“سأعطي إيران مهلة أسبوعين كحد أقصى”، الكلام للرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يواصل أسلوب الترهيب والترغيب مع طهران. إلا أنه لا شك يخاطب الإيراني بجدية، وهذه المهلة ستكون فاصلة في مسار الحرب الدائرة، وتحديداً على مستوى القرار الأميركي بالدخول في الحرب أو العودة إلى طاولة المفاوضات.
العين على الموقف الأميركي لتحديد مستقبل الصراع الدائر، رغم اللقاء الذي شهدته جنيف، بين وزراء الخارجية الأوروبيين ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي. ورغم أهمية المبادرة الأوروبية، إلا أن موقف ترامب ليل الجمعة كان صريحاً، معتبراً أن “الإيرانيين يريدون الحديث معنا لا مع الأوروبيين”، مقلّلاً من أهمية الجهود المبذولة على هذا المستوى.
إلى ذلك الحين، وخلال مهلة الأسبوعين، ستكون المعركة مفتوحة بين تل أبيب وطهران، مع بروز معادلة تفوّق سلاح الطيران الحربي الاسرائيلي في مقابل الصواريخ البالستية الإيرانية التي بدأت تتساقط على المدن الرئيسية في اسرائيل من شمالها الى جنوبها وتخلّف دماراً وأضراراً. الامر الذي جعل من القدرة الصاروخية الإيرانية هدفاً أساسياً لإسرائيل قبل البرنامج النووي حتى.
وبناء عليه رأت مصادر مراقبة لجريدة الانباء الالكترونية أن محاولة إقناع إيران بالعودة الى المفاوضات مفخخة، لأن ليس هناك مفاوضات فعلية بل محاولة اقناع لإيران بالاستسلام غير المشروط، وهذا ما يصرّ عليه ترامب. لذلك فان الرسالة الوحيدة التي سيتلقاها عراقجي من الاميركيين والاوروبيين هي ضرورة تفكيك ايران لبرنامجها النووي، وإلا فالقرار سيكون بتوجيه ضربة أميركية حاسمة، فواشنطن لن تسمح لإيران بالوصول إلى بناء القنبلة النووية حتى ولو أكدت ايران حصر الأعمال النووية في الشؤون المدنية كما هو الحال في مفاعل بوشهر، الذي يُستعمل في إنتاج الكهرباء.
وأما السؤال الأهم، برأي المصادر، هل ينجح نتنياهو بجرّ أميركا وأوروبا الى الحرب ضد ايران؟ وهل تقبل الصين وروسيا بذلك؟ وكيف سيكون موقف الهند وباكستان وسائر دول وسط آسيا وشرقها بعد وصول الحرب الى تخومها؟
الخطر النووي
في هذا السياق، اعتبر النائب السابق وهبي قاطيشا، في حديث لجريدة الانباء الالكترونية، ان الحرب في المنطقة مردّها الى الخطر النووي الايراني الذي تعتبره اسرائيل بأنه يشكل خطراً وجودياً عليها. وهذا الخطر برأيه لا يمكن لأي دولة في العالم ان تتعايش معه، خاصة وان ايران بدأت عملية تخصيب اليورانيوم من حوالي 20 سنة، لذلك تعمل اسرائيل على إزالة هذا الخطر.
وتوقع قاطيشا إطالة أمد المواجهات بين ايران واسرائيل، مضيفاً “من الطبيعي أن تلجاً ايران الى الرد على اسرائيل وقصفها بالصواريخ الباليستية، فهذه مسألة بديهية وعادية جداً لدولة تمتلك هذا النوع من السلاح وطبيعي ان تصاب بأضرار مادية جسيمة وهذا ليس مستغرباً لكن في نهاية المطاف هناك إجماع دولي بعدم السماح لايران بامتلاك القنبلة النووية لاعتبارات عدة أبرزها انها دولة عقائدية ولا أحد يضمن عدم لجوئها الى استخدام السلاح النووي بوجه خصومها.
ولم يستبعد قاطيشا قيام إسرائيل بعمليات إنزال محدودة لتدمير كل المفاعلات النووية الايرانية، مشككاً بامكانية التوصل الى اتفاق لوقف اطلاق النار قبل تنفيذ هذا الشرط، رافضاً مقولة الاعتقاد بأن عامل الوقت يصب في مصلحة ايران بعد ان تمكنت من احتواء الهجوم الاسرائيلي، مذكراً بكلام نتنياهو ان الحرب قد تستغرق عدة أسابيع.
وقال: “لا يمكن لإسرائيل أن تهزم ايران كدولة لكنها حتماً تريد أن تدمر مفاعلاتها النووية ولكنها لن تستطيع أن تفعل ذلك من دون تدخل أميركي ومساعدة أوروبية”. ورأى أن الشيء الوحيد الذي قد يؤدي الى وقف اطلاق النار هو إقرار ايران بانها تستخدم التخصيب لإنتاج الكهرباء فقط، لافتاً الى أن قرار مجلس الامن يمنع بموجبه الانتشار النووي، خاصة إذا كانت تمتلكه دولة دينية ودكتاتورية.
إنذار أميركي
لبنانياً، كان لافتاً تأكيد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمس أن لا حرب في لبنان، وأن لا أحد يستطيع تحمّل ثمن هذه الحرب.
وبالتزامن، كشفت مصادر مطلعة لجريدة الأنباء الالكترونية أن زيارة الموفد الأميركي توماس براك الى بيروت لم تكن بروتوكولية كما حاول البعض تصويرها، فالرجل حمل في جعبته إنذاراً مبكراً محذراُ من تدحرج الأمور في جنوب لبنان الى مواجهة شاملة في ظل التصعيد بين تل ابيب وطهران.
وتشير المصادر إلى أن الموفد الاميركي كان يحمل رسالة مباشرة الى حزب الله تم ابلاغها له عبر القنوات الرسمية اللبنانية، مفادها ان واشنطن لا تريد فتح الجبهة اللبنانية في الجنوب لأن اي تحرك ميداني يمكن ان يغيّر في قواعد الاشتباك.
وتمنى النائب السابق قاطيشا على قيادة حزب الله التحلي بالحكمة وعدم اللعب بالنار، معتبراً أن على الحزب أن يسلّم سلاحه اليوم قبل الغد والشروع بإعمار ما تهدم بدل التلهي بمواقف لا فائدة منها.