2024- 05 - 03   |   بحث في الموقع  
logo التحقيق مع "دكتور فوود" بتهريب مخدرات..واستنابة قضائية للتوسع فيه logo المتهمون بانفجار المطعم: صاحبه وشركة الغاز والبلدية logo انحسار المواجهات في جنوب لبنان: عمليتان لـ"الحزب" مقابل غارتين logo من الحدود إلى الرئاسة وملف اللاجئين: فرص لبنان الضائعة logo تركيا توقف جميع عمليات الاستيراد والتصدير..إلى إسرائيل logo فصيل بحريني معارض ينضم للمواجهة:استهداف ايلات بالمسيّرات logo بايدن:لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأميركية logo تعيينات عسكرية جديدة..والجيش يطالب نتنياهو بالحسم في خمس قضايا
مغامرات أردوغان مع اقتراب نهاية المئوية الأولى لمؤتمر لوزان (د.جيرار ديب)
2020-09-03 08:16:06



لا أحد ينظر إلى السياسة الأردوغانية في المنطقة، إلا ويدرك مدى طموحه في إعادة بناء تركية القومية، التي فقدتها بعد مؤتمر لوزان عام ١٩٢٣. هذه الهوية التي فقدتها تركيا بعد انهزامها في الحرب العالمية الأولى، حيث عمدت، معاهدة لوزان، الى تنظيم عملية تفكيك الإمبراطورية العثمانية. 
 
تحلّلت اليوم تركيبة المنطقة، وعادت الأوضاع مرة أخرى تشبه ما كانت عليه المنطقة قبل لوزان. إذ شهدت المنطقة عودة تركيا مجددًا إلى أهم البلدان والمناطق التي انسحبت منها بعد توقيع تلك الإتفاقية. وذلك من خلال، دفعها لقواتها عسكرية إلى الميدان، عبر عمليات عسكرية، أو اتفاقيات نشر قواتها، كما جرى في ليبيا مؤخرًا بموجب اتفاقية مع حكومة الوفاق في طرابلس برئاسة، فايز سراج. وقبل ذلك في سوريا من خلال عمليات درع الفرات، في عام ٢٠١٧، وبعدها غصن الزيتون عام ٢٠١٨، وعملية نبع السلام عام ٢٠١٩، واليوم العملية الحاصلة في إدلب، لجعلها شريطًا أمنيًا تفصل فيها القوات الكردية عن حدودها. إضافة إلى عملياتها العسكرية في العراق، تحديدًا في منطقة بعشيقة شمال الموصل في عام ٢٠١٥، ولم تزل مستمرة.   
 
حذّر الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، دولًا في شرق المتوسط من اتخاذ أي خطوات خاطئة قد تؤدي إلى زوالها، حسب قوله. كما ودعا إلى التوازن بين القوى الفاعلة في المنطقة، مشدّدًا على أنّ تركيا لن تتهاون مع من يستهدف أراضيها وسيادتها. من جانبه، أكّد الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، أنه على اتصال دائم مع المسؤولين في أثينا وأنقرة، في محاولة لتهدئة التوتر بين الطرفين، العضوين في الحلف.
 
تعتبر أنقرة عضوًا رئيسيًا في حلف الناتو، ولاعبًا أساسيًا في الأطراف اللاعبة إقليميًا. لم يشأ الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، أن يعيد مجد تركيا القومية، ويفتح مجالها البحري، عند بحر إيجه والبحر الأسود وبحر مرمرة إضافة إلى المتوسط. لقد زفّ اردوغان للشعب التركي، مفاجأة اكتشاف بئرٍ يحوي حوالي ٣٢٠ مليار متر مكعب من الغاز في البحر الأسود، ما قد يسمح لها في مطلع عام ٢٠٢٣ من تصدير الغاز بشكلٍ عادلٍ على الدول الخارجية. 
 
هل من باب الصدفة، أن يذكر اردوغان هذا التاريخ تحديدًا؟ بالطبع لا، فهو يدرك تمام الإدراك أنّ لوزان تنتهي صلاحياتها في هذا التاريخ. وأنّ الشرق الأوسط أصبح منطقة رهانات، ولتركيا فيه رهاناتها القوية. لذا، فمن الطبيعي أن يرفع الصوت عاليًا، لدرجة التهديد، ويناور على حافة الحرب.
 
في قراءةٍ سريعةٍ لما فعله التركي بعد الثورات العربية، نرى أنّه رسم خطوطًا حمراء في الشمال السوري، ودعم حكومة السراج التي تحاربها دول كبرى، على رأسها روسيا وفرنسا. خاض مغامرةً في التنقيب عن النفط في شرق البحر المتوسط، حيث توتّرت العلاقات مع اليونان المدعومة من مصر وفرنسا. إنّ التوسّع التركي المهدد لمصالح أوروبا في الشرق المتوسط، دفع بالمفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي إلى الحوار مع تركيا، مطالبةً بأن تمتنع أنقرة عن اتخاذ خطوات أحادية تؤجج التوتر في الشرق المتوسط.
 
استطاع اردوغان التناغم مع الروسي بالمباشر في سوريا، والدخول بحرب غير مباشرة مع قوات فاغنر المدعومة من روسيا، في ليبيا. وخاصم المملكة العربية السعودية، عبر دعمه لقطر بعد خروج الأخيرة من مجلس التعاون العربي، بسبب دعمها الإخوان المسلمين. كما تقرّب من الجمهورية الإيرانية، رغم المصالح المتنازعة، فعملت الشركات التركية على الاستثمار في إيران.
 
بالطبع، لا نشكّك بقوة تركيا، ولا بقدراتها العسكرية والإقتصادية، ولا حتى الجغرافية. فموقعها كرابط بين آسيا وأوروبا، دفع بأردوغان لاستغلال النازح السوري، والتفاوض على وجود النازحين السوريين، وحصوله على ٦ مليارات دولار، مقابل وقف الهجرة عبر البوابة اليونانية. وهذه الورقة تعتبر رابحة بيد تركيا، ولكن على ما يبدو هناك ورقة أكثر ربحًا في يد أردوغان، وهي التغطية الأميركية على كافة قراراته في المنطقة.
 
لماذا يساند الأميركي، المواقف التركية، ويدعم تحركاتها في المنطقة؟ رغم أنّ حادثة القسّ، أندرو جونسون، أحدثت توترًا، بين البلدين. بالطبع، لا تتمتّع العلاقة بين البلدين بالتفاهم، ولا بالإتفاقيات، بل الموضوع يتوقّف عند تلاقي المصالح في المنطقة.
 
أميركا، على ما يبدو تستفيد من التاريخ البريطاني مع الرجل المريض منذ أكثر من مئة عام. فبينما كان العداء ظاهرًا بين الإمبراطورية العثمانية والقيصرية الروسية، كانت المملكة المتحدة تستفيد من هذا الصراع القائم، كي تحمي مصالحها في المنطقة. هذا ما تفعله الولايات المتحدة اليوم مع الأتراك، حيث تعتمد الدعم المبطّن لتحركات التركي، الذي يعيق التحرّك الروسي في سوريا وليبيا، والإيراني في العراق. كما ويدفع بالفرنسي للإستنجاد بسياسات الولايات المتحدة في الشرق، لإيقاف التوسع التركي في لبنان، وليبيا، مهددًا مصالح شركتها توتال في التنقيب عن النفط.
 
إضافة إلى ذلك، تحاول الولايات المتحدة الحفاظ قدر المستطاع على علاقة لا بأس بها مع التركي، لأجل ضمان أمن إسرائيل من جهة. ولأجل الإحتفاظ بقواتها الجوية في قاعدة، أنجرليك، في مدينة أضنة وهي من أكبر القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة من جهةٍ ثانية. 
 
أخيرًا، إنّ مغامرة اردوغان في التوسع في ظلّ غليان المنطقة، يؤكد التوجه التركي نحو التخلي عن الاعتماد الحصري على سياسات التمدّد الناعم الذي حاول اتّباعها على مدى سنوات. فهو مصرّ على التوجه بشكل متزايد للاعتماد على القوة العسكرية الخشنة والصريحة، وإن جاء ذلك ضمن أطر مخالفة للأعراف والقوانين الدولية. لذا، ستزداد وتيرة التمدّد والتهديد التركي، طالما هناك تغطية أميركية من جهة، وفوضى عارمة في المنطقة تمتدّ من النهر إلى الخليج من جهةٍ أخرى.


التيار الوطني الحر



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top