تَمثُل حكومة نواف سلام أمام مجلس النواب اليوم في جلسة مناقشة عامة، بعد ستة أشهر على نيلها ثقته، وذلك في خطوة تهدف إلى إعادة تفعيل دور المجلس في مراقبة السلطة التنفيذية ومساءلتها، خصوصا في ظل كمّ التنظير الذي يسيطر عليها في كل الملفات من دون وصول أي منها إلى خاتمة سعيدة، بما في ذلك الدبلوماسية التي فشلت في تحقيق الانسحاب الإسرائيلي ووقف العدوان للبدء في البحث الجدي في ملف السلاح وإستثماره في تعزيز الأمن الوطني.
لا شك في أن عددا لا يستهان به من النواب يستعدون لطرح ملف السلاح بهدف إحراج حزب الله، لكن ذلك لن يعدو كونه “زوبعة في فنجان” في ظل الأولوية اللبنانية التي يتبناها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وأكثرية اللبنانيين وتقضي بتأجيل ملف السلاح إلى ما بعد التزام إسرائيل بإتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار ١٧٠١.
واللافت، أن النواب الذين سيثيرون ملف السلاح تحت شعار السيادة، يتناسون تقصير الحكومة الفاضح في الدفاع عن لبنان ومواجهة مشاريع رسم الخرائط والضم والفرز التي يتهدد بها من أكثر من جهة.
في الإعلام الإسرائيلي ثمة تسريبات أن الرئيس السوري أحمد الشرع طلب ضم مدينة طرابلس (عاصمة لبنان الثانية) مقابل التخلي عن الجولان للعدو الاسرائيلي، الأمر الذي أدى إلى حالة من الإرباك في الساحة اللبنانية ضاعف منها بعض التحليلات الصحافية التي نسجت روايات بعيدة عن الواقع ولا تمت إلى الحقيقة بصلة حول المدينة وأهلها، من دون أن يحرك رئيس الحكومة نواف سلام ساكنا أو وزير خارجيته جو رجي لجهة إجراء الاتصالات برئيس الحكومة السوري ووزير خارجيته لتبيان الأمر وطمأنة اللبنانيين عموما والطرابلسيين خصوصا.
وبالأمس، هدد المبعوث الأميركي السفير توماس باراك لبنان في حال لم تتخذ حكومته خطوات سريعة على صعيد حصرية السلاح “بإعادته إلى بلاد الشام” وتلزيمه ضمنا إلى سوريا في ظل الحديث عن رغبة دولية وعربية بذلك، وأيضا لم يحرك رئيس الحكومة نواف سلام ساكنا سواء كان ذلك خوفا من الأميركي أو لعدم مبالاة وتقصير، فيما لبنان كله منشغل بكلام باراك الذي وجد أيضا صدى لتهديداته لدى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي حاول تبرير هذا التهديد والترويج له.
وكذلك الأمر بالنسبة للعدوان الاسرائيلي المستمر والذي توسع مؤخرا ليطال محيط طرابلس، في ظل غياب الحكومة رئيسا ووزير خارجية لجهة التعايش مع هذا العدوان وإعتباره أمرا طبيعيا من دون إصدار أية بيانات إستنكار أو حتى تقديم الشكاوى عن أكثر من أربعة آلاف خرقا إسرائيليا لاتفاق وقف إطلاق النار وللقرار ١٧٠١ على حد سواء، ولدى سؤال الوزير جو رجي عن ذلك رد بتهكم قائلا: “كل يوم في عدوان إسرائيلي شو أنا كل يوم بدي قدم شكوى”، كذلك فقد نعى رجي الدبلوماسية بالقول: “هي تتطلب قوة عسكرية أو قوة إقتصادية لا يملكهما لبنان، وليس لدينا خيار إلا أن نذهب ونبكي عند أصدقائنا الأميركيين لمساعدتنا”، وهذا منطق لا يشبه لبنان ولا صموده في وجه العدوان ولا تحرير أرضه من رجس الاحتلال في العام ٢٠٠٠.
كان الأجدر بمجلس النواب أن يعقد جلسة لمساءلة الحكومة على هذا التقصير الفاضح وليس حصر الأمر بالسلاح الذي يسعى الأميركي لسحبه بحسب السفير باراك فقط لأنه يهدد الكيان الاسرائيلي.
هذا التقصير الحكومي، دفع رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى قطع الشك باليقين، حيث أكد أن “وحدة الأراضي اللبنانية ثابتة وطنية كرسها الدستور ويحميها الجيش وإرادة اللبنانيين الذين قدموا التضحيات على مر السنين للمحافظة عليها”، وقال: “لقد أقسمت اليمين بعد إنتخابي رئيسا للجمهورية على المحافظة على إستقلال الوطن وسلامة أراضيه، ويخطىء من يظن ان من أقسم مرتين على الدفاع عن لبنان الواحد الموحد يمكن ان ينكث بقسمه لأي سبب كان او يقبل بأي طروحات مماثلة”.
The post لبنان بين العدوان ورسم الخرائط والضم والفرز.. والحكومة غائبة!.. غسان ريفي appeared first on .