من المقرر ان تكون لرئيس الجمهورية جوزاف عون كلمة في مناسبة عيد الجيش في الاول من آب.
وكان الرئيس عون ترأس اجتماعًا وزاريًا وأمنيًا خُصّص للبحث في الوضع الأمني، ودراسة مسألة الاكتظاظ في السجون اللبنانية نتيجة ارتفاع عدد السجناء، بمن فيهم السجناء السوريون، والإجراءات الواجب اتخاذها لمعالجة هذا الأمر، ووضع الأطر القانونية كافة التي تتيح تسريع المعالجة.
وكتبت” الاخبار”: تركّز الاجتماع على أزمة الاكتظاظ في السجون والإجراءات الواجب اتخاذها. وتزامن مع الطلب السوري الرسمي باسترداد سجناء سوريين من لبنان، الذي تحول دونه موانع قانونيّة. وبينما شدّد عون أمام الموجودين على وجوب تحسين أوضاع السجون من خلال تقليص أعداد الموقوفين، أكّد الحاضرون من القانونيين استحالة تسليم موقوفين لم تصدر في حقهم أحكام نهائية، معتبرين أن مثل هذا التسليم يتناقض مع نصوص القانون اللبناني. وطرحوا صيغة معاهدة أو اتفاقية تعاون قضائي تُبرم بين وزيري العدل في البلدين، وتسمح بتسليم المحكومين في قضايا لا تتعلق بالإرهاب أو قتل العسكريين.
وفي هذا السياق، ألمح عون إلى إمكان الشروع بمفاوضات مع الجانب السوري تمهيداً لصياغة هذه المعاهدة. ويتردّد أن دعوة عون للاجتماع الموسّع سببها اشتراط وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني تلقّي إشارات إيجابية ملموسة من الجانب اللبناني ليزور بيروت، مع الإشارة إلى أن اجتماع بعبدا لم يتطرّق إلى الكثير من تفاصيل قضية السجناء السوريين المعروفين بـ«الموقوفين الإسلاميين».
وعلم أنّ الأجهزة الأمنية بدأت قبيل الاجتماع بإعداد جداول تفصيلية بأسماء السجناء السوريين الموجودين لديها، تمّ تصنيفهم وفقاً للجرائم أو التهم الموجّهة إليهم، مع وضع اقتراحات بأسماء يُعدّ خطرهم أقل، ولا تشملهم تهم قتل أو محاولة قتل عسكريين. ويُفترض أن تُرفع هذه التوصيات والاقتراحات إلى الجهات المعنية في أقرب وقت في سياق البحث عن حلول عملية لتقليص الاكتظاظ.
وبحسب المجتمعين، تخلّلت الاجتماع مداخلات قانونية لكل من وزير العدل عادل نصّار، والنائب العام التمييزي القاضي جمال الحجّار، والقاضي رجا أبي نادر، ركّزت على الحلول القانونية الممكنة. ومن بين أبرز ما طُرح، ضرورة التشدد في تطبيق المادة 108 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، التي تمنع أن تتجاوز مدة التوقيف الاحتياطي في الجنح شهرين، وفي الجنايات ستة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة فقط.
وأكّد المتحدثون أنّ تطبيق هذه المادة من شأنه أن يخفّف الاكتظاظ ويُسرّع المحاكمات. كما أشاروا إلى أهمية تفعيل جلسات محكمة الجنايات في سجن رومية، مستعرضين تقريراً يُظهر أن انعقاد المحكمة في الفترة ما بين 3 حزيران و10 تموز أدّى إلى 406 جلسات نظرت في قضايا 500 موقوف، وتمّت إحالة 177 منهم إلى مرحلة إعلان الأحكام.
واللافت أنّ مواقف نصار والحجّار وأبي نادر كانت حاسمة لجهة عدم إمكانية تسليم الموقوفين قبل محاكمتهم، مشيرين إلى أنّ الاكتظاظ ليس نتيجة مباشرة لوجود السجناء السوريين، بل تفاقمت المشكلة بعد تدفّقهم الكبير. كما بيّنوا أن معظمهم متّهمون بجرائم قتل وسرقة، فيما الأقلية موقوفون بسبب عدم حيازتهم أوراق إقامة، خصوصاً أنّ بعض القضاة يظهرون تهاوناً في توقيف من دخلوا البلاد خلسة.
وخلص الاجتماع إلى أن لا حلول سريعة وسحرية، بل إنّ السبيل القانوني الأقصر يبدأ بإجراء مفاوضات رسمية لإبرام معاهدة أو اتفاق قضائي مع سوريا، يُلزم لبنان بتسليم المحكومين لاستكمال محكومياتهم في بلادهم، على أن تبقى هذه المعاهدة محصورة في من صدرت في حقهم أحكام نهائية، ويُستكمل تسريع المحاكمات لتشمل الباقين.
وقالت مصادر مطلعة على أجواء الاجتماع لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع «خصّص للبحث في أزمة السجون اللبنانية والاكتظاظ فيها»، لافتة إلى أنه «جرى التشديد أمام وزيري الداخلية أحمد الحجار، والعدل عادل نصار، على أنه مع صدور التشكيلات القضائية المنتظرة هذا الصيف أو بداية السنة القضائية، يجب أن يفعّل القضاء عمله»، موضحة أنه «على قضاة التحقيق والمحاكم أن يفصلوا في مئات الدعاوى التي أنجزت ولا تستحق التأخير».
وقالت المصادر إن هذه الدعوة جاءت من خلفية أنه «حين يتم الفصل في تلك الدعاوى سيتم إخلاء سبيل عدد كبير من الموقوفين، وتالياً، سيتم التخفيف من أزمة الاكتظاظ في السجون». كما تطرّق الاجتماع إلى ضرورة الاهتمام بالسجون، وتحسين الظروف المعيشية والرعائية فيها والعناية بها، فضلاً عن زيادة التقديمات الطبية، وإيلاء النظافة عناية أكبر.
وفيما يخص الموقوفين السوريين، قالت المصادر إن وزير العدل عادل نصار «أبلغ المجتمعين أنه في الأيام المقبلة، سيتصل بنظيره السوري لترتيب اجتماع، سواء في بيروت أو دمشق، لبلورة اتفاقية تتعلق بتبادل المحكومين، والتوقيع عليها»، أي استرداد دمشق لمساجين سوريين مدانين في لبنان بتهم جنائية، أو استرداد بيروت مساجين لبنانيين مدانين في سوريا، لإتمام محكوميتهم في سجون بلدهم.
وأشارت المصادر إلى أن هذه الاتفاقية «تحتاج إلى توقيع كلا الوزيرين، ومصادقة البرلمان اللبناني على الضفة اللبنانية، لتأخد طريقها إلى التنفيذ».
ويبلغ عدد الموقوفين السوريين في السجنون اللبنانية، 1700، منهم 389 صادرة بحقهم أحكام قضائية، والبقية يحاكَمون تباعاً.