أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، انه “علينا تعزيز الاهتمام العربي والدولي بلبنان بخطوات استعادة الثقة بدولته”، ورأى ان “مجلس الوزراء هو منصة لتبادل الرأي واتخاذ القرارات بعد النقاش وهذا ما يحصل”، داعيا “للخروج من الزواريب الطائفية والمذهبية والحزبية باتجاه حزب لبنانوالطائفة اللبنانية والتفيؤ بعلمنا الواحد”.
موقف الرئيس عون جاء في خلال استقباله وفدا من جمعية “إرادة” برئاسة لؤي ملص، الذي تحدث في مستهل اللقاء، فقال: “يشرفني أن أقف أمامكم اليوم، باسم اتحاد رجال الأعمال للدعم والتطوير – “إرادة”. نحن اتحاد رجال أعمال من مختلف القطاعات، تجمعنا قناعة راسخة أن خلاص لبنان لن يكون بالانتقاد أو بالمطالب الضيقة بل بالعمل والتعاون”.
ولفت الى ان لبنان “مر منذ تشرين الأول 2019 بست سنوات صعبة، تراجعت خلالها ثقة المواطن والمستثمر معا. ومع ذلك، أثبت اللبنانيون قدرتهم على الصمود لكن الصمود وحده لا يكفي. القطاع الخاص كان ولا يزال العمود الفقري لاقتصادنا، والمحرك الأساسي لعجلة النمو وخلق فرص العمل، والسند الأول لصمود اللبنانيين في وجه الأزمات”.
اضاف: “ما نحتاجه اليوم هو شراكة فعلية بين القطاعين العام والخاص، شراكة تقوم على أساس واحد، الا وهو استعادة الثقة. الثقة، فخامة الرئيس، ليست شعارا نردده، بل مسارا عمليا يتطلب خطوات واضحة: أولا، إصلاح القطاع المصرفي ليستعيد دوره الطبيعي في حماية الودائع وتمويل الاقتصاد. ثانيا، الخروج من الاقتصاد النقدي والعودة إلى نظام مالي منظم وشفاف مندمج مع العالم. ثالثا، تسهيل المعاملات والرقمنة لتقليص البيروقراطية وتحفيز الاستثمار. رابعا، تقديم الحوافز للقطاعات الواعدة مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة والزراعة الحديثة والسياحة، وخامسا، تطوير البنية التحتية عبر شراكات بناءة بين الدولة والقطاع الخاص”.
اضاف: “فخامة الرئيس، لقد أثبتم خلال قيادتكم للجيش أن الإدارة الحكيمة والبعيدة عن التجاذبات السياسية، قادرة على حماية المؤسسة العسكرية والحفاظ على ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي بها. واليوم، وأنتم على رأس الجمهورية، يتطلع اللبنانيون إلى قيادتكم بحزم وحكمة، في الملفات المصيرية، وفي طليعتها ملف نزع السلاح وما يحمله من مسؤوليات وطنية كبرى، إيمانا من الجميع بأن دولة القانون وحدها قادرة أن تضمن الأمن والعدالة والمساواة”.
وتابع: “إن اللبنانيين لا ينسون عهد الرئيس اللواء فؤاد شهاب، الذي شكل نموذجا في بناء الدولة القوية القائمة على العدالة والشفافية والمؤسسات. واليوم، يرون في قيادتكم، فرصة لتجديد هذا النهج ولارساء دولة حديثة تستند إلى الثقة بين الدولة ومواطنيها وبين لبنان والمجتمع الدولي. ندرك تماما أن التحديات التي تواجهونها، جسيمة، وأن الدولة التي ورثتم إدارتها مثقلة بالمشاكل المتراكمة. لكننا نؤمن أن لكل مشكلة حل، ولكن الحلول التقليدية لم تعد تنفع”.
واوضح ان “البيروقراطية والتجاذبات والحسابات الطائفية والمناطقية والحزبية، كانت السبب الرئيسي وراء تعطيل نهضة وطننا. والحل لا يكون إلا عبر قرار صارم تحركه رؤية واضحة وحديثة للنهوض بلبنان”.
واردف: “فخامة الرئيس، المواطن اللبناني أينما تواجد، كان وراء نجاح ونهوض العديد من دول المنطقة. وشركات اللبنانيين في الخارج خير دليل على طاقاتهم وإبداعاتهم. وإذا أحسنا استثمار هذه الطاقات داخل وطننا، فإنها ستكون عونا كبيرا على إعادة بناء الاقتصاد وإعادة لبنان إلى مكانته الريادية”.
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، مؤكدا “أهمية استعادة الثقة التي لطالما افتقدها اللبناني والخارج بالدولة اللبنانية”، لافتا الى ان “لبنان بدأ هذا المسار وقامت الحكومة منذ آخر شهر شباط الماضي بخطوات جبارة في هذا السياق، وهي وان كانت بطيئة إلا أنها في الاتجاه الصحيح في ظل نظامنا البرلماني”، مشددا على ان “لبنان ليس مفلسا، بل غنيا بابنائه في الداخل ودول الانتشار، الذين يشكلون اكبر رأسمال لوطنهم، وعلينا نحن ان نؤمن الاستقرار لهم، وهو ما تقوم به الحكومة، إن في الملف الاقتصادي أو في غيره من الملفات، حيث أقرت قوانين عدة، كما سجل عدد من المؤشرات الجيدة”، مشددا على “أهمية مكافحة الفساد الذي لطالما بقي من دون أي محاسبة لسنوات خلت”.
وقال: “سأدرس قانون استقلالية القضاء الذي اقره مجلس النواب، والحكومة تعمل على اعداد مشروع قانون الفجوة المالية، كما ان التعيينات التي اقرت والانتخابات البلدية التي انجزت واللقاء مع صندوق النقد الدولي ومؤشر اليوروبوندز وغير ذلك، كل ذلك شكل خطوات ومؤشرات في الاتجاه الصحيح”، ولفت الى “الاهتمام العربي والدولي بلبنان، والذي علينا بالمقابل تعزيزه بخطوات استعادة الثقة بالدولة”، منوها بـ”مساهمات لبنانيي الانتشار الذين يرفعون رأس لبنان عاليا، في نهضة الدول التي يحلون بها”.
وتابع: “علينا مواصلة الخطى لنسير مع العولمة ونواكب التطور والتقدم الحاصل في كل دول العالم، لا سيما في دول الخليج التي شكلت مساهمات اللبنانيين جزءا أساسيا في نهضتها”، واكد “أهمية الاستثمار بالعقول، فهي الثروة المستدامة”.
ودعا الرئيس عون الى “الخروج من الزواريب الطائفية والمذهبية والحزبية باتجاه حزب لبنان والطائفة اللبنانية والتفيؤ بعلمنا الواحد، والتعالي عن صغائر الأمور، وإلا سقط السقف على الجميع من دون استثناء. فلبنان الطوائف لا يصنع دولة بل وحدها الدولة هي التي تحمي كل الطوائف وتحمي لبنان”، آملا بأن “تجري الانتخابات النيابية المقبلة وفق القانون الذي يضمن مصلحة البلد”.
وأشار الرئيس عون الى دعوته الدائمة للوزراء والقضاة، “للتركيز على عملهم فتتحدث عنهم انتاجيتهم وعدم الرد على احد”، وقال: “مصممون على المضي قدما رغم التحديات والصعوبات وليس هناك من مستحيل او خوف على لبنان”.
وختم قائلا: “يعيروننا بالتأخير في جلسات مجلس الوزراء. وانا أقول ان المجلس هو منصة لتبادل الرأي واتخاذ القرارات بعد النقاش، وهذا ما يحصل. وقد اتخذت بالفعل قرارات لم تصدر في السابق”، مشددا على “أهمية ايجاد آلية للتنسيق بين القطاعين العام والخاص للنهوض بالبلد من خلال مشاريع حيوية واساسية، وأهمية تعزيز روح المواطنة والولاء للوطن من خلال وضع مصلحة البلد فوق كل اعتبار”.
واستقبل الرئيس عون وفد الجمعية السويسرية اللبنانية برئاسة باتريسيا لاشا، أطلعه على نشاطات الجمعية، لا سيما لجهة “تقديم مساعدات للدفاع المدني” ووضعه في صورة “مؤتمر المحافظين والقائمقامين في الدول الفرانكوفونية الذي تنوي الجمعية تنظيمه في أواخر العام 2026 في بيروت“.
وفي قصر بعبدا، مدير مكتب لبنان في مركز جنيف لحوكمة قطاع الامن DCAF آدم ستايب ريكويسكي Adam Styp-Rekowski الذي اطلع الرئيس عون على التعاون القائم بين المركز والجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الأخرى، مؤكدا “استمرار برامج العمل المشتركة دعما لهذه المؤسسات في مهامها”.
وأشار الى “الجهوزية في مساعدة الجيش بعد انتشاره في الجنوب، إضافة الى برامج خاصة بقوى الامن الداخلي والامن العام والجمارك والدفاع المدني”. وأشار مدير المكتب الى “اهتمام خاص باوضاع السجناء واعداد إصلاحات خاصة بهم، بهدف مساعدة الدولة اللبنانية على معالجة ملفهم في ضوء الاكتظاظ الذي تعاني منه السجون في لبنان”.
وشكر الرئيس عون ريكويسكي على “جهوده مع فريق عمله”، مؤكدا “الجهوزية الكاملة للجيش والأجهزة الأمنية للتجاوب مع كل ما من شأنه تطوير دورها وتفعيل أدائها على الأراضي اللبنانية كافة”.
واطلع الرئيس عون من رئيس هيئة التفتيش المركزي القاضي جورج عطية على عمل التفتيش في الإدارات والمؤسسات العامة، لا سيما في ما يتعلق بملاحقة المخالفات في هذه الإدارات