عقد وزير المهجّرين ووزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي الدكتور كمال شحادة، مؤتمرًا صحافيًا أعلن فيه إطلاق مسودّة الإطار الوطني للذكاء الاصطناعي في لبنان، واضعًا بذلك حجر الأساس لأول مقاربة وطنية شاملة لتنظيم وتطوير استخدام الذكاء الاصطناعي على المستوى الوطني.
وفي كلمته، شدّد شحادة على أنّ لبنان، الذي غالبًا ما وُصف بأنه بلد "يصل متأخرًا"، يملك اليوم فرصة نادرة ليصل مبكرًا في مجال الذكاء الاصطناعي، مستفيدًا من تجارب الدول التي سبقته. وقال: "نحن لا نُصلح الماضي، بل نبني المستقبل من الصفر، بوعيٍ أخلاقي، وتنظيمي، وإنساني واضح".
وأوضح الوزير أنّ الإطار المطروح ليس نصًا نهائيًا، بل مسودة وطنية مفتوحة للتشاور، ستُعرض للنقاش مع الإدارات العامة، والقطاع الخاص، والجامعات، والخبراء، والمجتمع المدني، والشباب، بهدف تطويرها قبل الإقرار والتنفيذ. وأكد أن ما سيتم اعتماده يجب أن يعكس واقع لبنان وتحدّياته الفعلية، ضمن عملية تشاركية شفافة.
كما أشار شحادة إلى أنّ الذكاء الاصطناعي بات واقعًا يؤثّر في الاقتصادات والمؤسسات وحياة المواطنين اليومية، محذرًا من أنّ غياب الأطر الواضحة يحوّله من أداة قوة إلى مصدر فوضى وعدم مساواة وتقويض للثقة. من هنا، يهدف الإطار الوطني إلى تحديد كيفية بناء أنظمة الذكاء الاصطناعي في لبنان، وإدارتها، واستخدامها بشكل مسؤول، وينطبق على جميع الجهات، بما فيها الأنظمة المطوّرة خارج لبنان متى كان لها تأثير على المواطنين اللبنانيين.
ويرتكز الإطار، بحسب شحادة، على مبادئ غير قابلة للنقاش، أبرزها: كرامة الإنسان، الشفافية، العدالة، المساءلة، وحماية الخصوصية والأمن. كما يعتمد مقاربة قائمة على المخاطر، تميّز بين استخدامات الذكاء الاصطناعي ذات الأثر العالي – كالصحة، والمال، والتعليم، والخدمات العامة، والبنى التحتية الحيوية – والتي تتطلب رقابة وضمانات أقوى وحضورًا دائمًا للحكم البشري، وبين الاستخدامات محدودة الأثر التي تخضع لقواعد أخف مع الالتزام بالمبادئ الأساسية.
ولفت الوزير إلى أنّ الإطار يشجّع المؤسسات على التقدّم المدروس عبر تقييم المخاطر، وتوثيق الأنظمة، واختبار التحيّز والإخفاق، وتحديد المسؤوليات بوضوح، معتبرًا أن الالتزام بالمعايير العالية سيشكّل ميزة تنافسية تفتح أبواب الثقة والفرص محليًا ودوليًا.
كما أعلن شحادة عن خارطة طريق متدرجة على خمس سنوات تشمل مشاريع تجريبية مبكرة، وبناء الجاهزية المؤسسية قبل التوسّع، والتعلّم قبل الانتشار، إلى جانب العمل على إنشاء بنية رقمية حكومية مشتركة تتيح تكامل الأنظمة لخدمة المواطنين بشكل أفضل.
وختم الوزير بالتأكيد على أن جوهر هذا المشروع هو الاستثمار في رأس المال البشري اللبناني، من خلال شراكات مع الجامعات والمنظمات الدولية، لتمكين الباحثين، والمبتكرين، والموظفين العموميين، وروّاد الأعمال، ليكونوا شركاء في بناء مستقبل لبنان التكنولوجي.