تأكّد لعدد من المرجعيات والقيادات السياسية، انّ الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس ستزور لبنان بعد يومين من عيد الأضحى المبارك الذي يصادف يوم الجمعة المقبل، وبدا أنّ المواقف المتشنجة التي بدأ يطلقها البعض هي لملاقاة ما ستحمله في حقيبتها من قضايا، في الوقت الذي اكّدت مصادر رسمية لـ»الجمهورية»، أنّ ما يقوله البعض او يسرّبه عن زيارتها «لا يعدو كونه تحليلات لا قيمة لها وغير مستندة إلى معطيات منطقية، لأنّ اورتاغوس آتية إلى لبنان في أجواء مختلفة».
وقالت مصادر سياسية لـ«الجمهورية»، انّ المواقف التي يعبّر عنها رئيس الحكومة نواف سلام والتشنج الحاصل في الأجواء بينه وبين ثنائي حركة «أمل» و«حزب الله»، تحاول أطراف داخلية الاستفادة منها واعتماد خطاب تحريضي في موضوع السلاح لملاقاة زيارة اورتاغوس، في الوقت الذي يعمل رئيس الجمهورية على مقاربة موضوع السلاح مع الحزب بطريقة هادئة، لاقتناعه بأنّ ملفاً حساساً من هذا النوع لا يُعالج بتهور واستعجال، وإنما بهدوء وحرص على عدم دفع البلاد إلى منزلقات خطيرة.
وذكرت هذه المصادر، انّ رئيس الحكومة لم يتلقف مبادرة «حزب الله» الإيجابية التي تمّت بناءً على تواصل حصل بين وزير قريب منه وبين مسؤولين في الحزب، والتي تمثلت بالبيان الذي أصدره الحزب إثر حادثة ملعب المدينة الرياضية، ونفى فيه علاقته بها ومستنكراً بأشدّ العبارات الهتافات المعادية لرئيس الحكومة الذي نُقل عنه انّه يتهم الحزب بالإزدواجية في التعاطي معه.
وأضافت هذه المصادر، انّ الإشكالية القائمة هي أنّ بعض الأفرقاء السياسيين لا يريدون ان يقتنعوا بأنّ الحل المنطقي لموضوع السلاح يشترط اولاً أن يتمّ الإنسحاب الاسرائيلي حتى يتوافر بعد ذلك المبرر المنطقي للبحث في مصير السلاح، في الوقت الذي يساعد رئيس الجمهورية في هذا الأمر، لإدراكه انّه لا يمكن مقاربته بمعالجة متفجّرة.
وحذّرت المصادر من انّ رئيس الحكومة إذا استمر في إطلاق تعابير ومواقف متشنجة من السلاح، فإنّ ذلك سيؤدي إلى مزيد من الاستفزاز لبيئة «ثنائي حركة «امل» و«حزب الله»، التي ترى انّ حديث بعض القوى السياسية عن نزع السلاح الذي تريده إسرائيل قبل إتمام انسحابها سيؤدي إلى مزيد من التجرؤ الإسرائيلي على لبنان.
بيدرسون وبلاسخارت
في غضون ذلك، التقى الرئيس عون أمس المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، والمنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جانين بلاسخارت، اللذين التقيا ايضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري. وأطلع بيدرسون الرئيس عون على الأوضاع في سوريا، والعمل الذي تقوم به الأمم المتحدة هناك. وتطرّق الحديث إلى الوضع على الحدود اللبنانية – السورية وأوضاع النازحين السوريين في لبنان.
ومن جهته، عرض عون لنتائج الاتصالات التي أُجريت مع القيادة السورية الجديدة، إن من خلال اللقاءات مع الرئيس السوري احمد الشرع، او من خلال زيارة رئيس الحكومة نواف سلام لسوريا واجتماعات اللجان الوزارية والوفود العسكرية التي بحثت في تنسيق الإجراءات الأمنية، والوضع على الحدود. واكّد «أنّ لمسألة النازحين السوريين أولوية في الاهتمامات اللبنانية، وانّ لبنان بحث في أوضاعهم مع القيادة السورية، خصوصاً بعدما رفعت واشنطن العقوبات عن سوريا، ما يشكّل مدخلاً لعودة النازحين مع حصول انتعاش في الاقتصاد السوري». كذلك تناول البحث ملف الحدود اللبنانية ـ السورية، وشدّد عون على انّ الحدود بين البلدين هادئة، وتمّت معالجة الأحداث التي شهدتها في الفترة السابقة.
أما عن الحدود الجنوبية للبنان، فشرح عون لبيدرسون الإجراءات التي يتخذها الجيش للانتشار جنوب الليطاني تنفيذاً للقرار 1701، ولفت إلى انّ عدم انسحاب إسرائيل من التلال الخمس، واستمرار الأعمال العدائية ضدّ لبنان، وعدم عودة الأسرى اللبنانيين، من شأنه عرقلة استكمال انتشار الجيش حتى الحدود. وأوضح عون انّه يواصل اتصالاته مع الجهات العربية والدولية للضغط على إسرائيل لتنفيذ بنود اتفاق وقف الأعمال العدائية، ما يسمح بالتالي للجيش اللبناني في تحقيق مهمته للانتشار على كامل الحدود الجنوبية.
سلام
إلى ذلك، أكّد سلام، في مقابلة مع قناة «سي ان ان»، أنّ «لبنان أضاع عدداً من الفرص، أولها منذ زمن بعيد بعدم تنفيذ الاتفاقية الشهيرة التي أنهت الحرب الأهلية بشكل كامل». وقال: «كما أُتيحت لنا فرصة أخرى مع انسحاب الجيش الإسرائيلي عام 2000، يليه انسحاب القوات السورية. لقد أضعنا هذه الفرص. والآن، لا شك في أنّ هناك فرصة سانحة أمامنا، ونحن مصممون على عدم إضاعتها». وأضاف سلام: «لذلك يرتكز جدول أعمال حكومتي على مبدأين أساسيين: الأول استعادة سيادة لبنان على كامل أراضيه وجميع منافذه، والثاني التزامنا بالإصلاحات الهيكلية اللازمة في القطاعين المالي والإداري». وأشار إلى أنّ «الهدف مجددًا هو أن تحتكر الدولة السلاح في جميع أراضيها. ما تمّ تحقيقه شمال نهر الليطاني يُعدّ إنجازًا كبيرًا، حيث تمّ تفكيك أكثر من 500 موقع عسكري لحزب الله، والجيش يوسع سيطرته ويعززها جنوب الليطاني». وتابع سلام: «أُحرز تقدّم حقيقي على الحدود مع سوريا، ولدينا سيطرة أكبر بكثير على الحدود. كذلك، خلال زيارة الرئيس عباس لبيروت قبل أسبوع، اتفقنا على خطة لتسليم الأسلحة الفلسطينية، وهو أمر طال انتظاره، ونأمل أن يبدأ تنفيذه قريبًا، بدءًا من المخيمات المحيطة ببيروت».
وعن دور الإدارة الأميركية والضغط على إسرائيل، قال سلام: «بصراحة، نود أن نرى المزيد من الإدارة الأميركية، خصوصًا في الضغط على إسرائيل للالتزام بما وافقت عليه في تفاهم تشرين الثاني، المعروف بتفاهم وقف الأعمال العدائية، والذي توسط فيه الأميركيون. هناك الآن آلية إشراف تشمل الفرنسيين والأميركيين، وكلاهما موجود على الأرض، وأنا متأكّد من أنّهما يمكنهما الشهادة على أنّ لبنان يفي بالتزاماته، في حين لم تفِ إسرائيل بالتزامها».
عملية سياسية
في هذه الأثناء، أكّد القائد العام لقوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب أرولدو لاثارو في مناسبة «اليوم الدولي لحفظة السلام التابعين للأمم المتحدة»، انّ «الوضع على طول الخط الأزرق لا يزال متوتراً وغير متوقّع، مع انتهاكات متكرّرة، والخوف من مخاطر أي خطأ قد يؤدي الى ما لا تحمد عقباه»، مضيفاً انّه «من خلال آليات الارتباط والتنسيق الخاصة بنا، فإننا نوفّر قناة للحوار وتهدئة الأوضاع، ونساهم في بناء أسس لإمكانية إيجاد حلّ». وشدّد على «ضرورة وجود عملية سياسية»، مشيراً إلى أنّ «الطريق إلى السلام في جنوب لبنان هو طريق سياسي، وعلينا جميعاً العمل على تهيئة الظروف المناسبة لحلّ مستدام وطويل الأمد». وأكّد أنّ «إحدى الخطوات المهمّة في الأشهر الأخيرة كانت نشر المزيد من جنود الجيش اللبناني في الجنوب، ويجب الحفاظ على وجودهم، بصفتهم الضامن الوحيد لسلطة الدولة وأمنها، ولهذا، لا بدّ للأفرقاء الدوليين من الاستمرار في تقديم المساعدات».
وتوازياً، نقلت «وول ستريت جورنال» عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم: «فوجئنا بالتقدّم المحرز للجيش اللبناني في نزع سلاح «حزب الله»، كما اضطر الأخير للتنازل عن السيطرة الأمنية في مطار بيروت».
تعيينات جديدة
من جهة ثانية، أقرّ مجلس الوزراء في جلسته في القصر الجمهوري أمس، البند المتعلق بالمنح المالية للعسكريين (14 مليوناً) لمن هم في الخدمة، و(12 مليوناً) للمتقاعدين، على أن يُعمل به بدءًا من اول تموز. كما أقرّ تعيين جورج معرّاوي مديراً عاماً لوزارة المال بالأصالة. وكذلك تعيين غسان خيرالله أميناً عاماً لمجلس الإنماء والإعمار، ويوسف كرم وابراهيم شحرور نائبين للرئيس، وحسام عيتاني، جورجيو كلاس، وفراس ابو دياب (أعضاء غير متفرغين) وزياد نصر مفوض الحكومة لدى المجلس. كما عيّن أحمد عويدات مديراً عاماً لهيئة «اوجيرو».
اجتماع تفاوضي
مالياً، يُعقد اليوم أول اجتماع تفاوضي مع بعثة التفاوض التابعة لصندوق النقد الدولي. وأشار بيان للمكتب الإعلامي في وزارة المال، إلى انّ «هذا الاجتماع هو أول اجتماع رسمي بين الحكومة اللبنانية وفريق التفاوض التابع لصندوق النقد الدولي، برئاسة وزير المال ياسين جابر وفي حضور رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى لبنان إرنستو ريغا، بعد اجتماعات الربيع في واشنطن وبعد سلسلة الاجتماعات التقنية التي عُقدت في وزارة المال على مدى الاسبوعين المنصرمين. ويأتي اجتماع غد (اليوم) في إطار استئناف المفاوضات الهادفة إلى دعم برنامج إصلاح اقتصادي ومالي شامل.
ويشارك في الاجتماع الفريق اللبناني الرسمي، الذي يضمّ وزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، إضافة إلى المدير العام لوزارة المال جورج معراوي وفريق الخبراء من وزارة المال ومستشارين من رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة المعنيين بالملفين المالي والاقتصادي».