أكثر من مؤشّر برز أمس بما يتعلق بجلسة الحكومة المنتظرة اليوم لمناقشة خطّة الجيش اللبناني التي وضعها حول حصر السّلاح به، بعد نزعه من حزب الله والفصائل الفلسطينية تحديداً، أغلبها لا يشير إلى أنّ الأمور سالكة وتسير نحو نهاية لا تؤدّي إلى نشوب أزمة، أو على أقل تقدير تؤجّل إنفجارها.
فبعد إعلان حزب الله الصريح تمسكه بسلاحه ورفضه تسليمه قبل تحقيق شروط لا تبدو متوافرة، وإعلان الفصائل الفلسطينية غير المنضوية بمنظمة التحرير الفلسطينية بأنّها غير معنية بقرار السّلطة الوطنية الفلسطينية تسليم سلاح حركة فتح إلى الجيش اللبناني، وجدت الحكومة اللبنانية نفسها أمام مفترق صعب، خصوصاً بعد الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة، ومعها إسرائيل، ودول عربية على حكومة الرئيس نوّاف سلام لدفعها قدماً نحو تنفيذ قرارها بحصر السّلاح الذي اتخذته في جلستي 5 و7 آب الماضي.
هذا المفترق الصّعب أمام الحكومة تُرجم في السّاعات الماضية بمواقف وتصريحات وتسريبات أثارت الكثير من القلق والمخاوف، وعمّقت الإنقسام بدلاً من التخفيف منه، خصوصاً التسريبات التي تحدثت عن نصيحة وجّهها مرجع كبير إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون بأن لا يترأس جلسة الحكومة إذا ما غاب عنها الثنائي الشّيعي الذي رجّح مراقبون أن ينسحب من الجلسة إذا بادرت الحكومة إلى مناقشة خطّة الجيش بخصوص السّلاح، وعدم الأخذ بمواقفه ووهواجسه، وما نُقل عن عون بأنّه أخبر سلام بأنّه لن يشارك في جلسة قد يغيب عنها مكوّن طائفي.
وزاد من نسب القلق والمخاوف ما نُقل عن رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي من امتعاضه من المسار الذي تمشي به الحكومة وتلويحه بمقاطعتها، وصولاً إلى تحذيره من أنّ “أيّ جلسات أو قرارات قد تُعتبر خرقاً للميثاقية أو مدخلاً لتهديد السّلم الأهلي”، قبل أن يختم قائلاً: “اللهم إنّي قد بلغت، اللهم فاشهد”، وهي عبارة يعرف المعنيون ماذا تعني عندما يقولها برّي، وما خلفياتها وتأثيرها في الشّارع الشّيعي والمتعاطفون معه.
ما سبق ترك إنطباعاً أنّ السّاعات الماضية والسّاعات القليلة المقبلة قبل انعقاد جلسة الحكومة تبدو وكأنّها في سباق مع الوقت من أجل التوصّل إلى تسوية مقبولة وإلى نزع فتيل إنفجار كبير، وسط سيناريوهات عديدة تطرح كمخارج لجلسة الحكومة اليوم.
من بين هذه المخارج تأجيل مناقشة خطّة الجيش إلى موعد لاحق، إلى حين تأمين أجواء ملائمة، أو أن تعلن الحكومة علماً بها دون مناقشتها، وهي مناقشة نُقل عن وزراء الثنائي طلبهم تأجيلها إلى آخر الجلسة لأنّهم سينسحبون منها إذا كانت الخطّة بنداً أول على جدول جلسة الحكومة، ما قد يُعرّض الجلسة لأن تطير إذا ما رفض رئيس الجمهورية، كما نُقل عنه، أن يستمر في ترؤس الجلسة إذا ما انسحب الوزراء الشّيعة منها؛ أمّا إذا استمرت الحكومة في جلستها، بعد انسحاب الوزراء الشّيعة منها، وأقرّت خطة الجيش تحت ضغوط داخلية وخارجية، فعندها لا يعرف أحد كيف ستكون ردود الفعل في السياسة والشّارع، ولا تداعيات دخول البلاد في مرحلة شديدة الإنقسام وبالغة الخطورة.
موقع سفير الشمال الإلكتروني