تتجه الانظار اليوم الاثنين الى القمة العربية – الإسلامية الطارئة التي تستضيفها قطر والتي يفترض ان تخرج بموقف موحد عالي النبرة ردّا على الهجوم الإسرائيلي الأخير على الدوحة.
وفيما من المستبعد ان يتخلل القمة اتخاذ قرارات واجراءات على المستوى العربي لمواجهة الانتهاكات والاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة على دول المنطقة، أشارت مصادر وزارية لبنانية لـ«الديار» الى ان كلمة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون الذي يغادر الاثنين صباحا للمشاركة في القمة، «سيتخللها الى جانب ادانة الاعتداء على قطر واعلان التضامن الكلي معها، دعوة إلى وحدة الموقف العربي في مواجهة الأطماع الاسرائيلية ولعمل عربي وإسلامي مشترك يتجاوز الاستنكار والإدانة».
وشارك وزير الخارجية والمغتربين اللبناني يوسف رجي في اجتماع وزراء الخارجية العرب في الدوحة الذي انعقد الاحد تحضيرا للقمة التي تنعقد اليوم. وفي الفقرة الخاصة بلبنان من مسودة البيان الختامي، دعا الوزراء إلى «ضرورة تحرك المجتمع الدولي العاجل للحدّ من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في المنطقة ووقف انتهاكاتها المستمرة لسيادة الدول وأمنها واستقرارها، بما فيها الجمهورية اللبنانية، بما يشكّل خروقات فاضحة للقانون الدولي وانتهاكًا صارخًا لسيادة الدول».
اي رسالة من القمة؟
وفيما اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، أن «انعقاد القمة في ذاته هو رسالة جوهرها أن قطر ليست وحدها… وأن الدول العربية والإسلامية تقف إلى جوارها»، رأى ماجد الأنصاري، المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية أن انعقاد القمة «يعكس التضامن العربي والإسلامي الواسع مع دولة قطر في مواجهة العدوان الإسرائيلي الجبان، الذي استهدف مقرات سكنية لعدد من قادة حركة (حماس)، ورفض هذه الدول القاطع لإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل».
روبيو – نتنياهو
وكان لافتا تزامن انعقاد هذه القمة لاعلان التضامن العربي والاسلامي مع قطر مع زيارة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الى اسرائيل، حيث أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بعد لقائه اياه أن «العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة لم تكن يوما أقوى من الآن»، بمحاولة منه لتصوير الزيارة بأنها تندرج في اطار تأكيد التضامن والدعم الاميركي الكامل لاسرائيل بكل ما تقوم به في المنطقة رغم خروج الرئيس الأميركي دونالد ترمب ليعلن مؤخرا عدم رضاه عن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، قائلاً إنه لم يعزز الأهداف الإسرائيلية ولا الأميركية، واصفاً قطر بالحليف الوثيق الذي يعمل بجدّ للتوسط من أجل السلام.
وقبل وصوله الى تل أبيب، أكد روبيو أنه سيركز خلال لقائه نتنياهو على «ضمان عودة المحتجزين، وإيجاد سبل لضمان وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، ومواجهة ما سماه التهديد الذي تشكله حماس»، معتبرا أنه «لا يمكن للحركة أن تستمر في الوجود إذا كان السلام في المنطقة هو الهدف». كذلك أكد أن موقف ترامب من الهجوم الإسرائيلي على الدوحة «لن يغيّر في دعم واشنطن لإسرائيل».
واعتبرت مصادر معنية بالملف انه «بات واضحا ان اسرائيل هي التي تدير الدفة بمنطقة الشرق الاوسط وتجر الادارة الاميركية الى حيث هي تريد»، لافتة في حديث لـ «الديار» الى انها «اسقطت كل الخطوط الحمراء التي كان يُعتقد ان واشنطن ترفعها بوجهها، وبخاصة بعدما استهدفت حليفتها الوثيقة قطر».
ورأت المصادر ان «الهدف الاسرائيلي واضح ونهائي ولن تسمح لاحد بافشاله ويُختصر بالقضاء النهائي على كل تهديد لأمن اسرائيل وعلى رأس هذه التهديدات «حماس»، وبالتالي هي ستواصل المراوغة بموضوع الاتفاق الذي تسعى واشنطن لانجازه، ولكنها على ارض الواقع ستبقى ماضية في عملياتها العسكرية، على ان تطلق قريبا العملية البرية النهائية الني ستسعى من خلالها لتهجير كل من تبقى من اهالي غزة وانهاء وجود «حماس» نهائيا».
مواقف «الثنائي»
اما لبنانيا، فلا تزال الاجواء الايجابية تسيطر على البلد بعد الجلسة الحكومية الشهيرة في الخامس من ايلول والتي أدت إلى نزع فتيل التفجير. وقد عبّر عن ذلك بوضوح المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي حسن خليل خلال لقاء سياسي مع كادرات وكوادر حركة أمل من أبناء قضاءي حاصبيا ومرجعيون، حيث اعتبر أن «ما تم التوافق عليه في جلسة الحكومة في ٥ أيلول أعاد فتح الباب على مدى سياسي مريح على مستوى الداخل اللبناني، بما يتسنى لنا كلبنانيين التلاقي مع بعضنا بعضا لمواجهة التحدي الأساسي المتمثل بالعدو الإسرائيلي، وبالتالي قطع الطريق أمام من كان يحاول نقل المعركة من مواجهة إسرائيل وعدوانيتها وأطماعها إلى مواجهة داخلية».
وأضاف خليل: «قرارنا واضح لن نسمح ولا نرضى بأي صراع داخلي، نحن نريد من كل اللبنانيين أن يتوحدوا وأن نواجه معا مخططات إسرائيل وعدوانيتها واحتلالها لأرضنا وفرض منطق قوتها على الجنوب وعلى لبنان».
واذ أكد الحرص على «توسعة مروحة التواصل السياسي مع كافة القوى بقدر عال من المسؤولية من أجل الوصول إلى قواسم مشتركة تعزز موقفنا الوطني في المرحلة الراهنة وفي المرحلة المقبلة»، شدد خليل على أن «حركة أمل والثنائي الوطني لن يفوّتا استحقاق الانتخابات النيابية المقبل، وهما متمسكان بخوضه»، وقال: «من كان يراهن ويحاول ويظن انه قادر على إحداث انقلاب وكسر منجزات تحققت على مدى 30 سنة و40 سنة من التضحيات، هذا البعض سوف يتفاجأ بوفاء الناس وإيمانهم الراسخ بتاريخهم النضالي، وأن الضغط السياسي والعسكري والأمني والقتل والاحتلال لن يغير من قناعات أهلنا ووفائهم».
من جهته، يبدو واضحا ان حزب الله يحاول ترسيخ معادلة مفادها عدم جهوزيته للنقاش بمصير سلاحه ما دام لم تتحقق ٤ شروط هي: تحرير الارض، وقف الاعتداءات، تحرير الاسرى واعادة الاعمار. وهذا ما أكد عليه عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن عز الدين الذي شدد على ان «المقاومة اليوم حاجة وضرورة وجودية لحماية لبنان بل ولبقاء لبنان، أمام كل التغوّل الصهيوني الأميركي للإطباق على المنطقة والتحكم والسيطرة عليها، حيث لا يقيم وزناً لأحد، فالقادة الصهاينة يؤكدون أنهم لا يريدون الانسحاب من لبنان، بل يعتبرون أن احتياجات إسرائيل في الشمال لا تسمح بالانسحاب من لبنان وسوريا، وأن الوجود العسكري في لبنان وسوريا ليس ورقة مساومة مؤقتة، بل موقف أمني ضروري وطويل الأمد».
ودعا عزالدين الحكومة الى «اعادة تصويب أولوياتها الوطنية وتأكيدها على مطالبها الأساسية التي توافق عليها الرؤساء الثلاثة، وهي: وقف العدوان، انسحاب العدو، إطلاق سراح الأسرى، وبدء الإعمار»، قائلا:»هذه هي مسؤولية الحكومة التي يجب عليها أن تعمل لتحقيقها كأولوية وطنية في برنامجها، وعندما تنجزها نجلس إلى الطاولة لنبحث الاستراتيجية الدفاعية كما الاستراتيجية الأمنية الوطنية، وإلا ستفشل كل المعالجات التي تقوم بها».
وقالت مصادر «الثنائي الشيعي» ان رئيسي الجمهورية والحكومة باتا في هذا الجو، لافتة الى انه رغم المساعي التي يقوم بها الرئيس عون لتقريب وجهاز النظر بملف حصرية السلاح، الا ان الهوة لا تزال كبيرة بين الطرفين، وبخاصة بين رئيس الحكومة وحزب الله».
واشارت المصادر لـ«الديار»:»يبدو واضحا ان جلسة ٥ ايلول عالجت بعض الشكل، لكن المضمون لا يزال على حاله وهنا الخطورة». واضافت:»قد يكون العنصر المطمئن الوحيد هو رفض كل القوى اي مواجهة داخلية ووضع الجيش بوجه حزب الله وبيئته… وهذا أمر محسوم لدى الجميع».
جديد ملف السلاح الفلسطيني
اما على صعيد ملف سلاح المخيمات الفلسطينية، وبعد انجاز المرحلة الرابعة التي شملت مخيمي البداوي وعين الحلوة، تتجه الانظار الى اللقاء الذي ستعقد لجنة الحوار الوطني الفلسطيني مع ممثلين عن حركة «حماس» و «الجهاد الاسلامي» وفصائل اخرى لاقناعها بالانضمام إلى عملية التسليم.
وبحسب معلومات «الديار»، فان هذا اللقاء لن يُعقد على الارجح هذا الاسبوع انما مطلع الاسبوع المقبل، كما انه لن يكون هناك اي عملية تسليم جديدة للسلاح خلال الاسبوع الراهن.
وكان السفير رامز دمشقية، رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، توقع بوقت سابق ان يتم اقفال ملف السلاح داخل المخيمات بشكل كامل مع نهاية الشهر الحالي، الا ان مصادر فلسطينية استبعدت هذا الامر، معتبرة في حديث لـ«الديار» ان «تسليم «حماس» وباقي الفصائل سلاحها ضمن هذه المهلة تفاؤل مبالغ فيه». وقالت المصادر:»نحن حاليا نجتاز المنعطف الاخطر في هذا الملف».