عقد المدير العام للآثار سركيس خوري ومستشار وزير الثقافة للشؤون الأثرية جاد تابت مؤتمراً صحافياً بالتعاون مع جمعية "غرين سيدر ليبانون" برئاسة رئيستها باسكال شويري سعد ،لمناسبة مرور عام على تهديد المعالم الأثرية في لبنان من قلعة شمع إلى قلعة بعلبك وغيرها من المواقع بحضور رئيسة مجلس ادارة تلفزيون لبنان إليسار نداف، وعدد من الخبراء في مجال الآثار والاكاديميين والرسامين.
وشهد المؤتمر الصحافي إطلاق كتاب "اصداء الأبدية" المترجم إلى اللغتين الفرنسية والانكليزية والذي يتضمن عرضاً ل 34 موقعاً أثرياً في لبنان ولكيفية إدراجها على لائحة التراث العالمي وتحت الحماية المعززة لمنظمة الاونيسكو.
بعد النشيد الوطني اللبناني، تحدثت رئيسة جمعية "غرين سيدر ليبانون" باسكال سعد متوجهة إلى محبّي التراث، بالقول: "منذ سنة 2007، تعمل جمعية "غرين سيدر لبنان" بكل جهدها كي تحافظ عَلى روح لبنان من خلال زرع الغابات، وتَشجير الجبال، ودعم الفن لأننا نؤمن بجدية أن الثقافة والطبيعة هما وجهان لروح وحدة: إذا حفظنا واحدة، ننقذ الثانية".
واشارت إلى أنه "في تشرين الثاني 2024، وُضع 34 موقعاً ثقافياً واثرياً في لبنان تحت الحماية المُعزّزة من اليونسكو. وكتاب "اصداء الأبدية" يسلّط الضوء على هذه المواقع المميّزة، ويوجّه تحية لكل الأشخاص والمؤسسات الذين عملوا وتعبوا حتى يتم هذا الإنجاز التاريخي لأن هذا التزام مشترك لحماية التراث اللبناني"، موضحة "أن كتابنا رحلة إلى قلب روح لبنان الثقافية والتاريخية. ولأول مرة، يقدّم هذه المواقع الـ 34 من خلال النصوص، والصور، والرسومات بنظرة حساسة ومليئة جمالاً وشغفاً لتراثنا العريق.
ومن خلال صفحاته، ندعو القارئ ليعود ويكتشف لبنان: ليس فقط كـ"أرض الأرز"، بل كـ"مهد الحضارة".
أرض أجدادنا مازالت شاهداً حياً على تاريخ الإنسانية.
من بعلبك إلى جبيل، ومن صور إلى عنجَر، لبنان متحف مفتوح على الهواء، يجسّد مهد التراث المتوسطي.
أرض قامت فيها إمبراطوريات، وخلقت فيها فلسفات، وعبَر فيها الفن حدود الزمن.
مواقعه القديمة تحكي قصة البشرية من الكنعانيين والفينيقيين، حتى العالم الحديث.
لبنان، حيث كل حجر فيه يحمل ذكرى حضارة.
ولْنكون مثل الأرز، جذورنا تبقى عميقة في أرضنا وتاريخنا، وفروعنا تمتد إلى المستقبل".
وختمت "أحب توجيه شكر كبير للأستاذ جاد تابت، والأستاذ سركيس خوري، والسيدة سمر كرم، ولكل فريق المديرية العامة للآثار، لأنه بفضل تعبهم المتواصل إستطعنا الحفاظ على هذه المواقع. وأشكر عالمة الآثار والمؤرّخة ماري لَمع، التي لولاها لم يكن هذا الكتاب ليرى النور. وأعبّر عن امتناني الكبير لكل الفنانين، والمصورين، والرسامين الذين شاركوا بإعداد هذا الكتاب، لأنه من خلال نظراتهم الحساسة، تمكنا من رؤية هذه المواقع بطريقة جديدة، ونجسّدها بالعاطفة والجمال".
ثم تحدث مستشار وزير الثقافة للشؤون الأثرية جاد تابت، فقال: منذ الاسابيع الأولى للعدوان الاسرائيلي خريف السنة الماضية، تعرضت المدن والقرى في جنوب لبنان وسهل البقاع لقصف متواصل. لم يتسبب هذا القصف المكثف في دمار واسع النطاق على المستويين الانساني والمادي فحسب، بل شكّل ايضاً تهديداً خطيراً للمشهد الثقافي الفريد في هذه المناطق. فقد أصبحت المراكز الحضرية التقليدية والمناطق الريفية التي تتميز بعمارة تعود لقرون وطبقات تاريخية غنية بالاضافة إلى النسيج الثقافي والمعالم الطبيعية، اصبحت كلها عرضة لمخاطر داهمة.
وأكد أنه "مع تصاعد الاعمال العدائية واستهداف المواقع التراثية اصبح من الواضح تماماً أن الهوية الثقافية للبنان تتعرض لعملية تدمير ممنهجة. فتصاعدت الدعوات الموجهة إلى المجتمع الدولي ولاسيما اليونيسكو للتحرك السريع من اجل ضمان حماية الإرث الثقافي في لبنان. ولعبت الحملات والعرائض التي أطلقتها المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الثقافية، والتغطية الاعلامية الواسعة دوراً حيوياً في رفع مستوى الوعي العالمي حول الأخطار الوشيكة التي يواجهها التراث اللبناني".
اضاف: "بالتزامن مع هذا التحرك الواسع كانت وزارة الثقافة اللبنانية وتحديداً المديرية العامة للاثار بالتشاور الوثيق مع البعثة الدائمة للبنان لدى اليونيسكو، تقوم بإعداد ملف كامل لمجموعة من المواقع الأثرية قُدّم إلى اللجنة المعنية بحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح المنبثقة عن البروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي. وقد عكس هذا الجهد التعاوني التزاماً وطنياً قوياً بحماية تراثنا الثقافي في ظل التهديدات المتصاعدة. وشمل إعداد الملف إجراء بحوث واسعة وتوثيقاً شاملاً، وتقديم مبررات قانونية لإثبات الحاجة الماسة إلى تعزيز الحماية. وكانت اللجنة تضم إثنتي عشرة دولة، وكان علينا أن نؤمّن حضور عشرة دول لتأمين النصاب القانوني لاجتماع اللجنة، مما لم يكن سهلاً في الوقت القصير الذي كان متاحاً امامنا. إلا أننا إستطعنا أن نؤمّن النصاب واجتمعت اللجنة في الثامن عشر من شهر تشرين الثاني 2024".
وتابع مستشار وزير الثقافة: "في البداية كان التوجه نحو التركيز على المواقع الواقعة في منطقتي الجنوب وسهل البقاع. لكن مع توسع العمليات العسكرية الاسرائيلية الى مناطق أخرى من لبنان، تبيّن سريعاً أن المعالم الثقافية والتاريخية في مختلف أنحاء البلاد باتت مهددة، فتقرر توسيع نطاق الحماية لتشمل المواقع التراثية الرئيسية في جميع أنحاء لبنان.وتم إختيار 34 موقعاً، مما كان يشكل تحدياً كبيراً إذ إن العدد الاجمالي للمواقع المسجلة على لائحة الحماية عالمياً لم يكن يبلغ أكثر من 56 موقعاً".
واكمل: "ونظراً للجهود الكبيرة التي قد بذلناها لضمان تحقيق النصاب المطلوب في الوقت المناسب، دخلنا اجتماع اللجنة بقدر كبير من القلق، خاصة في ظل الضغط الشديد الذي مارسه الجانب الاسرائيلي للتقليل من حجم الدمار. فقد إدّعت اسرائيل أن القصف إقتصر على أهداف عسكرية، محاولة نفي الأضرار الثقافية التي لحقت بالمواقع. ولدهشتنا كان رد فعل الاعضاء العشرة الحاضرين في اللجنة مؤيداً بالاجماع لاقتراحاتنا. وفي لحظة حاسمة، إقترح رئيس اللجنة أن تبادر اللجنة فوراً إلى التصويت لإدراج المجموعة بأكملها تحت الحماية المعززة بدلاً من دراسة كل من الممتلكات الأربعة والثلاثين على حدة. وقد قوبل إقتراحه بموافقة اجماع الحاضرين دون اي اعتراضات أو مناقشات إضافية. وبذلك تم إدراج القائمة الكاملة للممتلكات تحت الحماية المعززة دون أي تأخير. كما وافقت اللجنة على منح لبنان مساعدة مالية من صندوق حماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح".
وأشار تابت إلى أنه "في أوقات الحروب والنواعات المسلحة، يحتل التراث مكاناً خاصاً. فبينما تُشن الحروب من اجل السيطرة على الأرض أو السلطة أو الايديولوجيا، غالباً ما يستهدف تدمير التراث الثقافي ما هو أعمق بكثير: الهوية والذاكرة وروح الشعب".
وختم: "إن حماية التراث في زمن الحرب ليست مجرد إنقاذ لمبان أو معالم، بل هي صوناً للقيم المعنوية التي يمثلها هذا التراث. فهذه المواقع تجسد قصص الأجيال وإنجازاتها ومعتقداتها ونضالاتها. إنها تربط المجتمعات بماضيها، وتثبتها في حاضرها، كما تساعدها على صياغة رؤية مشتركة لمستقبلها. تدمير التراث لا يعني فقط تدمير الحجارة، بل يعني انقطاع خيط الاستمرارية التاريخية للمجتمع. إن حماية التراث في زمن الحرب ليست رفاهية ولا مسألة ثانوية، بل هي واجب أخلاقي وإنساني. فصَونُ التراث هو صون للانسانية نفسها: لتنوعها، وإبداعها، ولقدرتها المتواصلة على التذكّر والتعلم والنمو في مواجهة الدمار. إنه تعبير اساسي للصمود والمقاومة".
بعدها، كانت كلمة المدير العام للآثار سركيس خوري الذي عرض للتحديات والحروب التي شهدها لبنان، وقال: شكلت تهديداً للمواقع الأثرية بدءاً من حرب 1975 إلى اجتياح 1982 مروراً بعام 1996 وحرب 2006 ثم انفجار مرفأ بيروت الذي لم ننته بعد من عمليات ترميم أضراره، لتأتينا مشكلة الجنوب ما حتّم على المديرية العامة للآثار التحرك لحماية هذه المواقع ومن بينها المتحف الوطني، مشيراً إلى "أننا وضعنا أولوية هي حماية التراث اللبناني، وقمنا بجهود متراكمة عمرها منذ إنشاء المديرية العامة للآثار، أهمها سنة 2019 لجهة موافقة رئيس الجمهورية والبرلمان اللبناني على البروتوكول الثاني لاتفاقية لاهاي، ولو لم يوقّع هذا البروتوكول لما إستطعنا الوصول إلى ما وصلنا إليه".
اضاف "عندما بدأت الحرب لا يسعني إلا أن أحيّي الجنود المجهولين الذين كانوا قلباً واحداً في كل الصعاب، وتعرفون وضع الدولة اللبنانية ووضعها الحالي وكيف لم يكن لدينا كهرباء، ورغم ذلك قمنا بوقت سريع لا يتعدى الشهر بوضع قائمة ب 34 موقعاً أثرياً لإدراجها تحت الحماية المعززة لليونيسكو بمساعدة شركة خطيب وعلمي، تمهيدا ًللذهاب إلى باريس عبر مطار بيروت الذي تعرفون كيف كان حاله، وكانت التحضيرات تجري على قدم وساق فيما القصف كان قريباً منا في الضاحية والطيونة".
وختم: "كل هذا الجهد لم يكن ليُنجَز لولا تعاون صديقنا الجيش اللبناني الذي سهّل لنا الأمور وتصنيفها بالتنسيق مع وزارة الدفاع وعدم استخدامها في الحالات العسكرية، ولا ننسى جهود سفيرنا مصطفى أديب الذي قام بمساع دبلوماسية مع وزارة الخارجية، وهذا يؤكد أن التعاون بين المؤسسات يثمر لدى توافر النية. واشكر أخيراً جمعية "غرين سيدر" على هذا النشاط ما جعلنا ننشىء شراكة أوصلت إلى خواتيم سعيدة".
في الختام عرضت رئيسة "غرين سيدر ليبانون" للمواقع ال 34 التي تشملها الحماية المعزَّزة وهي:
1. معرض رشيد كرامي الدولي - طرابلس
2. بيبلوس (جبيل)
3. الموقع الأثري في أفقا
4. الموقع الأثري في نهر الكلب
5. معبد نحلة
6. الموقع الأثري في بعلبك
7. معبد قصَرنبا
8. نبع عين الجب - موقع أثري
9. متحف نقولا سرسق
10. المتحف الوطني في بيروت
11. معبد حصن مينا
12. الموقع الأثري في عنجر
13. معبد مجدل عنجر
14. الجسر الروماني في جب جنين
15. معبد عين حرشي والموقع الأثري
16. قلعة كيفون
17. قصر بيت الدين
18. موقع جيه - بورفيريون الأثري
19. معبد أشمون
20. المواقع الأثرية في صيدا
21. الموقع الأثري في الدكرمان
22. الموقع الأثري في تل البراق
23. الموقع الأثري في صرفند (ساريبتا)
24. الموقع الأثري في عدلون
25. المواقع الأثرية في الخرائب
26. المواقع الأثرية في صور
27. برك رأس العين والتراث المبني
28. قلعة شمع
29. الموقع الأثري في أم العمد
30. قلعة شفيق - قلعة الشقيف (بوفور)
31. قلعة دير كيفا - قلعة المران
32. معبد الهبارية
33. قلعة الدبية - شقرا
34. قلعة تبنين - قلعة تورون
أخيراً، سُجلت مداخلات حول اهمية الآثار ودلالاتها إلى تاريخ وحضارة لبنان، وشددت رئيسة مجلس ادارة "تلفزيون لبنان" إليسار نداف إلى أن "من اولويات التلفزيون هي التركيز على الثقافة وتعزيز الوعي حول اهمية حماية تراثنا".
The post لبنان يدرج 34 موقعاً أثرياً تحت الحماية المعزّزة لليونسكو appeared first on Lebtalks.