دخلت الأزمة الحكومية مرحلة مراوحة بعدَ توقف الإتصالات في اليومين الماضيين بينَ الأطراف السياسية. التطور الوحيد الذي حصل، هو مطالبة رئيس الجمهورية بوزارة المالية كمخرج لتشكيل الحكومة. محاولة باءت بالفشل بانتظار تحرك فرنسي جديد
لا يزال الملف الحكومي يُرخي بظلالِه على المشهد الداخلي، مع بلوغ التقاطُعات الداخلية – الإقليمية والدولية مرحلة شديدة الحساسية، وفي ضوء المواجهة التي تقودها واشنطن وأذرعها ضد محور المقاومة. دفعة واحدة، بدأت العوامِل توحي بأن الأوضاع لن تكون على ما يُرام، وتؤشر الى مرحلة شديدة التأزم، خصوصاً أن الإتصالات الداخلية في اليومين الماضيين كانت شبه معدومة، مع حصول تطورين وحيدين لم ينجحا حتى الآن في تحقيق أي خرق.
الأول داخلي، يرتبِط بتواصل بينَ بعبدا وحارة حريك، تُرجِم بلقاء بين رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بطلب من الأخير. إذ يشعُر عون بثقل الضغوط على البلد والخطر على المبادرة الفرنسية التي يعتبرها فرصة الإنقاذ الأخيرة. لذا عاودَ جسّ نبض حزب الله في ما يتعلّق بوزارة المالية، وبحسب ما علمت «الأخبار» فقد عرض عون أن تكون من حصّة الرئيس، بينما جدّد رعد موقف الحزب «بأن التمسك بوزارة المالية قرار لا عودة عنه ولا داعي لأن يراجعنا أحد».
أما التطور الثاني فهو خارجي، مرتبِط باتصالات فرنسية مع واشنطن، إذ اقترحت باريس تجميد العقوبات في هذه المرحلة والمساعدة في تشكيل الحكومة، بالتزامن مع معلومات عن مجيء موفد فرنسي إلى البلد. لكن المساعي الفرنسية باءت بالفشل، بحسب المصادر، والدليل هو تدخل عون لتدوير الزوايا مع الحزب، وتعنّت الرئيس سعد الحريري ونادي رؤساء الحكومة السابقين وتمسكهم بموقفهم، فيما يقِف رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب بانتظار «التعليمة». وبناء عليه، دخلت البلاد في حالة مراوحة بانتظار تدخّل فرنسي جديد، فيما هناك معلومات تتحدث عن وجهتي نظر في فرنسا، واحدة تعتبر أنه لا يجوز لباريس أن تتدخل في تفاصيل التشكيل لأن ذلك سيغرقها ويفشل مبادرتها وأن على اللبنانيين أن يحلوا عقد التشكيل بينهم، فيما ترى الأخرى بأن على الإليزيه أن يتدخل من أجل إنقاذ المبادرة. ويبدو أن وجهة النظر هذه تتغلب على سواها، إذ تقول المعلومات ان «الفرنسيين بدأوا بالبحث عن مخرج لعقدة وزارة المالية، وهناك اقتراح بأن يطرح الإليزيه أسماء شيعية للوزارة، ويتشاور مع الثنائي الشيعي حولها».
وبينما تشير مصادر مطلعة إلى أن عون منذ البداية كانَ يُطالب بالحصول على وزارة المالية بدا واضحاً وجود حملة منظمة تركّز على أن العقدة الوحيدة الموجودة أمام الحكومة هي تمسّك الثنائي بهذه الحقيبة، علماً أن المطالِب والشروط كثيرة، إلا أن وضع «المالية» في الواجهة يجعل باقي المطالب هامشية حتى الآن. فحتى لو ذّلِلت عقدة المالية سيكون تشكيل الحكومة أمام وقائع صعبة تحتاج إلى معجزة لصدور مراسيم ولادتها، أبرزها، أن تراجع الثنائي عن وزارة المالية، يعني بالنسبة الى الحريري ونادي رؤساء الحكومة السابقين انتصاراً سيتيح لهما التمسّك أكثر بمطالبهما. وبالتالي فإن معركة أخرى ستُفتح مع رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر. في تقدير فريق 8 آذار أن ما يقوم به الثنائي اليوم هو الوقوف في خط الدفاع الأول في المعركة، ومواجهة الحريري اليوم كأداة تنفيذية، للمطلب الأميركي – السعودي، وخوض نصف المعركة التي سيواجهها عون في ما بعد. فيما علمت «الأخبار» أن عون سيصدر موقفاً في اليومين المقبلين، ولن يقِف متفرجاً على الجمود الحاصل.