فجّرت الأنباء عن دخول شركة فرنسية إلى قطاع الإعمار في مناطق سيطرة النظام موجة من النقاشات، حول أهداف الشركة، وعدم أخذها بالحسبان المخاطر المحتملة الناجمة عن تعارض ذلك مع العقوبات الأوروبية والأميركية (قيصر) المفروضة على النظام السوري.
وأظهرت وثائق رسمية حيازة شركة "Minaf SEA" الفرنسية لنسبة من ملكية معمل "إسمنت البادية" الذي كان مملوكاً عند تأسيسه في العام 2006 لشركات سعودية وهولندية إلى جانب رجال أعمال من سوريا.
وأوضح المحلل الاقتصادي الدكتور كرم شعار أن الوثيقة الرسمية أكدت وجود تحديثات على ملكية الشركة (إسمنت البادية)، حيث أدرج اسم الشركة الفرنسية المذكورة على قائمة الشركات المالكة (شركة المهيدب القابضة السعودية، وشركة سير انفست القابضة الهولندية، وشركة الفوزان القابضة السعودية، ورجال أعمال محليين).
وفي حديثه ل"المدن"، لفت شعار إلى حالة من الضبابية تلف حيثيات دخول الشركة الفرنسية إلى قائمة المستثمرين في معمل إسمنت البادية، وأضاف أنه "في النظام الأساسي للشركة تم الافصاح عن اسم الشركة الفرنسية مؤخراً، لكن على موقع إسمنت البادية الرسمي، لا يظهر اسمها".
وعن أسباب دخول الشركة الفرنسية في استثمارات "ضخمة" في بلد غير مستقر سياسياً واقتصادياً، يشير المحلل إلى احتمالين، الأول هو أن تكون الشركة مرتبطة فعلاً بالمشروع قبل الثورة السورية، ولم تستطِع الانسحاب من السوق السورية بعد تملكها لأصول مالية.
أما الاحتمال الثاني، وفق شعار، هو أن يكون هامش الربح "المرتفع" قد جذب الشركة، موضحاً أنه "بالرغم من الحرب في سوريا، لا زالت هناك مشاريع تحقق ربحية مرتفعة، بسبب توفر اليد العاملة الرخيصة، ومدخلات الإنتاج الرخيصة وتوفرها في السوق المحلية، كما هو حال مواد البناء".
وبما يخصّ تعارض عمل الشركة مع العقوبات الأميركية (قيصر)، قال شعار: "الجواب يعتمد على تفسير قانون قيصر، فالأخير يلاحق كل من يقوم بالمساعدة بعمليات إعادة الإعمار في مناطق سيطرة النظام، ويسعى إلى إيقاف أي شكل من أشكال إعادة الإعمار التي تسبق التسوية السياسية".
وفي السياق، يعتقد المراقب الاقتصادي والمفتش المالي منذر محمد أن دخول الشركة الفرنسية إلى المجال الاستثماري في مناطق النظام، يأتي في إطار بحث الشركة عن جني الأرباح، عند انطلاق مرحلة إعادة الإعمار.
وأوضح ل"المدن"، أن الشركة تتطلع إلى حجز حصة مستقبلية في السوق السورية الواعدة في مجال الإعمار، بحيث لا بد في وقت ما من أن يتم التوافق على حل سياسي، تعقبه مرحلة إعادة الإعمار.
وكانت شركة "إسمنت البادية" قد توقفت عن العمل منذ اندلاع الثورة السورية في العام 2011، ومن ثم عاودت الإنتاج في العام 2019، وأدرجت في أسواق الأوراق المالية في العام ذاته.