بمعزل عما إذا كانت الإنتخابات النيابية المقبلة ستجري وفق قانون إنتخابات 2018 أو قانون إنتخابات 2022، وبرغم تقاذف الحكومة والمجلس النيابي كرة القانون الإنتخابي كلّ منهما في حضن الآخر، فإنّ القوى السياسية الرئيسية بدأت الإستعدادت للإستحقاق الإنتخابي وكأنّه حاصل غداً.
ففي الأيّام الأخيرة رفع مسؤولو الأحزاب والتيّارات السّياسية، على اختلافهم، سقف مواقفهم الإنتخابية، مطلقين خطابات تشبه تلك التي يتحدثون فيها خلال المهرجانات الإنتخابية، حيث يسعون إلى شدّ عصبهم الإنتخابي قدر الإمكان، ومطلقين وعوداً غالباً لا تتحقق بعد ذلك، ورافعين شعارات سياسية إنعزالية أو وطنية، حسب الحاجة، تتناسب وطبيعة الإنتخابات التي يخوضونها.
أبرز النّاشطين في هذا المجال هو حزب القوّات اللبنانية الذي أطلّ رئيسه سمير جعجع أكثر من مرّة، مؤخّراً، أمام كوادر حزبه ومناصريه، المقيمين والمغتربين، متحدثاً عن إنتخابات نيابية وصفها بأنّها “معركة وجودية”، وداعياً إيّاهم إلى أن “يكونوا على أهبة الإستعداد للإنتخابات المقبلة”، رافعاً شعار حزبه وكأنّه يخوض معركة تشبه تلك التي كان يخوضها أيّام الحرب الأهلية، وليس كأنّه سيخوض إنتخابات نيابية، بقوله: “مهما حاولوا عرقلتنا، وقت الخطر قوّات”.
الطرف الآخر البارز في هذا المجال على السّاحة المسيحية كان التيّار الوطني الحرّ الذي رفع رئيسه النائب جبران باسيل منسوب حَرَاكه وجولاته ومواقفه السّياسية التي لم تغب الإنتخابات النيابية المقبلة عنها، وآخرها الموقف المفاجىء له برفضه المسّ بصلاحيات رئيس الحكومة، كما عدم قبوله المسّ بصلاحيات رئيس الجمهورية، وفق قوله، وإعلان رفضه وصف رئيس الحكومة بأنّه “صهيوني، إنّما هو لبناني”، في موقف سياسي ـ إنتخابي لا يخفى أنّه يحاول من ورائه إستمالة جمهور سنّي بالإنتخابات المقبلة علّه يُعوّض فيه خسارته جمهوراً شيعياً فقده بعد إعلانه فكّ تفاهم تيّاره البرتقالي مع حزب الله.
درزياً، نشط الحزب التقدمي الإشتراكي في الأيّام الأخيرة في اتجاهين: الأوّل إعلانه عن تشكيل فريق إستعداداً للإستحقاق الإنتخابي المقبل، إستباقاً لأيّ تطوّرات وتأثيرات قد تطرأ على لبنان في ضوء المتغيرات في المنطقة وتداعياتها على لبنان، خصوصاً ما يتعلق منها بوضع الدروز في سورية؛ والثاني عقده لقاءً مع حزب الكتائب للبحث في إمكانية تحالفهما إنتخابياً في دوائر يشتركان بالنفوذ والحضور فيها.
أمّا شيعياً، فلم يعد خافياً أنّ ثنائي حزب الله وحركة أمل يستنفران بكلّ جهدهما جمهورهما للحفاظ على إمساكهما بالمقاعد الشّيعية كافّة في مجلس النوّاب على غرار ما حصل في إنتخابات 2022 ومنع حصول أيّ خرق نيابي في التمثيل الشّيعي يسعى وراءه كثيرون في الدّاخل والخارج، بدءاً بالمواقف السّياسية وليس انتهاء برفضهما إقتراع المغتربين للنوّاب الـ128.
يبقى سنّياً حيث يسود إنتظار ثقيل وترسم علامات إستفهام كبيرة حول مصير الكتلة السنّية الناخبة التي تعتبر الأكبر عددياً في لبنان، وفق لوائح الشطب، لكنّها مشتتة وتعيش في ظلّ فراغ سياسي كبير منذ عزوف الرئيس سعد الحريري وتيّار المستقبل عن خوض الإنتخابات النيابية الماضية، ومثله فعل رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السّنيورة وتمّام سلام، ليملأ الفراغ مكانهم وجوه لم يكن أغلبها يحلم بأن يفوز بمقعد نيابي، وهي وجوه عمّقت أزمة الحضور والتمثيل السنّي نيابياً وفي السّلطة، وأسهمت في غياب ركنٌ أساسي في “معادلة” التوازن الداخلي، وسط أسئلة تطرح حول ما إذا كان الحريري وتيّاره، ومعهم ضمناً رؤساء الحكومات السابقين، سوف يعودون لخوض إنتخابات أيّار 2026 في ضوء مؤشّرات خجولة بدأت تظهر ولكنّها تنتظر من يحسم أمرها ومصيرها في الدّاخل والخارج.
Related Posts
حصاد “″: أهم وأبرز الاحداث ليوم الأحد
قداس في الكحلونية لراحة أنفس شهداء المقاومة اللبنانية
هل ستصل أسعار الذهب إلى 10 آلاف دولار؟
The post القوى السّياسية تستعد للإنتخابات النّيابية وكأنّها حاصلة غداً!.. عبدالكافي الصمد appeared first on .