فيما كان أهالي عرسال ومزارعوها يخوضون نقاشات مطولة مع الجهات العسكرية المتواجدة عند حدود جرود بلدتهم، للحؤول دون تثبيت حواجز أمنية، ذُكر أنها ستطبق خطة لمنع تهريب البضائع عبر معابر البلدة غير الشرعية نحو سوريا، ما يفرض على أصحاب البساتين ومناشر الحجر الموجودة في عمق الجرود استبدال طرقاتهم الجبلية المستخدمة نحوها.. فوجئ العرساليون بأسراب من الجراد تعبر الجرود من جهة الأراضي السورية، وتحاول أن تسبقهم إلى البساتين والحقول في مرتفعات خربة داوود المشتركة مع منطقة رأس بعلبك و"من دون إذن من أحد".أسراب "ناجية"ليس ظهور الجراد في لبنان حديثاً، بل تظهر أسراب منه سنوياً في مناطق لبنانية مختلفة، ولكنها بقيت لسنوات من الأنواع غير المتكاثرة، والتي لم تتسبب بأي قلق. إلا أن أعداد الجراد التي ظهرت طلائعها في عرسال مساء الخميس، بدت أكبر بكثير من تلك التي كانت تصل الأراضي اللبنانية في السنوات الماضية. وهي وفقاً للمعلومات ربما تكون كميات ناجية من عمليات المكافحة المتتالية التي تعرضت لها في الأردن وسوريا، حيث أظهرت متابعة لمنظمة الفاو أن كمياتها هناك لم تكن كبيرة أيضاً.
أول وصول أسراب الجراد إلى عرسال كان انتشارها على مساحة 50 هكتاراً من الأراضي. إلا أن التقارير الواردة من البلدة بقيت تفيد عن ظهورها في مناطق مختلفة بعد انطلاق حملة مكافحتها، وصولاً إلى رؤيتها بالعين المجردة في مواقع قريبة من الأماكن السكنية، ولا سيما في منطقة وادي حميد.الخوف من التكاثرووفقاً لتصريح وزير الزراعة، عباس مرتضى، لـ"المدن"، فإنه حتى ظهر يوم الجمعة لم يكن الجراد قد ألحق أضراراً زراعية كبيرة، كون موقع انتشاره جغرافياً ليس غنياً بالحقول والبساتين. إلا أن الخوف وفقاً لمرتضى هو من تكاثر أعدادها، خصوصاً أن لونها الأصفر يظهرها في مرحلة نضوج جنسي، وبالتالي فإن عملية المكافحة ستستمر لأيام للتأكد من عدم توسع رقعة انتشارها، بعد أن ظهرت كميات منها أيضاً في المناطق الجبلية القريبة من اللبوة والعين كما أكد مرتضى، متحدثاً أيضاً عن أخذ عينات من التربة في أمكنة ظهورها، للتأكد من عدم تركها بويضات تحتاج لأسبوعين حتى تولد أجيالاً جديدة من الجراد.مناقضة الوزيرمرتضى الذي عاين منطقة انتشار الجراد، وصف مشهدها بالكثيف جداً، وكأنها سحابة ضباب تغطي أجواء الجرد وتحجب الرؤية فيه، وقال أنها تتقدم بسرعة، والخوف من أن تصل إلى أراض زراعية أخرى في المنطقة.
غير أن كلام الوزير جاء مخالفاً لآراء خبراء بيئيين وزراعيين، أكدوا بأن مناخ لبنان لا يشكل حاضنة صالحة لهذا الجراد الصحراوي. وهو ما أوضحه أيضاً في حديث تلفزيوني مدير عام وزارة الزراعة، لويس لحود، الذي قال بأن الوضع في جرود عرسال بالنسبة لمكافحة الجراد "أصبح تحت السيطرة".
وزير الزراعة قال في اتصال مع "المدن": "قد لا أكون خبيراً، ولكني استمعت إلى آراء خبراء كان لديهم رأي مختلف". وأعلن "أننا في الوزارة بحالة طوارئ، لتتبع مجمل التطورات التي قد تنتج عن وصول الجراد إلى لبنان". كاشفاً أنه منذ أيام جرى التنسيق مع وزارة الدفاع لتأمين المروحيات. وقد باشرت الأخيرة صباح أمس بعمليات مكافحة جوية للجراد، عبر رشه بمبيدات خاصة. وأكد الوزير مرتضى أنها كمياتها متوفرة في الوزارة، وأنها تعمل على تأمين كميات إضافية منها عبر الهيئة العليا للإغاثة. مع السعي لتأمين الأدوية اللازمة للبلديات من أجل مكافحة الجراد في حال تواجده بأماكن قريبة من المناطق السكنية.
وقصد مرتضى من جهة ثانية، أن يربط التدابير المتخذة من قبل وزارته بإطار حماية "الأمن الغذائي" للمواطنين. هذا الأمن الذي بات مهدداً منذ أشهر في لبنان، بظل نفاذ أنواع كثيرة من الأعذية، وارتفاع أسعار سلع تقليدية إلى حد لم تعد عائلات كثيرة تقوى على تأمينها. الأمر الذي تحول إلى موضوع استهزاء من قبل اللبنانيين، الذين ملأوا صفحات التواصل الاجتماعي بتعليقات حول وصول أسراب الجراد إلى لبنان، ليضعوه في آخر قائمة المخاطر التي يمكن أن تتهددهم حالياً. فالطبقة الحاكمة بالنسبة لمعظم التعليقات "كفّت ووفّت"، والجراد حتى لو وصل إلى لبنان "لن يجد ما يقتاته، لأن السياسيين سبقوه وبلعوا الأخضر واليابس". ومع ذلك الاحتياط واجب.