
قال الرئيس جوزاف عون في مؤتمر مشترك مع الرئيس البلغاري رومن راديف:
أن نأتيَ إلى صوفيا الجميلة، ليس مجرد انتقالٍ في الجغرافيا.
بل هو أيضاً زيارة للتاريخ. نُعيد خلالَها اكتشافَ ماضينا.
لنؤسسَ عليه مستقبلاً أكثرَ ازدهاراً، يليقُ ببلدينا وشعبينا.
هكذا نتذكر اليومَ أنّ لبنان وبلغاريا مرتبطان بعلاقاتٍ دبلوماسية منذ نحو 60 عاماً.
فيما أول اتفاقٍ للتعاون التجاري بين بلدينا، كان قبلَ ذلك بعشرِ سنوات. وفيه ملاحق مذهلة، عن مئاتِ المواد التي قررنا تبادلَها، قبل سبعين عاماً…
وأولُ اتفاقٍ سياحي بيننا كان قبلَ نحو 55 عاماً …
ومنذ تلك الأيام كان لعلاقاتِ بيروت وصوفيا عنوانان ثابتان: الصداقة والتعاون.
مئاتُ اللبنانيين تعلّموا هنا. وبعضُهم صار من أبناءِ وطنِكم.
وكم نفرحُ ونفتخر، حين نعرفُ ونكتشفُ أنّ أكثرَ من متحدّرٍ لبناني، ارتدى ألوان بلغاريا الوطنية، في منتخباتها لكرة القدم، وفي رفع الأثقال. ورفعوا علمَكم الكريم، مُزيّناً بميداليات الفوز …
فضلاً عن آخرين برزوا في الفن وقطاعات الاقتصاد البلغاري كافة…
لهم مني اليوم، أعمقَ التقدير، على إعطائهم أجملَ صورةٍ عن حقيقةِ لبنان، وعلى ردِّهم جميلَ بلغاريا وفضلَها عليهم …
على هذا الماضي الجميل، أتوجهُ بالشكرِ إلى جمهورية بلغاريا وشعبِها الصديق فرداً فرداً.
وعلى هذا الاستقبال، وعلى ما سيأتي من مستقبلٍ نريدُه أجمل، أشكرُ الأخَ الرئيس راديف، وعبره كل مسؤول بلغاري …
بلغةِ الأرقام، تعرفون حضرة السيد الرئيس، أنّ ذروةَ تبادلِنا التجاري كانت سنة 2018، وبلغت يومَها نحو 175 مليون يورو.
هذا كان قبلَ سبعِ سنوات. وهذا ما علينا أن نرفعَ التحدي معاً، في العودة إليه وزيادتِه وتخطّيه.
هناك منتدى لرجالِ الأعمال اللبنانيين والبلغاريين، انطلقَ أيضاً قبل سبعة أعوام. من الضروري تنشيطُه وتشجيعُ آخرين أيضاً على مشاريع مشتركة في شتى المجالات.
ثقافياً لا يمكنني إلا أن أقدرَ اللفتات البلغارية المعبّرة في هذا القطاع الإنساني المميز. من مشروعِ ترميمِ الأيقوناتِ المقدسة، إلى دعمِ متحف جبران خليل جبران. وطبعاً مع استمرارِ التقدير للتبادل الطلابي المستمر في التعليم الجامعي منذ عقودٍ بعيدة.
يبقى أننا قررنا اليومَ معاً أن نُراكمَ فوق ذلك كله. فعرضنا الآلياتِ التنفيذية لفتحِ خطٍ للطيرانِ المباشر بين بيروتَ وصوفيا. وزيادةِ الصادراتِ الزراعية خصوصاً، والتبادلِ التجاري الثنائي عموماً. فضلاً عن التعاونِ الممكن في قطاعِ الطاقة.
كما أنوّه جداً، باتفاقِنا على دعمِ الجيشِ اللبناني وتقديمِ كلِ ما يمكن، لمساعدتِه على تأديةِ واجبِه الوطني في هذه المرحلة خصوصاً. ولبلغاريا إمكاناتٌ معروفة في التصنيعِ العسكري المختلف، وفي إعدادِ الأطباء العسكريين. نأمل الاستفادة من خبراتِها.
أقولُ إنّ مهمةَ جيشِنا مصيرية في هذه الظروف، لأنّ عليه وحدَه، وأكررُ، وحدَه، من دون شريكٍ له، لا من خارجِ الدولة ولا من خارج لبنان، أن يبسطَ سلطةَ دولتِنا على كامل أراضيها وحدودِها. وأن يفرضَ سيادتَها الكاملة. بحيث تتوقفُ الاعتداءاتُ الاسرائيلية على أرضِنا. وتنسحبُ اسرائيل من النقاط التي تحتلُها داخلَ لبنان. وهذا ما يجبُ أن يترافقَ مع مسارٍ تفاوضي، نعتبرُه السبيلَ الوحيدَ لتحقيقِ أهدافِنا الوطنية ومصلحةِ لبنانَ العليا.
تماماً كما سبقَ للبنان أن أقدمَ وفاوضَ أكثرَ من عشرِ مرات، وبإجماعِ قواه السياسية الحالية كافة بلا استثناء. كان آخرَها بين العامين 2020 و2022، لإنجازِ الترسيمِ البحري بين لبنان واسرائيل. وفي تشرين الثاني الماضي بالذات، من أجل وقف الاعتداءات وحصرِ كلِ السلاح بيدِ الدولة اللبنانية.