بعد أشهر من الجمود والتوقف القسري بفعل التوترات الأمنية المستمرة على الحدود الجنوبية، يستعد معظم المنتجعات السياحية في منطقة الناقورة لإعادة فتح أبوابه مطلع شهر حزيران، وسط آمال حذرة بموسم صيفي يعيد شيئاً من الحياة إلى الجنوب الساحلي الذي خسر أحد أبرز مصادر دخله.
شلل مؤقت… لكن الخسائر مستمرة
تُعتبر الناقورة من أبرز الوجهات البحرية في جنوب لبنان، لما تتمتع به من شواطئ طبيعية خلابة ومياه صافية ومطاعم مطلة على البحر. غير أن الحرب المستمرة منذ تشرين الأول 2023 بين “حزب الله” والجيش الاسرائيلي تسببت في إغلاق مؤقت لمعظم المؤسسات السياحية في المنطقة، ما أدى إلى خسائر كبيرة لحقت بالقطاع، سواء بسبب القصف أو نتيجة انعدام الحركة السياحية والخوف من التوترات.
ووفقاً لتقديرات وزارة السياحة، فإن حوالي 1500 شاليه و500 بيت ضيافة و350 منتجعاً سياحياً و25 فندقاً في محافظتي الجنوب والنبطية تأثرت سلباً، ما بين أضرار مباشرة وتوقف التشغيل.
يشير صاحب أحد المنتجعات في الناقورة لموقع “لبنان الكبير”، الى أن مؤسسته التي تضم فندقاً ومطعماً ومسبحاً وشاليهات بدأت منذ أسابيع بتحضير نفسها لفتح أبوابها في مطلع حزيران، على الرغم من تعرضها لأضرار مادية جسيمة في المسبح جراء القصف.
ويضيف: “كنا نظن أن الحرب قصيرة، لكنها طالت. اليوم نحن نراهن على رغبة الناس في العودة إلى البحر، ونعمل على ترميم الأضرار الأساسية. صحيح أن الوقت ضيق والموسم مهدد، لكن لا خيار أمامنا إلا المحاولة”. ويعتبر أن “الموسم لن يكون مثالياً، لكننا نأمل أن يشهد الجنوب صيفاً هادئاً يخفف من الخسائر التي لحقت بنا”.
أما بسام خليل، صاحب منتجع صغير في بلدة البياضة، فيعكف حالياً على تنظيف الشاطئ وتجهيز البنية التحتية لاستقبال الزوار. ويقول لموقع “لبنان الكبير”: “المنطقة لم تُستهدف مباشرة في الآونة الأخيرة، وهذا يعطينا هامش تحرّك أكبر. الناس تتواصل معنا يومياً للسؤال عن الحجوزات. إذا بقي الوضع على ما هو عليه من هدوء نسبي، فنتوقع حركة جيدة، حتى وإن تأخرت قليلاً”.
ويؤكد “كلنا نشتغل على الأمل، ولو أن الخوف لا يزال موجوداً. لكن الجنوب حيّ، وسكانه صامدون، والبحر ما زال هنا”.
على الرغم من الاستعدادات الجارية، يبقى مصير الموسم السياحي مرتبطاً بالوضع الأمني. أصحاب المنتجعات يبذلون جهوداً مضنية لإعادة إطلاق مؤسساتهم، لكن غياب أي دعم من الدولة أو خطط إنقاذ اقتصادية يزيد من صعوبة المهمة، خصوصاً مع تراكم الديون وتراجع القدرة الشرائية لدى الزبائن المحليين.
ولا تخفي الفعاليات السياحية في المنطقة قلقها من أي تصعيد مفاجئ قد ينسف ما تبقى من موسم صيفي، في وقت يتطلع فيه الجنوبيون إلى تعويض جزء من الخسائر المالية والمعنوية التي لحقت بهم.
الناقورة تستعد لاستقبال الصيف بإرادة الحياة، وسط ركام الحرب ومخاوف تكرارها. وبين الترميم والترقب، يحاول أصحاب المنتجعات أن يكتبوا فصلاً جديداً من الصمود، في منطقة لا تزال تدفع ثمناً باهظاً لصراعات تتجاوز حدودها… فهل يمنحها الصيف هدنة تُعيد الأمل؟