عقدت في المركز الكاثوليكي للاعلام ندوة عن"التعاليم الدينية ودورها في تعزيز القيم الوطنية"، بدعوة من رئيس اللّجنة الاسقفيّة لوسائل الاعلام المطران انطوان نبيل العنداري، بالتعاون مع الملتقى اللبناني لصون الأسرة والقيم، شارك فيها مدير المركز المونسنيور عبده أبو كسم، الشيخ أمير رعد، الشيخ محمد حجازي والشيخ سامي عبد الخالق.
استهل الندوة المونسنيور ابو كسم بكلمة ترحيبية متناولا المشتركات الدينيّة وأثرها على وحدة المجتمع، فاعتبر أن "مشروع وزارة التربية لالغاء التعليم الديني في المنهج المدرسي هو مشروع ناقص وأن الكنيسة هي مع إلزامية تعليم التربية الوطنية في المنهج التربوي والابقاء على التعليم الديني المسيحي انطلاقا من المجمع اللبناني الذي عقد عام 1736 وطالب فيه المجتمعون بالزام كل كاهن أو كنيسة بفتح مدرسة وتقديم التعليم التربوي للتلامذة مع التعليم الديني".
اضاف:"انها رسالة متلازمة، ونحن نطلب من وزارة التربية أن تعيد حصة التربية المدنية إلى المدارس التي تتضمن مفهوم المواطنة والأخوة والوحدة بين كل اللبنانيين مع المحافظة على التربية الدينية من خلال حصة التعليم الديني التي تدفع التلامذة إلى مزيد من التعلق بالقيم والأخلاق والآداب العامة. هاتان المادتان تكملان بعضهما البعض، من هنا نحن نقترح ان يبقى التعليم الديني في المدارس الرسمية والخاصة وإعادة حصة التربية المدنية التي تجمع بين كل اللبنانيين".
ثم تحدث الشيخ رعد عن تاريخيّة التعليم الديني في لبنان، فأشار إلى أن "تاريخ التعليم الديني في لبنان يعود إلى فترة طويلة، حيث تأثر بالعديد من العوامل السياسية والاجتماعية. خلال الحقبة العثمانية، كانت المدارس الدينية تلعب دورًا هامًا في تعليم الدين واللغة العربية والعلوم الدينية".
وتطرق الى التطورات الرئيسية انطلاقا من الحقبة العثمانية، ثم الانتداب الفرنسي، مرورا بالاستقلال والحرب الأهلية وصولا الى الوضع الحالي حيث "يوجد العديد من المدارس الدينية في لبنان، التي تقدم تعليمًا دينيًا وعلمانيًا"، مشيرا الى ان "المناهج التعليمية الدينية لإشراف وزارة التربية والتعليم اللبنانية"، لافتا الى أن "التعليم الديني في لبنان يواجه تحديات عديدة، بما في ذلك نقص الموارد والاضطرابات السياسية، فضلا عن هوية لبنان وهل هي تعددية طائفية ام هي دولة مدنية علمانية".
ورأى ان "المدرسة الرسمية تبقى المدرسة الجامعة لكل الطبقات الفقيرة في الطوائف اللبنانية ويبقى التعليم الديني وبخاصة القيم والآداب والأخلاق هو القاسم المشترك بين كل الطوائف".
من جهته رأى الشيخ حجازي ان "الاخلاق الاجتماعية في لبنان ترتبط بجانب التعليم الديني والارشادات الدينية المنتظمة وغير المنتظمة لأن لبنان لا يعتبر مهدا للحضارات الإنسانية فحسب بل يمثل مهداً للوراثة النبوية والشرائع الإلهية للاسلام والمسيحية".
واشار الى انَّ "الأخلاقيات والخصال الحميدة التي يتمتع بها أغلب الشرائح الاجتماعية في لبنان هي من موروثات الرسل والانبياء وليس من أي حضارة غربية". واعتبر انَّ "الترابط بين الاخلاق والتعليم الديني يمثل جزءاً من النظام الإصلاحي الذي بهدف إلى تحقيق استقامة الأفراد والمجتمع خصوصاً أن لبنان لا زال في مخاض مواجهة التحديات المتعددة، وبالتالي فإنَّ المشاكل الاجتماعية والاخلاقية العالمية الخطيرة من الادمان على المخدرات والجرائم الإلكترونية والاتجار بالأعضاء البشرية وفعل الفواحش وغيرها لا يمكن حلها إلاّ بالإصلاحات المتكاملة بين تفعيل العقوبات وأحياء القوانين والارشادات الأخلاقية النابعة من التعليم والتربية الدينية".
وشدد على ان "التعليم الديني يقدم القدوة الأخلاقية والنموذج الأصلح، ولا يمكن لأي جيل من الأجيال أن يكمل مسيرته دون وجود القدوة الحسنة التي تتجسد في الدور التربوي والتعليمي لمادة التربية الدينية وغيرها، والانفصال عنها هو انسلاخ عن العمق التاريخي لشعب لبنان"، مؤكدا ان "لبنان من دون أبعاده الدينية والروحية يتحوّل الى قبائل وعصبيات لا دواء لها".
بدوره تحدث الشيخ عبد الخالق عن التعليم الديني بين الثوابت الوطنية والمتغيرات العالمية، فرأى ان "مع التسارع الكبير في المتغيرات العالمية المعاصرة، من عولمة وتطور معرفي وثورة رقمية وتعدد ثقافي، اصبح التعليم الديني امام تحديات عميقة تستوجب المراجعة والتجديد، دون المساس بجوهره او التفريط بثوابته".
وتحدث عبد الخالق عن رؤيته للحل المطروح من وزيرة التربية فقال:"في ظل التنوع الديني والثقافي الذي يطبع المجتمعات الحديثة وتحديداً مجتمع كالمجتمع اللبناني، فان النموذج الامثل للتعليم الديني لا يقوم على فرض رؤية دينية واحدة في النظام التعليمي الرسمي، بل يبرز ضرورة التمييز بين التربية الاخلاقية المدنية والتعليم الديني، على قاعدة الفصل بين ما هو عقائدي خاص، وما هو قيمي مشترك، بما يحقق التوازن بين احترام التعددية الدينية والحفاظ على وحدة القيم المشتركة".
ورأى ان "التربية الاخلاقية التي ينبغي ان تدرّس في المدارس الرسمية والعامة تعنى بغرس المبادئ الانسانية والقيم المدنية مثل الاحترام اي احترام الانسان لذاته واحترامه للاخرين ، والعدل ، والتسامح ، والتعايش ، والالتزام بالقانون اي النظام العام، وهي قيم لا تتعارض مع اي دين، بل تعد قاعدة اخلاقية مشتركة تدعم الانتماء الوطني والتعايش السلمي ، بعيداً عن العنف والفوضى. اما التعليم الديني، فيفترض ان يكون من مسؤولية المؤسسات الدينية التابعة لكل طائفة او مذهب، حيث يدرس فيه الفقه والعقيدة والتقاليد الدينية، بما يحفظ الخصوصية الدينية لكل جماعة. وهذا الفصل الوظيفي لا يعني عزل الدين عن الحياة العامة ، بل يهدف الى حماية المجال التربوي من التحيز ، والتمييز بين الطلاب ، وضمان حياد الدولة، وتعزيز ثقافة التعدد ضمن اطار المواطنة".
The post ندوة حول التعاليم الدينية ودورها في تعزيز القيم الوطنية appeared first on Lebtalks.