كيف نجت؟ بعدما استحال مرض كوفيد 19 جائحة عالمية في 11 آذار 2020، ابتعدت هذه المنطقة المتجمدة النائية أكثر عن العالم، مع منع الرحلات السياحية وأي اتصال بين القواعد الدولية بينها، فضلاً عن اعتماد إجراءات صارمة جداً، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
يقول الكابتن أليخندرو فالنسيولو، قائد الفرقاطة والحاكم البحري للجزء التشيلي من هذه القارة: “نحن معزولون، وهذا الوضع يُضاف إلى العزلة الطبيعية التي نعرفها بالأساس”.
وتتطلب الحياة في أنتاركتيكا عادةً تنسيقاً وتعاوناً كبيرين بين فرق حوالي 40 قاعدة دائمة وبعثة علمية في شبه الجزيرة وفي الجزر المحيطة، ويقيم 10 عناصر من البحرية التشيلية على قاعدة إيسكوديرو في خليج فيلديس على جزر شيتلاند الجنوبية التي تعتبر مدخلاً للوصول إلى القارة المتجمدة.
في المنطقة أيضاً قواعد لسلاح الجو التشيلي، والمديرية العامة للطيران المدني، وعلى مسافة قريبة قواعد عدة لدولٍ أخرى مثل روسيا وأوروغواي وكوريا الجنوبية والصين.
قبل الجائحة، كانت كل هذه القواعد في تفاعل مستمر من أجل تحميل المؤن وتنزيلها، فضلاً عن أمور مفرحة أكثر كالمسابقات الرياضية ومناسبات مثل أعياد الميلاد، إلا أن الخوف من انتقال العدوى وضع حداً لأي تواصل جسدي لخفض الأخطار.
مكان محظوظ: وقد حالف انتاركتيكا في مكافحتها الوباء أيضاً بعض الحظ، فالأزمة الصحية بدأت في وقت شارف فيه الموسم السياحي على نهايته وهو يستقطب سنوياً نحو 50 ألف زائر.
فقد وصلت آخر سفينة سياحية إلى خليج فيلديس في الثالث من آذار 2020، في وقت أعلنت فيه تشيلي تسجيل أول إصابة على أراضيها.
كما أنه واعتباراً من نيسان تمنَعُ الأحوال الجوية أي عملية وصول أو مغادرة من هذه القارة، ما يغرق طواقم القواعد الدائمة عادة في عزلة إلزامية، وزاد من الأمان من الفيروس على سطح القارة إجراءات التعقيم الصارمة.
في هذا السياق، يقول فالنسيولو إن “كل حمولة كانت تعقم قبل إدخالها وكان التواصل مع السفينة التي نقلت الحمولة يبقى في الحد الأدنى. ويبقى طاقم السفينة على متنها ولا نقيم أي تواصل مباشر معه”.
في قاعدة الرئيس إدواردو فري مونتالفا، عززت الإجراءات الصحية أيضاً فيمكن لأربعة أشخاص فقط أن يكونوا موجودين في مقصف القاعدة بالتزامن، في حين علقت النشاطات الرياضية.
كما أنه منذ 20 آذار 2020، باتت العمليات الجوية الوطنية والدولية في مدرج مارش محدودة جداً، ويقول قائد القاعدة أليخندرو سيلفا لوكالة الأنباء الفرنسية: “يسمح فقط استثنائياً بعمليات الدعم اللوجستي أو الإنساني”.
أما قاعدة ارتيغاس التابعة لأوروغواي، فقد أجلت 10 أفراد من طاقمها منذ بداية الأزمة تاركة 9 فقط في المكان، ويقول الأميرال مانويل بورغوس رئيس معهد أنتاركتيكا التابع لأوروغواي أيضاً “التبديل المقبل للطاقم يجب أن يحصل في النصف الأول من كانون الأول ما يعني أن الأشخاص الذين بقوا هنا سيمضون كل موسم الشتاء (من حزيران إلى أيلول) في المكان”.
لكن هل يجعل انقطاع التواصل مع القواعد الأخرى العزلة أصعب؟ يقول فالينسويلا الذي وصل في تشرين الثاني لتمضية سنة كاملة: “نحن ندرك ما نعيشه ونقبل به ولا نجعله يقضي على معنوياتنا”.
يضيف فالينسويلا: “تبقى الأجواء جيدة بين الطاقم المعزول والمعنويات عالية بحيث بتنا نحن نرسل رسائل دعم إلى عائلاتنا” في بقية أرجاء تشيلي.