دخل لبنان في ورشة عمل جديدة متعددة الإتجاهات والتحديات، بعد أن أنجز العهد وحكومته الأولى استحقاق الانتخابات البلدية والاختيارية بكفاءة إدارية وأمنية، ونجح في توجيه الرسائل الواضحة الى من يعنيهم الأمر في الداخل والخارج أنه على جهوزية تامة لاستكمال الملفات السياسية والإصلاحية والقانونية، والسير قدماً في عملية النهوض بمؤسسات الدولة وبتطبيق الإصلاحات الإدارية والمالية المطلوبة وتنفيذ خطة التعافي المالية والاقتصادية وإخراج لبنان من أزماته المتراكمة منذ العام 2019، وأنه ملتزم تحقيق ما ورد في خطاب القسم والبيان الوزاري لناحية بسط سيادة الدولة على مساحة الوطن وحصر السلاح بيد الجيش والقوى الأمنية دون غيرها، وقد حدد منتصف حزيران القادم موعداً لتنفيذ هذه الخطة ابتداء من المخيمات الفلسطينية الثلاث في بيروت.
وكانت لافتة زيارة وفد كتلة الوفاء للمقاومة الى بعبدا، وما سبقها من زيارة الوفد برئاسة النائب محمد رعد الى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة والتي ستتبعها زيارة مماثلة الى السراي الحكومي بعد عودة الرئيس سلام من رحلته الإماراتية، وإعلان النائب رعد من بعبدا أن “مساحة التفاهم بيننا وبين الرئيس عون واسعة”، لافتاً إلى أنّ “ليس هناك من أبواب مغلقة لتبادل الأحاديث والأفكار مع الرئيس في أي مستوى من المستويات، وليست هناك محطة نفتح فيها الأبواب لأنها مفتوحة منذ الاستحقاق الرئاسي وسنستمر بكل ما من شأنه تحقيق السيادة وإعطاء كل ذي حق حقه في هذا البلد”. وأضاف “أننا لا نجد أننا ملزمون بتوقيت ولا بمكان ولا بأسلوب معين، طالما أن الرئيس يحرص على تحقيق الأولويات، وفي طليعتها حفظ السيادة، وإنهاء الاحتلال، ووقف الخروق”.
هذا التطور يشير إلى أن موضوع سلاح حزب الله وضع على سكة البحث الجدي، سيما وأن ما سُرِّب من معلومات عن اللقاء، كانت بمثابة تطمينات لهواجس حزب الله التي أعلنها الشيخ نعيم قاسم في خطاب عيد التحرير والمقاومة بلغة الشروط.فكشفت مصادر مطلعة أن الرئيس عون قال للوفد “لا ربط بين نزع السلاح وإعادة الإعمار”، وأنه لم يتطرق في حديثه مع كتلة نواب الحزب “عن مهل ضاغطة لتسليم السلاح، على الرغم من أن عون قال قبل أيام في مجلس خاص أن النصف الثاني من العام 2025 سيشهد عملية حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية”.
ونقلت المصادر “أن الاجتماع كان ودي، أكد خلاله الرئيس حرصه على كل المكونات اللبنانية في اجتماعاته مع المسؤولين وفي معالجة كافة الملفات”، كما أوضح للوفد “أنه يعوّل في إعادة الإعمار على مؤتمر خماسي دولي يعمل على ترتيبه وتشارك فيه الإمارات العربية المتحدة والسعودية وأميركا وفرنسا ومصر لدعم لبنان”.
وفي السياق عينه قال الرئيس عون لوفد أميركي برئاسة السيناتور (Angus King )، “اننا شكّلنا لجاناً لبنانية-فلسطينية لمعالجة مسألة وجود السلاح الفلسطيني، وسيبدأ العمل في منتصف الشهر المقبل في 3 مخيمات فلسطينية في بيروت”. واشار الى ان “البدء برفع العقوبات الأميركية عن سوريا خيارٌ جيد، لأن تحسين الاقتصاد السوري يساعد في حلّ أزمة النازحين السوريين في لبنان، الذين عليهم العودة للمساهمة في إنعاش اقتصاد بلدهم”. وقال “على الأمم المتحدة أن تقدّم المساعدات للنازحين في بلادهم وليس في لبنان”.
دعم عربي
وعلى هذا بدأت الوفود العربية والدولية تستطلع الواقع اللبناني المستجد، وبدأت ورش العمل الإدارية والمالية المشتركة مع الجهات الخارجية البحث في آليات التنفيذ، وضمنها الصناديق العربية المانحة، حيث أطلق الرئيس نواف سلام في السرايا الحكومي منتدى التبادل المعرفي الحكومي التابع لوزارة شؤون مجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة مع لبنان، بحضور مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي عبد الله لوتاه والقائم بأعمال السفارة الاماراتية في لبنان فهد الكعبي على راس وفد اماراتي من صندوق ابو ظبي للتنمية ومن مكتب التبادل المعرفي الحكومي التابع لرئاسة الوزراء الإماراتية، حيث أعلن سلام أن لبنان بدأ بتنفيذ خطة طموحة للتعافي الاقتصادي والمالي، وأكد أن صندوق أبو ظبي للتنمية لعب دوراً أساسياً في دعم لبنان منذ أواخر السبعينيات، وأنه شريكاً موثوقاً في العديد من محطاتنا التنموية، أضاف “نتطلع إلى إعادة تفعيل العلاقة التاريخية والبناء عليها في ضوء أولوياتنا الوطنية”.
مفاوضات “النووي”
وفي سياق أخر ذات أهمية كبيرة يرخي بتبعات وإنعكاسات كبيرة على الاستقرار في المنطقة وعلى موضوع سلاح حزب الله، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب إحراز بعض التقدم الفعلي مع إيران، وقال: “أعتقد أنه يمكن أن يكون لدينا بعض الأخبار الجيدة على الساحة الإيرانية”. ونقلت وكالة إيرانية عن وزير الخارجية عباس عراقجي قوله إن إيران تدرس مقترحات وحلولاً قدّمتها عُمان، خلال الجولة الخامسة من المفاوضات الإيرانية الأميركية، وكتب وزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدي، على منصة “إكس”، أن الجولة الخامسة اختتمت “ببعض التقدم ولكنه ليس حاسماً”، مضيفاً أنه يأمل أن يجري توضيح “القضايا المتبقية”، في الأيام المقبلة.
جولة المحادثات الأميركية الإيرانية التي عقدت في روما تأتي قبل اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، في حزيران المقبل، لمراجعة الأنشطة النووية الإيرانية. كما أنها تأتي قبل انتهاء صلاحية الاتفاق النووي المبرم في تشرين الأول من العام 2015.
ولأجل ذلك، وتحسبا لأي تقدم في المفاوضات أو انتكاسة قد تودي بالمنطقة الى عواقب وخيمة، أجرت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نويم، ما قالت أنها “محادثة صريحة” مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن المفاوضات مع إيران. وأردفت تقول “أرسلني الرئيس ترامب إلى هنا خصيصاً لإجراء محادثة مع رئيس الوزراء عن كيفية سير هذه المفاوضات، ومدى أهمية أن نبقى متحدين ونترك هذه العملية تسير على ما يرام”. وأضافت “كانت محادثة صريحة للغاية”.