يتوجه الرئيس جوزاف عون اليوم إلى المملكة الأردنية الهاشمية تلبية لدعوة من الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، حيث تشكل الزيارة مناسبة للتشاور في عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، الى جانب بحث آخر المستجدات على الساحتين الدولية والإقليمية. ويرافق الرئيس عون وفد رسمي رفيع المستوى. في هذه الأثناء من المتوقع أن يصل اليوم الى بيروت المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، حيث سيناقش مع المسؤولين اللبنانيين الملفات المحلية كلها من اتفاق وقف النار مرورا بمصير اليونيفيل وصولا الى الاقتصاد تحضيرا لمؤتمر الدعم الفرنسي للبنان، وسط ترقب لما سيحمله الموفد الأميركي الى سوريا توماس باراك في زيارته المتوقعة الى بيروت نهاية الأسبوع الجاري، وما إذا كانت الزيارة ترتبط أيضا بموضوع سلاح حزب الله، والتي استبقتها السفيرة الاميركية ليزا جونسون بجولة على المسؤولين اللبنانيين. اكدت خلالها موقف بلادها حيال الأوضاع في لبنان. وعبرت جونسون في لقاءاتها عن استياء واشنطن من التأخر في البت بملف تسليم السلاح، مؤكدة أن المطلب الدولي واضح “السلاح قبل أي أمر”، ولا سيما في ظل غياب أي أدلة أو براهين لدى الجيش اللبناني تثبت استلامه السلاح من حزب الله.
في السياق عينه كشفت مصادر موثوقة للأنباء أن “زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي الوزير السابق جان -إيف لودريان للبنان تأخذ طابعا استطلاعيا، لناحية التأكد من دخول الإصلاحات الاقتصادية والمالية المطلوبة من لبنان حيز التنفيذ، تحضيرا لمؤتمر إعادة الإعمار الذي تعدّ له باريس قبل نهاية السنة.”
وأشارت المصادر إلى أن “الدول المانحة والمتوقع مشاركتها في إعادة الإعمار تنتظر تقدم ملف الإصلاحات في لبنان خصوصا القطاع المصرفي، وإلاّ سيكون الأمر عائقا أمام تمويل هذه الدول للصندوق المقرر إنشاؤه لإعمار لبنان والذي افتتحه الرئيس العراقي خلال انعقاد القمة العربية في بغداد الشهر الماضي”.
وترى المصادر ان “الملف الأمني لا سيما التصعيد الإسرائيلي الأخير سيفرض نفسه على مباحثات لودريان في بيروت، خصوصا أن لبنان وسوريا كانا على طاولة مناقشات فرنسية – إسرائيلية في تل أبيب بين مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الخارجية الفرنسية، لشرح جهود فرنسا تنظيم مؤتمر حل الدولتين في نيويورك في ١٨ تموز المقبل”.
أضافت المصادر أن “السلطات الإسرائيلية غير مرتاحة إلى رفع العقوبات الاميركية والأوروبية عن سوريا، وتنظر بقلق إلى التأثير التركي في سوريا، وليست مرتاحة إلى التغيير الأميركي بالنسبة إلى سوريا، وترى إسرائيل، أنه منذ ٧ أكتوبر تغيرت قوانين اللعبة، ولن تسمح بأن يكون أمنها مهددا، وهاجس المسؤولين الإسرائيليين هو منع “حزب الله” من إعادة بناء ترسانته، لذا ينفذون ضربات على مواقع الحزب في أي منطقة من مناطق لبنان.”
وكشفت المصادر أن “وزير الدفاع الإسرائيلي متشدد في بقاء الجيش الإسرائيلي في النقاط الخمس الحدودية لأسباب سياسية داخلية، متسلحا بالقول إنه يحمي سكان إسرائيل في الشمال. لذا يسود الانطباع في باريس أن إسرائيل ستبقى في هذه التلال فيما باريس تطالبها بالانسحاب الكامل ووقف القصف على لبنان.”
تصعيد إقليمي إيراني – إسرائيلي
وتدخل المنطقة مرحلة من التصعيد المفتوح على سيناريوهات خطيرة مع إعلان وزارة الاستخبارات الإيرانية حصولها على معلومات عسكرية ونووية حساسة للكيان الصهيوني، وتهديدها بمهاجمة منشآت إسرائيل النووية السرية بدقة إذا استهدفت منشآتنا النووية، وقول قائد الحرس الثوري الإيراني: إن “إصابة صواريخنا ستصبح أدق بفضل المعلومات الاستخباراتية التي حصلنا عليها من الصهاينة، وأن هذا الإنجاز شكل مرة أخرى ضربة قاضية لادعاءات القدرات الاستخباراتية للصهاينة”
في المقابل عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعا أمنيا موسعاً بمشاركة وزراء في الحكومة وكبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية، لبحث التطورات في الملف النووي الإيراني وسبل التعامل مع التحركات الإيرانية الأخيرة. بعد مباحثات هاتفية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول ملف إيران النووي والأسرى في غزة، والذي استمر نحو 40 دقيقة. وتأتي المحادثة بين نتنياهو وترامب في وقت وصلت فيه المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة إلى طريق مسدود، بعد خمس جولات منذ أبريل الماضي، دون التوصل إلى تفاهمات جوهرية. حيث أكدت طهران رفضها المقترح الأمريكي الأخير، معتبرة أنه لا يلبي الحد الأدنى من مطالبها، وأعلنت أنها ستقدم مقترحا مضادا للشروط التي وضعتها واشنطن، خاصة بشأن أنشطة تخصيب اليورانيوم داخل الأراضي الإيرانية.
مصادر رسمية أميركية أفادت بأن الاتصال ركز بشكل خاص على المخاوف الإسرائيلية من أي اتفاق نووي جديد قد يتيح لإيران مواصلة تخصيب اليورانيوم. في السياق ذاته، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر أمنية رفيعة قولها إن إسرائيل “لن تقبل بأي تسوية تسمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم على أراضيها لفترة طويلة”، معتبرة أن ذلك يشكل تهديدا مباشرا لأمن إسرائيل والمنطقة.
التجديد لليونيفل
حسم المتحدث باسم الخارجية الأميركية الجدل حول موضوع اليونيفل في جنوب لبنان، حيث أكد أن “التقارير التي تتحدث عن اتفاق بين واشنطن وتل أبيب على انهاء عمل قوات الطوارئ الدولية جنوب لبنان، غير صحيحة”، وتزامنت هذه التقارير التي نشرتها صحف إسرائيلية مع اقتراب موعد مناقشة مجلس الأمن الدولي تقرير المبعوث الأممي الى لبنان حول القرار 1701 والتجديد لعمل اليونيفل في آب القادم، وأشار المتحدث أن “هناك مشاورات جدية حول التجديد لهذه القوات”. لينفي المعلومات المتداولة في الاعلام اللبناني عن إنهاء مهمة اليونيفل، أو تعديل مسار تنفيذ القرار الدولي ليصبح تحت الفصل السابع، وكانت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” نقلت عن مصادر أميركية أن الولايات المتحدة تدرس إنهاء دعمها لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان “اليونيفيل”. وكتبت “الولايات المتحدة لم تتخذ قرارا بعد بشأن الدعم المستقبلي لقوات “اليونيفيل”، لكنها تريد إصلاحات كبرى، وهو ما قد يعني إنهاء الدعم”. وأشارت الصحيفة إلى أن تفويض قوات “اليونيفيل” يتم تمديده مرة واحدة في السنة من خلال قرار من مجلس الأمن الدولي، ويمكن للولايات المتحدة استخدام حق النقض ضد القرار المقبل، والذي من المقرر أن يصدر في آب. ووفقا لصحيفة “جيروزاليم بوست” فإن الولايات المتحدة قررت بالفعل التصويت ضد تمديد تفويض قوات “اليونيفيل”. وأضافت: “اتفقت إسرائيل والولايات المتحدة على ضرورة وقف عمليات قوات اليونيفيل في جنوب لبنان”.
بدوره، أوضح الناطق باسم قوات اليونيفيل في لبنان أندريا تيننتي أنّ البقاء سيساعد في حل أي نزاع بين لبنان وإسرائيل. وقال في حديث تلفزيوني “ندعم الجيش اللبناني في عملية انتشاره جنوبي لبنان ودعمنا للجيش اللبناني “حجر الأساس” في عملية انتشاره، مشيرًا الى أنّ وجود قوات إسرائيلية جنوبي لبنان يعرقل انتشار الجيش اللبناني والمجتمع الدولي من تنفيذ مهامه تجاه لبنان. وأضاف “حريصون على ضمان الأمن والاستقرار جنوبي لبنان ونريد تسليم مختلف مهامنا إلى الجيش اللبناني على أرض الواقع.” ولفت الى أنّ لم تحصل محادثات بشأن إنقاص التمويل الدولي لمهمة اليونيفيل في لبنان مؤكدًا أنّ التمويل أمر متروك لمجلس الأمن الدولي وقال: “أعدادنا لم تتغير جنوبي لبنان حتى الآن.” وأشار تيننتي الى أنّ ” 48 دولة تدعم مهمتنا في لبنان منذ عام 2006 ووجودنا يخلق “نوعا من الأمل” في منطقة جنوب لبنان”.
العيد الـ 164 لقوى الأمن الداخلي
وبمناسبة عيد تأسيسها الـ 164، هنّأ رئيس الجمهورية العماد جوزف عون قوى الامن الداخلي، مؤكداً أنها “ليست مجرد مؤسسة أمنية، بل هي رمز للتفاني والإخلاص في خدمة لبنان وشعبه”. وقال: “قوى الأمن الداخلي مع المؤسسات الأمنية الأخرى، صمام الأمان الذي يحفظ للبنان استقراره ويحمي مواطنيه”، مؤكداً الالتزام بـ”تقديم كل الدعم اللازم لقوى الأمن الداخلي، لتطوير قدراتها وتحسين أوضاع عناصرها”،
وبالمناسبة عينها أقيم في محمية أرز الشوف حفل افتتاح غابة أرز باسم “شهداء قوى الأمن الداخلي” القى خلاله مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء رائد عبدالله كلمة قال فيها: “نلتقي اليوم بمناسبة مزدوجة: عيد قوى الأمن الـ164 وافتتاح غابة الأرز على اسم شهداء قوى الأمن. مؤسسة قوى الأمن متجذّرة في المجتمع، وهي كالأرز، محافظة على عراقتها، وعملت في الوقت نفسه على التطوير واعتماد الأنظمة الدولية. وافتتاح غابة الشهداء هو تكريم للشهداء الذين قدّموا دمهم في سبيل الأرض”.
وأضاف: “التضحيات جوهر العمل الأمني، وأبطالنا لم يبخلوا بها. نرفع لهم تحية إجلال وإكبار، والعيش بكرامة يكون بالسير على طريق التضحية”. وتابع: “افتتاح غابة الشهداء اليوم ليس مجرد تكريم، بل تأكيد على الاعتراف بتضحيات الشهداء ورجالنا الذين ارتقوا دفاعاً عن أمن هذا البلد، وكتبوا تاريخاً مجيداً”. وختم كلمته بالقول: “أتوجه بتحية تقدير إلى ضباط وعناصر قوى الأمن، وأعايدهم جميعاً، وأقول لهم إنّ لبنان يقوى بإيمانكم به”.