دمشق ـ هدى العبود
«يا روح لا تحزني، يا قلب ضلك هني، زوار جينا ع الدني، والعمر بحر نهار»، هي سيمفونية حياة، التصقت بذاكرة العرب تحديدا، منذ أكثر من عقدين، وارتبطت بقصة للأديب السوري الكبير حنا مينه.
موهبة فنية حفرت وجودها في تاريخ الفن العربي المعاصر، فبرزت لتصبح لها شأن كبير في عالم الفن العربي، هذه الموهبة هي الفنان القدير ايمن زيدان الذي عرفناه من خلال أعمال لا تنسى وشخصيات لا تنسى، فمن منا ينسى «مفيد الوحش» أو «جميل وهناء» أو «نجم من هذا الزمان» أو «جميل الحمصي» أو «سعيد النايحة»، اعمال تلفزيونية وسينمائية ومسرحية ترفع لها «القبعة» وحصدت العديد من الجوائز في عواصم الفن العربية والعالمية.
زيدان «مع حفظ الألقاب»، صنع اسما من ذهب في عالم الدراما والمسرح والسينما السورية والعربية، إلى أن أصبح علامة فارقة في عالم الفن العربي، لكن بقاء الحال من المحال، فالحرب التي جرت في بلاده جعلت منه إنسانا آخر.
حزين على وطنه الذي تمزق، وعلى قريته الرحيبة حيث النسور وهو نسرها، لكنه لم يستطع لسنوات ان يدخلها ولم يستطع زيارة قبر ابنه، ناهيك عن تدمير منزله الذي كان حلمه، تزامن ذلك مع جور الأصحاب في عالم مليء بالتناقضات والمصالح من قبل زملاء الكار، ومع هذا تحمل زيدان، لكن الفنان الحساس المرهف بالفن والإنسانية لم يعد يستطع ان يتحمل، فكتب مرات ومرات مناجيا ابنه «انه خائف عليه من الأصدقاء الذي كان جسرا لهم يوما إلى أن وصلوا على ما هم عليه اليوم من نجومية في عالم مليء بالأشواك»، لكن زيدان فضل ان يقول ما يعتلج في جنباته عبر صفحته الرسمية فقال: هناك كثير من المحبين والأصدقاء يطرحون علي ذات السؤال، لم أنت غائب؟ أين أنت، وما سر هذا الغياب؟ لم أنت محبط ومنزو؟ في لحظة أربكني هذا السؤال وبدأت بالبحث عن الإجابة،
الإجابة ببساطة اكتشفت أنني خلال سنوات الغياب الست عن التلفزيون مثلت بطولة أربعة أفلام سينمائية روائية «الأب»، «درب السما»، «مسافر والحرب»، «رحلة يوسف»، وأخرجت فيلمين روائيين «أمينة» و«غيوم داكنة» وفيلما روائيا متوسط الطول «جبال الشمس»، كما كتبت مجموعتين قصصيتين هما «أوجاع ـ وتفاصيل»، وأخرجت للمسرح أربع مسرحيات «دائرة الطباشير» و«اختطاف» و«فابريكا» و«ثلاث حكايا»، فهل يعقل كل هذا ويسألونك عن الغياب؟ ويقرؤون ما اكتب على أنني محبط وما يثير حنقي أن يكون الحضور والانجاز مرتبطا بالدراما التلفزيونية فقط «إنها من سمات المرحلة الموجعة»!