مرّ قطوع الانتخابات البلدية في بيروت على خير وحقق التحالف السياسي العريض غير المسبوق خلف لائحة “بيروت بتجمعنا” المناصفة ناقصا واحدا من المسيحيين بخرق مدوٍ من رئيس لائحة “بيروت بتحبك” العميد محمود الجمل موجها من خلال النائبين نبيل بدر ومحمد الحوت والعائلات والجمعيات البيروتية رسالة سنية شديدة اللهجة بأن المزاج السني العام في مكان آخر وغير راض عن تحالف التناقضات الذي فرض نفسه على بيروت وأهلها.
في قراءة لنتائج الانتخابات يتبين أن الثنائي الشيعي شكل رافعة حقيقية للائحة “بيروت بتجمعنا”، وأن قراره لمناصريه بالتصويت للائحة كاملة أعطى المسيحيين ما كانوا يسعون اليه من مناصفة، ليؤكد مجددا أنه ضابط إيقاع التوازن وضامن الوحدة الوطنية والعيش المشترك، وأنه قام بتسليف المسيحيين موقفا متقدما أحرجهم فيه وأقفل أمامهم أبواب الاتهامات التي كانوا من خلالها يعملون على إستمالة شارعهم وإثارة غرائزهم.
ولا شك في أن تحالف القوات اللبنانية والكتائب مع الثنائي حزب الله وأمل في لائحة “بيروت بتجمعنا” من شأنه أن يبرّد الأرضية السياسية، خصوصا أن عودتهما إلى اللغة القديمة وهو أمر مؤكد بعد إنتهاء الاستحقاق البلدي ستجعلهما في موضع الانتقاد، كونهما إختارا تحالف المصلحة على الثوابت التي كانا يدعيان التمسك بها.
وأظهرت النتائج أيضا، أن القوة السنية كانت غائبة عن لائحة “بيروت بتجمعنا” وإقتصرت على جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية التي شكلت ماكينتها الانتخابية حضورا لافتا، في حين أخفق النائب فؤاد مخزومي في تجيير ما يلزم من أصوات السنة لقطع الطريق على أي خرق، ولعل الاحتفال السريع الذي نظمه في مكتبه إحتفالا بفوز اللائحة جاء للتعمية على هذا الاخفاق، خصوصا أن القوة السنية الضاربة كانت خلف لائحة “بيروت بتحبك” التي تشير الإحصاءات إلى أنها حصلت على نسبة ٧٠ بالمئة من الأصوات السنية في صناديق الاقتراع والتي نجحت في إحداث خرق تمثل بفوز العميد محمد الجمل الذي إحتفلت فيه المزرعة والطريق الجديدة والمكونات السنية البيروتية.
أما الخاسر الأكبر فكانت قوى التغيير ونوابها الذين وبالرغم من كل الجهود التي بذلوها ورفعهم الشعارات الثورية لم تتمكن من الحصول على أكثر من ربع الأصوات، وهذا يدل على فشل نواب التغيير في إثبات حضورهم بعد ثلاث سنوات على إنتخابهم، خصوصا أنهم ما زالوا يتصرفون على أنهم ثوار في ساحة الشهداء وليسوا نوابا في ساحة النجمة تقع على عاتقهم العديد من الواجبات على صعيد تحقيق الوعود التي قطعوها والتي على أساسها تم إنتخابهم.
ولعل أبرز الأسباب التي أدت إلى هذه الخسارة المدوية لنواب التغيير تتمثل في ما يلي:
أولا: تراجع شعبية نواب التغيير بعد فشلهم في تحويل شعاراتهم إلى واقع ملموس، فضلا عن إخفاقهم في قيادة معركتهم الانتخابية.
ثانيا: الخلافات بين نواب التغيير وتشتتهم وغياب التنسيق فيما بينهم، ما أرخى بثقله على اللائحة وعلى القدرة التجييرية لها، وأدت إلى التفاوت في التصويت لمرشحي “بيروت مدينتي” حيث كان الفارق في الأصوات كبيرا جدا بينهم.
ثالثا: سيطرة الإنتماءات العائلية والطائفية والسياسية على خيارات الناخبين، حيث تقدمت الإصطفافات التقليدية على الشعارات التغييرية.
رابعا: نسبة الإقتراع المتدنية التي إنعكست سلبا على لوائح التغيير، وإخفاق نواب التغيير في رفع هذه النسبة بفقدانهم عوامل الجذب للمشاركة الشعبية.
إنتهت الانتخابات البلدية في بيروت، إلا أن نتائجها ستبقى حاضرة وقد تستمر تداعياتها على الساحة السياسية إلى أن يحين موعد الاستحقاق النيابي في أيار المقبل.
The post إنتخابات بيروت.. فوز العميد الجمل رسالة سنية.. وقوى التغيير الخاسر الأكبر!.. غسان ريفي appeared first on .