اعتبر مصدر سياسي بارز أن "تحليل التداعيات الإيجابية لهذا القرار يستدعي مقاربة شمولية، نظرا إلى تداخل العوامل الدستورية والأمنية والدولية التي تحكم هذا المسار. فمن الناحية السياسية، يعبر القرار عن نجاح المؤسسات الدستورية في تجاوز مأزق الانقسام الطائفي الذي كاد يعطل مسار الخطة. فانسحاب الوزراء الشيعة لحظة عرض قائد الجيش للخطة، كان بمثابة مؤشر على خطورة الانقسام حول هذا الملف".
واستكمل قائلاً: غير أن التسوية التي أفضت إلى إقرار الخطة على رغم التحفظات، جسدت قدرة النظام السياسي على إنتاج توافقات تعيد تثبيت شرعية الدولة. هذا البعد يعكس دينامية جديدة في العمل الحكومي قائمة على إدارة التباينات ضمن أطر مؤسساتية، وهذا ما يعطي القرار قيمة تأسيسية تتجاوز مضمونه الآني.
أضاف المصدر: "أما على المستوى الأمني، فإن تكليف الجيش حصرا بمهمة تنفيذ خطة حصر السلاح يرفع من موقع المؤسسة العسكرية إلى مستوى الفاعل المركزي في ضبط الأمن الوطني. فالخطة المكونة من خمس مراحل تبدأ من الجنوب وتشمل تدريجيا بقية المناطق، تمنح الجيش مساحة زمنية وميدانية للتدرج في التنفيذ، ما يقلل من احتمالات التصادم أو الانفلات. هذه المقاربة المرحلية تتيح إعادة إنتاج العقد الاجتماعي حول الجيش كضامن وحيد للاستقرار، وتعزز موقعه كأداة جامعة فوق الانقسامات الطائفية والسياسية".
وتابع: "من زاوية القانون الدستوري، يندرج القرار ضمن السياق الطبيعي لتطبيق اتفاق الطائف والبيان الوزاري وخطاب القسم، أي ضمن التزامات الدولة المعلنة سابقا. وهو بذلك يؤسس لشرعية مضاعفة، إذ يستند إلى نصوص مرجعية من جهة، وإلى إجماع حكومي رسمي من جهة ثانية. هذا المعطى يحصن القرار من التأويلات التي درجت القوى السياسية على استخدامها لتأجيل أو تعطيل استحقاقات مماثلة".
ويشير إلى انه "في البعد الديبلوماسي والدولي، يسهم القرار في تعزيز صورة لبنان كدولة ملتزمة بالقرارات الدولية، خصوصا القرار 1701، بما يوفر له رصيدا تفاوضيا إضافيا في مواجهة إسرائيل التي لاتزال تتنصل من التزاماتها. كذلك، فإن إظهار جدية رسمية في السير نحو حصرية السلاح، يشكل إشارة إيجابية للمجتمع الدولي والعربي، يمكن أن تنعكس دعما سياسيا وماليا للبنان، خصوصا أن المساعدات الخارجية لطالما ربطت بمدى قدرة الدولة على بسط سلطتها".
ويرى المصدر انه "اقتصاديا واجتماعيا، يمكن للقرار أن يشكل بداية لبيئة أكثر استقرارا تشجع على عودة الثقة بالاقتصاد الوطني. فالاستقرار الأمني والسياسي يعد شرطا لازما لأي خطة إنقاذ اقتصادية أو جذبا للاستثمارات. كما أن الشعور الشعبي بأن الدولة استعادت زمام المبادرة في ملف السلاح يعزز الثقة بالمؤسسات، ما يساهم في تخفيف الاحتقان المجتمعي وإعادة إنتاج العلاقة بين المواطن والدولة على أسس أكثر صلابة".
The post قرار حصر السلاح: توافق سياسي نادر يُعيد للدولة هيبتها appeared first on Lebtalks.