يُعد ملف ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، برّاً وبحراً، واحداً من أعقد القضايا السيادية المعلّقة بين البلدين، ومع وصول الحكم الجديد الى السلطة في دمشق، عاد هذا الملف إلى الواجهة.
وكتب ميشال نصر في” الديار”: يرى الكثيرون في المرحلة الحالية، الفرصة السياسية الذهبية “لتسكير هذا الملف”، نتيجة التداخل بين السعي السوري لإعادة التموضع الإقليمي والدولي، من جهة، وحاجة لبنان الماسّة إلى حماية موارده البحرية واستعادة سيطرته على حدوده، من جهة ثانية، ما يجعل من ملف الترسيم نقطة اختبار مبكرة لنيات دمشق، ومؤشراً حاسماً على مدى الاستعداد للدخول في تسويات جادّة بعيداً عن نهج الهيمنة التاريخي.
وتشير المصادر الى ان الرئيس السوري يُدرك أن أي نهضة اقتصادية لبلاده تحتاج إلى استقرار سياسي وحدودي، وأن الانفتاح على المجتمع الدولي يتطلب معالجة ملفات كانت تُعتبر محرّمة في الفترة السابقة، حيث من الواضح تعامله مع هذا الملف كخطوة استباقية لطمأنة العالم، وإثبات استعداده لاتباع آليات قانونية دولية في إدارة ملفاتها، كما أن التنسيق مع لبنان في
ملف الحدود البحرية، قد يفتح لسوريا الباب للمشاركة في مشاريع الطاقة الإقليمية، ما دامت خارطة موارد المتوسط تعيد رسم النفوذ.
وكشفت المصادر، ان الجهود الاميركية والسعودية المبذولة نجحت في احداث خرق على صعيد بعض الملفات، من بينها الترسيم، ونقل مستوى التواصل بين البلدين، من العسكري الى السياسي، وهو ما سيترجم في زيارة وفد وزاري سوري رفيع الى بيروت، لبحث ملف المعتقلين بشكل اساسي، وموضوع الحدود الشرقية، بعدما اثبتت الية التنسيق الموضوعة نجاعتها في ضبط الاشكالات.
في الخلاصة يمثل ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان وسوريا اليوم، أحد أبرز التحديات السيادية المعلّقة في العلاقة الثنائية.
غير أنّ فرص نجاح هذا الترسيم لا تزال رهينة عدّة عوامل، ابرزها: مدى استعداد النظام السوري للتخلي عن ورقة التحكم بالحدود كورقة نفوذ، وموقف القوى اللبنانية المؤثرة الرافضة للتعامل مع دمشق الجديدة، والمناخ الإقليمي والدولي الذي سيرعى أو يعرقل هذا المسار. فالترسيم ليس مجرد اتفاق تقني، بل قرار سياسي يتطلب إرادة واضحة، وثقة متبادلة، وضمانات خارجية.
The post ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا رهن ثلاثة عوامل appeared first on .