تناقلت حسابات السوشال ميديا، بكثافة اليوم، مقطع فيديو يتحدث فيه الشيخ صادق النابلسي المقرّب من "حزب الله"، وهو مُقتطف من وثائقي للزميلة مايسة عواد في قناة "فرانس 24" (والزميل جايمس أندريه في النسخة الفرنسية). ويتحدث النابلسي، في المقطع القصير، عن اعتبار "حزب الله" عمليات التهريب عبر الحدود اللبنانية، مشروعة. ويقول في المقطع الذي تداوله الكثير من المغردين ووسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية اللبنانية، إن "التهريب جزء لا يتجزأ من عملية المقاومة، والدفاع عن مصالح اللبنانيين، وما يحصل اليوم تحت الضغط الأميركي والعقوبات الحالية، أن الشعبين اللبناني والسوري يضطران إلى تجاوز الحدود وإلى كسر بعض القوانين من أجل تأمين احتياجاتهم المعيشية".وفي تقرير لقناة "ام تي في"، حول ما ورد في مقطع الفيديو المتداول في وسائل التواصل الاجتماعي، ردّ "حزب الله" على تعليقات مستخدمي الشبكات الاجتماعية اللبنانيين، والذين رأوا في جملة النابلسي إشارة معبّرة وصادقة عن طريقة تفكير الحزب، وخطابه المتجاوز للدولة ومؤسساتها وقوانينها وبديهيات خرق القانون في أي بلد ذي سيادة ويحترم نفسه ومصالح مواطنيه وأمنه الاقتصادي والاجتماعي. وجاء في رد الحزب إن ما حصل مع الشيخ النابلسي هو "عمل غير مهني لأن كلامه جاء مجتزأ"، شارحاً إن الشيخ صادق لا يتولى منصباً في الحزب، بل والده (الشيخ عفيف النابلسي) من مؤسسي الحزب في الجنوب.والحال إن الحزب ردّ، عملياً، على الجو العام في السوشال ميديا اللبنانية، وليس على وثائقي الزميلة عواد الشامل والمتكامل، المعنون "سوريا-لبنان: التهريب والعقوبات.. حرب أخرى على الحدود". ردّ على صورته التي ساهم في تكريسها في قسم لا يستهان بحجمه من الشارع اللبناني.بالطبع الفيديو مجتزأ في السوشال ميديا، كما هي الحال مع أي فيديو مأخوذ من شريط مدته تناهز نصف الساعة. لكن الدلالة هنا في العَين التي يرى بها جزء كبير من اللبنانيين، الحزب. وأيضاً في أن كلام النابلسي، صاحب الموقف الأسبوعي في قناة "المنار" والذي كان المسؤولون في الحزب هم الذين أحالوا فريق "فرانس 24" إليه للإجابة عن أسئلتهم، ليس بعيداً من رؤية الحزب لموضوع التهريب.لكن من يختار مشاهدة الوثائقي كاملاً (الرابط أسفل المقال)، وبالتالي كامل المقابلات ضمنه، سيكتشف عملاً مهنياً رفيع المستوى، سجّل وجهات النظر كافة في مسألة الأزمة المالية والاقتصادية التي يعانيها لبنان، بدءاً من المجتمعات والعشائر القاطنة على الحدود اللبنانية-السورية شمالي لبنان، إلى الجيش اللبناني، وأمهات شهداء حزب الله في سوريا، مروراً بمدراء المتاجر الاستهلاكية وزبائنهم أمام الرفوف الخاوية من السلع المدعومة، وصولاً إلى المتظاهرين في الساحات والشبان قاطعي الطرق في بيروت بالإطارات المشتعلة احتجاجاً على الأوضاع المتردية.وفي المقابلة، يقول النابلسي، إضافة إلى المقطع المتداول، أن "الانتقال الآن هو من مرحلة الضغوط العسكرية، إلى مرحلة الضغوط الاقتصادية بسبب فشل المشروع العسكري في سوريا"، مضيفاً أنه "من الكذب القول بأن حزب الله يستفيد من البضائع المدعومة ويهربها إلى سوريا. مسألة الدعم ربح منها التجار والنافذون في الدولة اللبنانية، ولا يمكن أن يُطلب من حزب الله ان يكون حرس حدود لمنع المهربين، هذه الأمور موكولة للأجهزة الأمنية والجيش اللبناني".وهذه المقابلة زاوية من بانوراما واسعة، حيث سعى الوثائقي الجدير بالمشاهدة، إلى رسم مشهد "الحدود المفتوحة" بدقة وموضوعية، ربطاً بانعكاساتها في الداخل اللبناني الذي يكابد أهوالاً إنسانية لا مبالغة في القول إنها فريدة في مسار تاريخه الحديث الحافل بويلات الحروب الأهلية والصدامات الإقليمية.