أكد رئيس حركة الشعب، الأستاذ نجاح واكيم، أن الفشل في تحقيق استسلام إيران دفع واشنطن إلى استجداء وقف غير مشروط للحرب، وهذا استسلام لأميركا وكيان الاحتلال أمام الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: حرب عدوانية همجية شنها العدو الصهيوني، بغطاء ودعم أميركي، على الجمهورية الإسلامية في إيران، تحت ذرائع وحجج واهية باطلة، هدفها التخفيف من قدرة وقوة إيران العسكرية والنووية. أُضيف إلى ذلك محاولة فصلها عن القضية الفلسطينية وحركات المقاومة في المنطقة.
إلا أن القدرة على المواجهة والرد الإيراني، داخل الكيان الغاصب، ولا سيما في تل أبيب وحيفا، فاجأت وصدمت العدو ومن خلفه الإدارة الأميركية وأوجعتهما. وتمكنت من تثبيت موقفها الإقليمي والدولي.
وعلى ضوء الرد الإيراني، وفشل الإسرائيلي والأمريكي في احتواء الموقف، سارعتا عبر وسطاء إقليميين ودوليين، للتدخل عند إيران لوقف إطلاق النار بين إيران والعدو الصهيوني.
في اليوم الأول من الحرب العدوانية التي شنّها جيش الاحتلال الصهيوني على الجمهورية الإسلامية، واستهدف فيها عددًا من القادة العسكريين والعلماء الإيرانيين.. خرج الرئيس الأميركي مزهوًا بالجريمة ومعلنًا النصر، وطلب من قادة الجمهورية الإسلامية الاستسلام غير المشروط. ولكنه في نهاية الحرب عاد ليستجدي وقفًا غير مشروط للحرب، معلنًا استسلامه مع حليفه الصهيوني. فكيف تفسّرون هذه المفارقة؟
في البداية، لنسأل: ما كان الهدف الأميركي–الصهيوني من الهجوم على الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟
هذه الحرب التي شُنت عليها كانت حلقة في مشروع تدمير المنطقة، تدمير كيانات المنطقة، وإعادة رسم الجغرافيا السياسية والديموغرافية في هذه المنطقة على أسس إثنية وطائفية، بحيث تكون “إسرائيل” هي القوة الوحيدة في هذا النظام الشرق أوسطي العتيد.
هل تمكّنت أميركا و”إسرائيل”، في ضوء هذا الهدف، من تحقيق أي نتيجة؟ في الحقيقة، إسقاط النظام والدولة في الجمهورية الإسلامية لم يتحقّق. ألحقوا ضربات، ولكن البرنامج النووي الإيراني ظل صامدًا، وإيران قادرة على ترميم ما أصاب هذا المشروع، ولا يزال قائمًا. ولن تتخلّى الجمهورية الإسلامية عن حقّها في تطوير برنامج نووي سلمي.
هذا الفشل هو الذي دفع الرئيس الأميركي، الذي كان يقول: “مطلوب من إيران الاستسلام الكامل”، وهذا كان هدفه وهدف الصهاينة، إلى أن يُسرع إلى استجداء وقف غير مشروط للحرب. وهذا يُشكّل استسلامًا لأميركا و”إسرائيل” أمام الجمهورية الإسلامية.
ما هي أهم النتائج المترتبة على الانتصار العظيم الذي حققته الجمهورية الإسلامية على قوى العدوان؟ وكيف سيؤثر ذلك على قضايا الصراع في المنطقة، ولا سيما مكانة إيران الإقليمية والغطرسة الصهيونية على شعوب المنطقة؟
في الحقيقة، صحيح أن التاريخ لا يكرّر نفسه، لكن فصوله تتشابه كثيرًا أحيانًا. فالعدوان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية يُذكّرنا بالعدوان الثلاثي على مصر عام 1956، والعدوان الأميركي–الإسرائيلي على الدول العربية في عام 1967. فهل إن نتائج هذه الحرب تشبه نتائج حرب الـ67، أم نتائج حرب 56؟
في الحقيقة، إنها تُشبه كثيرًا العدوان على مصر في عام 1956. كان أيضًا آنذاك مطلوب إسقاط الدولة والنظام، الذي كان يقوده جمال عبد الناصر، والذي رفض سياسة الأحلاف الغربية وتصدى لها. وقد أدّى ذلك إلى تراجع المكانة الدولية لقوى العدوان، خصوصًا بريطانيا وفرنسا.
أعتقد الآن، وبعد هذا الانتصار العظيم للجمهورية الإسلامية، والفشل الكبير لأعدائها، أن إيران — إيران الثورة، إيران بكل ما تُمثّل وما تؤمن به — سوف تخرج من هذه الحقبة أو من هذه الحلقة من الصراع، أكثر قوة، وأقوى في مكانتها وتأثيرها على الصعيدين الإقليمي والعالمي مما كانت عليه قبل الهجوم عليها.
وهذا سوف تكون له آثار وتداعيات، سواء لدى الكيان الصهيوني، الذي سوف يدخل في مأزق خطير، أو لدى شعوب العالم التي تتطلّع إلى مواجهة ناجحة مع أميركا و”إسرائيل”. فإن هذه الشعوب سوف تكون أكثر جرأة، وأكثر تفاؤلًا، وتخرج من حالة الإحباط، خاصة الشعوب العربية. وهذا سوف يجعلها تنتفض في وجه الحكّام التابعين لأميركا، وفي مواجهة المشروع الأميركي–الصهيوني في المنطقة.
في العام 1979، شكّل انتصار الثورة الإسلامية المباركة بقيادة الزعيم التاريخي آية الله الخميني (قده) انعطافة في المنطقة على صعيد الفكر الثوري ومكانة الإسلام والشعوب المسلمة. وهناك من يقول إن انتصار إيران بقيادة آية الله السيد الخامنئي (دام ظله) هو الانعطافة الثانية، الأكثر عمقًا على ذات الصعيد! هل ترون ذلك؟ وهل كرّست إيران نفسها قطبًا ثوريًا ملهمًا لحركات التحرر العربية والإسلامية والعالمية؟
سؤال صحيح مئة بالمئة، إن لجهة الآثار التي ترتّبت على انتصار الثورة الإسلامية المباركة بقيادة الزعيم التاريخي آية الله الخميني (قده)، وما أحدثه في المنطقة من انعطافة في بداية الصعود في مواجهة الهيمنة الغربية على منطقتنا.
أما الحرب الأخيرة، وانتصار إيران بقيادة آية الله السيد الخامنئي (دام ظله)، فإن هذا الانتصار سوف يكون، كما قلت، له نتائج هائلة، ليس فقط على صعيد دور إيران كقوة أولى، أهم قوة عالمية للثورة في مواجهة الاستكبار العالمي والولايات المتحدة و”إسرائيل”، ولكن أيضًا على الصعيد العالمي. لأن شعوبًا كثيرة، في منطقتنا العربية وفي العالم، سوف ترى في إيران قطبًا ثوريًا ملهمًا لحركات التحرر العربية والإسلامية والعالمية، يمكن أن تتعلّم منها، ويمكن أيضًا أن تستند إليها.