من المبكر معرفة الاتجاهات التي ستذهب بها الحرب المباشرة بين اسرائيل وإيران، رغم بروز كلام عن بدء وساطات أو إبداء بعض الدول نيتها التحرك بين تل أبيب وطهران لوقف التصعيد. فالضربات القوية المتبادلة بين الطرفين بدأت تثير قلق المجتمع الدولي من تطور الأمر الى حرب شاملة ستؤثر حتما على مصالح العديد من الدول التي ستكون مهددة بشكل مباشر بتوقف إمدادات النفط والغاز من منطقة الخليج العربي.
ميدانيا، وبالرغم من التفوق الإسرائيلي الجوي إلا أن قدرات إيران الصاروخية حققت توازنا الى حد ليس معروفا إن كان سيستمر طويلا ليفرض معادلة من شأنها أن تعيد الأمور الى الدبلوماسية.
وليل أمس تكررت موجات القصف الإيراني بالصواريخ والمسيّرات مستهدفة مواقع عسكرية واستراتيجية في اسرائيل لتكرر معها مشاهد الدمار ودوتسجيل اصابات بشرية وإجبار ملايين الإسرائيليين على المكوث في الملاجىء. وهو ما أحدث نوعاً من التوازن العسكري بين ايران واسرائيل برأي الخبراء والمحللين العسكريين.
مصادر أمنية لفتت عبر “الانباء” الالكترونية الى المخزون الهائل من الصواريخ التي تمتلكها إيران، بما يكفي لاستخدامها على مدى الأشهر الستة في حال استمرار الحرب. لكنها بالمقابل أشارت إلى تفوق الطيران الحربي الاسرائيلي وتمكنه من الوصول إلى مدينة مشهد على بعد 2350 كيلو متر عن إسرائيل، وكذلك التفوق المخابراتي واستخدامها السيارات المفخخة لقتل العلماء في قلب العاصمة طهران. المصادر استغربت الصمت العالمي حيال ما يجري بين ايران واسرائيل وسألت على الأسباب التي تمنع اوروبا والصين وروسيا من التدخل ووقف الحرب. وتوقعت المصادر اطالة امد الحرب لفترة طويلة. ورأت أن السيناريو الذي استخدم في لبنان ضد حزب الله هو نفسه الذي تستخدمه إسرائيل في إيران. المصادر لم تستبعد تدخل الولايات المتحدة بالحرب إلى جانب اسرائيل استناداً الى التحذير الذي وجهه الرئيس الاميركي دونالد ترمب لإيران من استهداف المصالح الاميركية في منطقة الشرق الأوسط، وقال “اذا تعرضنا لأي هجوم من قبل ايران بأي شكل من الأشكال، فإن القوة الكاملة للقوات المسلحة الاميركية ستنزل عليكم بمستويات لم تشهدها من قبل”.
النائب السابق العميد شامل روكز قال لجريدة “الأنباء” الالكترونية ان الحرب لا زالت محصورة بين اسرائيل وايران، من دون وجود هيمنة من دولة على اخرى. مضيفا “إيران دولة كبيرة عدد سكانها يناهز المئة مليون نسمة. فقد تكون اسرائيل متفوقة في سلاح الجو، لكن ايران بعد قصف اسرائيل بالصواريخ ليل الأول من امس تمكنت من خلق نوع من التوازن الاستراتيجي، فهي على المدى البعيد تمتلك نفسا أطول، ما قد يمهد لحلول سلمية. وفي حال تعثر هذه الحلول فلديها قدرة على الصمود أطول مدة. لافتا الى تدخل المخابرات الإسرائيلية بقوة في الشأن الداخلي الإيراني والذي ساعد على قتل العلماء الإيرانيين وعدد من القيادات العسكرية، وقال لا يوجد دولة في العالم الا وتتعرض للخرق مخابراتياً، خاصة ان ايران بلد متعدد الطوائف والأديان، وفيها طائفة يهودية كبيرة. والدول عادة لها مصالح لا يمكن أن تحققها بالطرق المشروعة بل عن طريق الاحتيال والتهريب ودفع الأموال، مشبهاً قتل العلماء مخابراتياً بعملية البيجر في لبنان، مشيراً الى ما ذكره ايهودا باراك من أن اسرائيل بإمكانها ضرب المفاعل النووي بنسبة 20% لكنها من خلال نسبة 80 % يمكنها إعادة تشغيله بطريقة متطورة أكثر. روكز اعتبر بأن الطريقة الوحيدة لوقف الحرب هي بالعودة الى طاولة المفاوضات وان تأجيلها لا يعني توقفها باعتبارها الحل الوحيد لوقف الحرب. متوقعاً تدخل جدي من قبل الولايات المتحدة وروسيا واوروبا لوقف الحرب لان الحرب آخر وسيلة وليس أولها.
من جهة ثانية رأى روكز اننا في لبنان تخطينا موضوع مشاركة حزب الله او غيره من الميليشيات المسلحة كمرحلة اولى. اما في المرحلة الثانية فمن الضروري ايجاد حل لموضوع السلاح. متخوفاً من عدم انسحاب إسرائيل من المراكز التي تحتلها ما قد يعرقل تنفيذ القرار 1701 كاشفاً عن استعداد الإدارة الاميركية للتفاوض، وبناء عليه ابقت باب المفاوضات مفتوحاً. لافتا الى حصول بلبلة لدى الرأي العام الإسرائيلي فبعد أن كان المجتمع اسرائيلي داعم لنتنياهو اصبح بعد الضربات الايرانية ضد اسرائيل يعيد حساباته بعد الصواريخ التي سقطت على حيفا وتل أبيب. مستعبداً سيطرة إسرائيل على الوضع الأمني في المنطقة.