2025- 09 - 06   |   بحث في الموقع  
logo بالفيديو والصور: غضب في الضاحية الجنوبية.. وقطع طريق المطار logo مسودة سيناريو: "لبنان على حافة التحولات الجيوسياسية الكبرى"..(ناجي علي أمهز) logo مؤتمر بكين وصعود التعددية القطبية..( جواد سلهب) logo باسيل: لم نقف مع “حزب الله”! logo مقدمات نشرات الأخبار المسائية logo بالفيديو: إشكال مسلّح في مخيم شاتيلا logo سيلازار السراي... رئيس المهمّة..( د. محمد هزيمة ) logo بالفيديو: مسيرات "الحزب" تصل إلى عين الرمانة
مسودة سيناريو: "لبنان على حافة التحولات الجيوسياسية الكبرى"..(ناجي علي أمهز)
2025-09-05 22:20:00

على الرغم مما يجري، الا ان هناك خيار عند كافة اللبنانيين بعدم الانزلاق الى المواجهة الداخلية مما يعني بأن "لبنان بخير ولا شيء يدعو للقلق"، فإن الواقع الجيوسياسي يُظهر أن الجمهورية اللبنانية تواجه ضغوطًا إقليمية ودولية غير مسبوقة، تُشكل تهديدًا وجوديًا لاستقرارها وتماسكها. هذه الضغوط ليست مجرد تحديات عابرة، بل هي انعكاس لتحولات هيكلية عميقة في النظام الإقليمي، تُنذر بانتهاء "سايكس-بيكو" وبزوغ خرائط جيوسياسية جديدة. ولتوضيح الامر سأقدم سيناريو من سبعة محاور.

الأول: الإقليم
إن العجز الإقليمي عن إدارة التوترات المتصاعدة يُغذي طموحات قوى إقليمية ودولية. ففي الكيان الاسرائيلي تتصاعد المطالب بضم مناطق استراتيجية من سوريا، بينما تُراود أنقرة أطماعٌ في مناطق شمال سوريا وتُمارس نفوذًا على فصائل مسلحة. في هذا السياق، تظهر القراءات أن بعض الأطراف الإقليمية قد تطرح "مقايضات جيوسياسية"، حيث تُشير تصريحات "اعلامية اسرائيلية" اضافة الى تصريحا "توم باراك" إلى مطالبات سورية بطرابلس ومقولته الشهيرة ""إسرائيل" لم تعد تعترف بحدود سايكس بيكو، في مقابل تنازلات على جبهات أخرى. هذه السيناريوهات، وإن كانت مجرد افتراضات، تُبرز مدى ضخامة التحولات الكبرى بالمنطقة.

الثاني: أمريكا
تُظهر الإدارة الأمريكية تذبذبًا واضحًا في قدرتها على كبح جماح حلفائها الإقليميين، وخصوصًا إسرائيل. بظل الاعتقاد الشائع بأن واشنطن تستطيع إيقاف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل وهو يُعد تبسيطًا مفرطًا لواقع النفوذ الاسرائيلي. فصناعات الدفاع الأمريكية العملاقة (مثل لوكهيد مارتن، رايثيون، بوينغ) تُعد كيانات تتجاوز سلطة الإدارة الامريكية بسهولة. الأهم من ذلك، أن النفوذ الاستراتيجي للوبي المؤيد لإسرائيل داخل امريكا، بالإضافة إلى اتفاقية الدفاع المشترك بين أمريكا والكيان الإسرائيلي، يُعد عاملًا حاسمًا في تشكيل السياسة الخارجية، مما يُقيد بشكل كبير هامش المناورة للكونغرس والبيت الأبيض على حد سواء. وهناك تجارب تاريخية، مثل محاولات الرئيس ريغان لوقف توريد الأسلحة لإسرائيل (إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982) أو بيع طائرات الأواكس للسعودية (1981) واوقفت، تُشكل سوابق تؤكد قوة هذا اللوبي.
o يشكل اليهود حوالي 2% من الشعب الأمريكي.
o النفوذ في قطاعات حيوية (تقديري):
الإعلام: 20–40% (تأثير نوعي على الرأي العام وصناع القرار).
المال/الاقتصاد: 25–30% (سيطرة على مؤسسات مالية كبرى وصناديق استثمار).
الأوساط الأكاديمية/العلمية: 10–15% (تأثير فكري وبحثي عميق).
الصناعات العسكرية: النفوذ هنا سياسي أكثر منه ملكية مباشرة، عبر اللوبيات والتمويل السياسي.
الطاقة:  15%
o المقارنة مع النفوذ العربي: على الرغم من الودائع المالية الهائلة للدول العربية في الولايات المتحدة، إلا أنها غالبًا ما تُصنف كـ "استثمارات مالية صامتة" (Passive Investment)، تفتقر إلى النفوذ السياسي أو الإداري الفعال.
o الخلاصة: تُعاني الإدارة الأمريكية من عجز استراتيجي يقارب 40% في مواجهة اللوبي المؤيد لإسرائيل داخليًا، بينما يفتقر النفوذ العربي لأي تأثير ملموس. من هنا، يمكن القول إن لبنان، رغم افتقاره للمقومات الذاتية، يمتلك تأثيرًا رمزيًا وجيوسياسيًا أكبر في بعض الأحيان مقارنة بالدول العربية مجتمعة في واشنطن، مما يجعله نقطة اهتمام أمريكية للحفاظ على توازن إقليمي.

الثالث: أوروبا
في المقابل، تستشعر الدول الأوروبية، وخاصة فرنسا، خطورة التداعيات المحتملة لانهيار لبنان، ليس فقط بسبب روابطها التاريخية والثقافية (كونه آخر معقل فرانكفوني على المتوسط)، بل لخطر امتداد الفوضى إلى شواطئها. لذا، ستبدا العواصم الأوروبية نشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا لإقناع "الفريق الشيعي" بقبول تسويات سياسية، هدفها تجنب صراع داخلي كارثي. التحليلات الجيوسياسية تُشير إلى أن أي حرب داخلية لن تُغير معادلات القوة الإقليمية، بل ستُدخل لبنان في حالة إنهاك داخلي مُزمن، يتقاطع مع انهيار إقليمي شامل قد لا ينجو منه الكيان اللبناني.
قد تتجه الجهود الأوروبية نحو طرح حلول خلاقة تُقلل من الخسائر، بما في ذلك تقديم "بدلات مالية" أو "مردود ثابت من النفط" للطائفة الشيعية، أو حتى إعادة هيكلة للمناصب السياسية لضمان "توازن سياسي" يُلبي مطالبها دون المساس بالتركيبة العامة للدولة، وذلك بهدف استباق أي انهيار يُهدد المصالح الأوروبية.

الرابع: الدول العربية
تُدرك الدول العربية، المحكومة بديناميكيات داخلية وضغوط إقليمية، عجزها عن التأثير الفعال في مجريات الأحداث اللبنانية أو الإقليمية "غزة وسوريا نموذجا" وهي تسعى للانخراط في تسويات كبرى في المنطقة، فنجد ان الرئيس احمد الشرع يُظهر سكونًا أمام التوسع الإسرائيلي في الأراضي السورية، كما أنه غير قادر على التحرر من النفوذ التركي المتغلغل في فصائل الشمال السوري، مما يُضعف أي دور محتمل له في التأثير على المتغيرات الاقليمية.

المحور الخامس: الحكومة اللبنانية
تجد الحكومة اللبنانية نفسها أمام خيارات مريرة: إما القبول بما يُطرح عليها من تسويات مدعومة أمريكيًا وعربيًا، أو مواجهة العزلة الدولية الشاملة. هذه العزلة لن تتوقف عند سحب البعثات الدبلوماسية وفرض عقوبات اقتصادية قاسية، بل قد تشمل الطلب من الحكومة السورية بإغلاق الحدود البرية والبحرية وهي حتما ستفعلها، مقابل فرض إسرائيل حصارًا شاملًا يُنفذ "بالنار والبارود" بحراً وجواً.
في هذا السياق، تُصبح استراتيجية "كسب الوقت" والمناورة الدقيقة ضمن توازنات هشة هي الخيار الوحيد المتاح أمام رجال الحكم في لبنان. ما يحدث ليس خروجًا عن السياق الطبيعي، بل هو تكيف مع "متغير الشرق الأوسط" الجديد.

المحور السادس: الحنكة الشيعية "حقول الألغام"
من يراقب السياسة يجد ان موقف "الطائفة الشيعية" يُعد عنصر قوة للحكومة اللبنانية، رغم ما يُشاع من "سذاجة سياسية" تُفسر مواقفها على أنها تُعرض لبنان للخطر. في الأعراف السياسية الجيوسياسية، يُمكن النظر إلى هذا الموقف كجزء من توازن سياسي دقيق ومعقد للغاية.
إن قيادة الثنائي الشيعي للعملية السياسية تُشبه "الابحار في بحر مضطرب ومليء بحقول الألغام البحرية"، مما يتطلب حنكة استثنائية. وهذه القيادة تتمتع بخبرة سياسية غنية ونادرة في العالم العربي، وتسعى جاهدة للحفاظ على توازنات داخلية وخارجية، مع فهم عميق لمحدودية الخيارات المتاحة.
إن استراتيجية "كسب الوقت" تُفضي إلى تأكيد إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المحدد، مما يعني ثمانية أشهر من التجاذبات التي قد تنتهي بـ "حكومة تصريف أعمال"، وبالتالي تأجيل القرارات الكبرى، ومنها "موضوع السلاح"، إلى حين نضوج الظروف الإقليمية.

السابع: لا حرب إسرائيلية على لبنان أو إيران.
في ظل هذه التعقيدات، تُعد الأصوات التي تُقرع طبول الحرب مع إسرائيل، وتُحدد عدد الصواريخ بدقة، "حمقاء وغير مسؤولة". فالأولويات الإسرائيلية تُشير إلى تركيزها على الجبهة السورية وغزة وقضايا داخلية، مما يُبعد احتمال نشوب حرب كبرى مع لبنان في المدى المنظور، أو حتى مع إيران لأسباب أصبح الجميع يعرفها، خاصة بعد الحرب القصيرة التي خاضها الكيان الإسرائيلي مع إيران وكادت أن تطيح به.

الخلاصة:
لبنان يواجه مرحلة مفصلية تتطلب فهمًا عميقًا للتحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية. إن "سياسة كسب الوقت" والدبلوماسية المعقدة التي تُدار حاليًا، على الرغم من هشاشتها، تُشكل محاولة للمحافظة على الحد الأدنى من الاستقرار في بحر من المتغيرات العاصفة بالمنطقة.

الختام:
ساسة لبنان يعلمون جميعهم أنه بحال أصيب الكيان اللبناني، لن يبقى شيء لا من وجودهم أو نفوذهم، وسنتحول جميعًا إلى أرقام في دفاتر الأمم المتحدة نبحث عن لجوء جديد كما فعل أسلافنا الفينيقيون بسبب الضغط السياسي والعسكري في المشرق، مما أوصلهم إلى قرطاج.




ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBAANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top