلت إلى المستشفى إثر إصابتها برصاص مطاطي في الفم.
وفي وقت مبكر من فجر الأحد أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن عدد المصابين ارتفع إلى 90 خلال مواجهات عنيفة في محيط القدس، وأن 30 منهم نقلوا إلى المستشفيات. وقالت إن من بين المصابين رضيعة تبلغ من العمر عاماً واحداً، فضلاً عن 5 أطفال آخرين، ومسعف.
وأوضحت الجمعية أن معظم الإصابات بالرصاص المطاطي وقنابل الصوت كانت مباشرة ووقع اعتداء بالضرب.
وشارك أكثر من 90 ألف فلسطيني في صلاة التراويح بالمسجد الأقصى رغم القيود المشددة التي فرضها الاحتلال في الأيام الماضية، للحدّ من حركة تنقل الفلسطينيين داخل البلدة القديمة، في حين استهدفت قوات الاحتلال متظاهرين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية إن المصلّين "يحيون ليلة القدر بالمسجد الأقصى المبارك رغم الإجراءات الاحتلالية الصعبة، ومنع كثير من المصلّين من الوصول، وتم الإغلاق على سكان الضفة الغربية".
وكانت قوات الاحتلال لاحقت شباناً فلسطينيين تجمعوا في حي الشيخ جراح بالقدس، واقتحمت منزلاً في الحي لجأ إليه بعض الشبان خلال عمليات كرّ وفرّ. ومنعت قوات الاحتلال الاقتراب من المنازل المهددة بالإخلاء في حي الشيخ جراح، كذلك منعت التحركات التضامنية الفلسطينية مع سكان الحي.
وأطلق جنود الاحتلال قنابل الغاز والصوت عند باب الساهرة وشارع صلاح الدين عند أسوار البلدة القديمة.
وكانت مواجهات قد دارت بين جنود الاحتلال وشبان فلسطينيين قرب الجدار الفاصل في قرية بدرس غربي رام الله، وقرب بلدة بيتا، وحاجز حوارة جنوبي نابلس، وحاجز الجلمة شمال شرقي جنين، وحاجز قلنديا العسكري شمال القدس.
يأتي ذلك في وقت دعا مسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي خلال مداولات مع المستوى السياسي إلى تغيير موعد "مسيرة الأعلام"، التي ينظمها اليمين المتطرف الاثنين، أو تقليص عدد المشاركين فيها وتغيير مسارها على الأقل، بحيث لا تمر في مناطق يكون الاحتكاك فيها مع الفلسطينيين كبيراً.
كما حذر المسؤولون الأمنيون من عواقب اقتحامات المتطرفين اليهود للمسجد الاقصى، التي من شأنها تصعيد الأوضاع ليس في القدس فقط، وإنما في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأفادت القناة 12 التلفزيونية بأنه تقرر خلال هذه المداولات، التي جرت السبت، بمشاركة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، أن تدرس الشرطة إمكانيات عديدة ، من إجراء المسيرة كالمعتاد أو تقليصها وربما إلغائها وذلك وفقا لتقييمات للوضع.كما أعلنت المحكمة الإسرائيلية العليا عن تأجيل جلستها، حول قضية طرد عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح لصالح مستوطنين إلى منازلهم، في القدس المحتلة، بعد أن تلقّت المحكمة "تقديراً سريًّا" يشمل وجهة نظر أجهزة الأمن الإسرائيلية، يُشير إلى أن النظر في القضية في الوقت الجاري، قد يؤدي إلى تصعيد ميداني إضافي في المدينة.
وطلب المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت من المحكمة تأجيل جلستها، التي كان من المقرر عقدها الاثنين، إلى موعد لاحق في الأسبوع الحالي، لتُعلن المحكمة التأجيل، بعد ذلك. وذكرت المحكمة في قرار التأجيل أن موعد عقد الجلسة سيتقرر خلال 30 يوماً.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت أنه في محاولة لتهدئة التوتر، يسعى نتنياهو والوزير بيني غانتس إلى تأجيل جلسة المحكمة العليا الاثنين، حول قضية طرد عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح لمصلحة دخول مستوطنين إلى بيوتهم.
وفي السياق، ناقش أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني تطورات الأوضاع في القدس المحتلة خلال اتصالين هاتفيين مع كل من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
وقالت وكالة الأنباء القطرية "قنا"، إن عباس أطلع أمير قطر على المستجدات، لاسيما اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي على المصلين في المسجد الأقصى المبارك والمواطنين المقدسيين العزل، والإجراءات التعسفية في حي الشيخ جراح في القدس، التي تمثل انتهاكاً صارخاً لحقوقهم وللقانون الدولي.
وبحسب "قنا"، أكد أمير قطر للرئيس الفلسطيني موقف بلاده الثابت والداعم للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الوطنية المشروعة. فيما أعرب عباس عن شكره وتقديره لأمير قطر على الجهود المقدرة التي تقوم بها الدوحة لدعم الشعب الفلسطيني في قضيته العادلة.
كذلك انتقد مشرعون أميركيون صمت إدارة الرئيس جو بايدن بشأن الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين، وطالبوا بوقف فوري لجرائم الاحتلال وعمليات التهجير القسري للعائلات الفلسطينية.
ودعا السيناتور الأميركي بيرني ساندرز في تغريدة، الولايات المتحدة إلى إدانة العنف الذي تمارسه قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون ضد أهالي حي الشيخ جراح في القدس. وشدد على ضرورة التدخل الأميركي لوقف عمليات التهجير القسري للعائلات الفلسطينية في القدس المحتلة، قائلاً: "عمليات إخلاء العائلات الفلسطينية يجب أن يتوقف".
وقالت السيناتور إليزابيث وارن في تغريدة، إن التهجير القسري للسكان الفلسطينيين منذ فترة طويلة في الشيخ جراح أمر بغيض وغير مقبول. وطالبت إدارة بايدن بأن توضح لحكومة الاحتلال الإسرائيلي أن عمليات الإخلاء هذه غير قانونية، ويجب أن تتوقف على الفور.
من جهته، أعلن النائب الديمقراطي بمجلس النواب الأميركي تشوي غارسيا تضامنه مع الفلسطينيين ضد الانتهاكات الإسرائيلية. كذلك أعلنت النائبة التقدمية ألكساندريا أوكاسيو كورتيز تضامنها مع أهالي حي الشيخ جراح. ووصفت في تغريدة، ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد العائلات الفلسطينية في الشيخ جراح بأنه عمل غير إنساني، مطالبة واشنطن بالتدخل لحماية حقوق الفلسطينيين.