كتبت صحيفة “الديار”: لا جديد في القمة الاميركية – السعودية حيال لبنان، والكلام التصعيدي من قبل الرئيس الاميركي دونالد ترامب تجاه حزب الله ليس جديدا بل كان متوقعا، وكذلك الموقف السعودي ازاء خارطة الطريق التي سبق للمملكة ان ابلغتها للقيادات اللبنانية من خلال الزيارات المكوكية لمسؤول الملف اللبناني الامير زيد بن فرحان. وهذا يعني حكما ان العهد وخصوصا رئيس الجمهورية جوزاف عون سيبقى تحت الضغط وهو في المرحلة المقبلة يحتاج الى كل الدعم الداخلي للصمود امام الضغوط الاميركية التي يخفف من وقعها، حتى اشعار آخر عدم وجود رغبة سعودية بدخول لبنان في فوضى الحرب الاهلية، وهو ما انعكس تفهما لعقلانية الرئاسة الاولى في التعامل مع ملف سلاح حزب الله اقله حتى موعد الاستحقاق النيابي المقبل. واذا كانت نائبة مسؤول ملف الشرق الاوسط مورغان اورتاغوس قد ضربت لنفسها موعدا لزيارة لبنان خلال الصيف المقبل، كمؤشر على ان لا شيء عاجلا او طارئا لابلاغه للمسؤولين اللبنانيين، الا انها كررت مواقفها المعادية لحزب الله وكررت شروط ادارتها كي ترفع ادراتها «الفيتو» عن لبنان، وقدمت ليونة الرئيس السوري الانتقالي احمد الشرع نموذجا.
في المقابل، ثمة انتظار في المقار الرسمية لرسالة سعودية مرتقبة لم تحدد كيفية وصولها الى لبنان بعد، قد يحملها المبعوث السعودي يزيد بن فرحان، او ينقلها السفير الوليد البخاري لاطلاع المسؤولين اللبنانيين على ما انتهت اليه الاتصالات خلال القمة بين ولي العهد محمد بن سلمان والرئيس الاميركي دونالد ترامب لمعرفة الهامش المتاح امام الرياض التي باتت الساحة اللبنانية في عهدتها بعيدا عن الضغوط القصوى التي تتبناها اورتاغوس التي بات يشعر من يلتقيها ان قضية التشدد باتت شخصية بالنسبة لها. وفي ظل هذه الاجواء بات واضحا ان لا تمويل لاعادة الاعمار ولا استثمار راهنا لان الاولوية المطلقة، والاساس لدى الأميركيين والسعوديين، والدول المانحة عموما، هو حصر السلاح بيد القوى الشرعية فقط. لكن يبقى السؤال كيف؟ ومتى؟ ووفق اي صيغة؟ لكن ثمة رهان لبناني على الوقت خصوصا بانتظار المفاوضات الايرانية- الاميركية لانه في حال نجاحها يمكن العمل على هذا الملف بعقل «بارد». فيما يبقى القلق مشروعا من رد فعل «اسرائيل» على شعورها بالتهميش الاميركي لدورها في المنطقة، ما قد يدفعها الى الاندفاع نحو خطوات متهورة على اكثر من ساحة؟!
«العين» على بيروت
في هذا الوقت، بدا العد العكسي للمرحلة الثالثة للانتخابات البلدية والاختيارية في البقاع وبيروت، وفيما تتجه الانظار الى معركة زحلة القاسية بعد انضمام مريام سكاف الى لائحة اسعد زغيب المدعومة من ائتلاف واسع من الاحزاب في وجه «القوات اللبنانية»، تبقى «العين» على حماية المناصفة في العاصمة وسط مخاوف من تكرار نموذج مدينة طرابلس حيث انتهت النتائج الى خليط من ثلاث لوائح تجعل مستقبل المجلس الجديد في «مهب الريح»، حيث غاب التمثيل المسيحي، وفشل ائتلاف الاحزاب والقوى السياسية الرئيسية في حصد اكثر من 12 عضوا من اصل 24، فما هي الضمانة ان تنجح «الخلطة» في بيروت في ظل التناقضات الكبيرة بين القوى المؤتلفة، خصوصا ان رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع يصر على التصعيد في وجه حزب الله واستفزاز البيئة الشيعية، كما تقول مصادر بيروتية اشارت الى ان المطلوب تهدئة الاجواء وعدم الاستفزاز عشية الانتخابات البلدية لانه يضع التفاهم الهش في العاصمة امام اختبار عدم الالتزام وعدم التشطيب، الا اذا كان جعجع يرغب في افشال اللائحة التوافقية لتبرير الذهاب نحو تقسيم بيروت؟!.
«نكد» سياسي
وهذا التشنج انعكس ايضا في الجلسة التشريعية التي كانت صاخبة واتسمت بالنكد السياسي من قبل نواب «القوات اللبنانية» وبعض نواب التغيير وفي مقدمتهم النائبة بولا يعقوبيان على خلفية اقتراح قانون معجل مكرر لاعفاء المتضررين من العدوان الاسرائيلي من الرسوم والضرائب. وفيما منح النواب الحكومة شهرين لمعالجة ملف اللاجئين السوريين، كان اهالي السجناء الاسلاميين يرفعون الصوت في ساحة النجمة، تزامنا مع شغب في سجن رومية لاقرار العفو العام الذي لم يبصر النور امس.
ضغوط وعقوبات
وفي سياق الضغط المتواصل على حزب الله، فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على حزب الله، وشملت العقوبات خمسة أفراد وثلاث شركات مرتبطة، من بينهم أفراد من عائلات شخصيات بارزة في الحزب، ومن ابرز من شملتهم العقوبات الجديدة بحسب النشرة التي أوردتها الخزانة الأميركية، معين دقيق العاملي،فادي نعمة، حسن عبد الله نعمة. وأكدت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس الحرص على ملاحقة من اسمتهم «وكلاء الإرهاب» في كافة أنحاء الشرق الأوسط. وفي حديث مع «المؤسسة اللبنانية للارسال» زعمت اروتاغوس انه « على مدى السنوات الـ20 الماضية أدخل حزب الله لبنان في حرب مع إسرائيل مرتين وفي كل مرة يتدخل فيها الحزب كل ما يفعله هو تدمير الجنوب بسلاحه وقد أقحم الجنوبيين في حرب لا يريدون أن يكونوا فيها كما أنه يجر لبنان إلى الحرب من جديد».
«خارطة الطريق» الاميركية
ووضعت اورتاغوس ما شبه «خارطة طريق» للمرحلة المقبلة، واشارت الى ان واشنطن ستعمل « بشكل وثيق مع السعودية والإمارات وقطر في كل خطوة للتأكد من أننا سنصل إلى النتيجة الصحيحة وكانت تلك الدول والولايات المتحدة واضحة مع لبنان بأن الطريق إلى السلام والإزدهار واضح وهو عبر نزع سلاح الحزب ليس فقط جنوب الليطاني بل من البلد كله».واعتبرت أنه يمكن للبنان أن يتعلم درسًا من الشرع وكيف عمل مع السعودية للتحدث مع الرئيس ترامب وفريقنا حول فوائد رفع العقوبات وخاصةً تلك المتعلقة بقانون قيصر من أجل السماح بالإستثمار. وقالت كان «لينًا كثيرًا وأعطيناه قائمة بالأشياء التي نريده أن يقوم بها خاصةً حماية الأقليات في الشرق الأوسط ولا نريد حمايتهم فحسب بل نريدهم أن يشاركوا في الحكومة ونريد التأكد من أنه قادر على حكم سوريا بطريقة لصالح كل الناس والأقليات». وفي هذا السياق لاقاها، وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر الذي قال انه حان الوقت لتقيم إسرائيل علاقات جيدة مع القيادة السورية الجديدة وعن موعد زيارته المقبلة الى لبنان قالت «احاول ان اكون هنا بشكل متكرّر على الأقل كل 6 أو 8 أسابيع وأتمنى أن أكون في لبنان قريبًا وأعتقد أن العالم كله يريد أن يكون في بيروت في الصيف».
هل فقدت اسرائيل دورها؟
وفيما ينتظر لبنان انعكاسات التحولات في المنطقة، نشرت مجلة «بوليتيكو» الاميركية تقريرا تناول زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن الديناميات في المنطقة بدأت تتحول من مركزية إسرائيل لصالح بعض الدول العربية. واشارت الى إن ما بات الإسرائيليون يكتشفونه هو أنهم لا يملكون المنافع الاقتصادية الملموسة التي تتمتع بها دول الخليج، وهو ما يؤثر على علاقتهم برئيس أميركي كترامب، فدول مثل السعودية وقطر والإمارات وعدت باستثمارات بمليارات الدولارات في الاقتصاد الأميركي، فيما تعتمد إسرائيل على أموال دافعي الضرائب الأميركيين لشراء الأسلحة، وتجد نفسها مضطرة للتفاوض على اتفاقيات مساعدات عسكرية جديدة. وبما أنها ليست دولة نفطية، فإن ثروتها محدودة، إلى جانب تورطها في حرب مكلفة في قطاع غزة أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف، وهو صراع يرغب ترامب في إنهائه.
المحور الجديد
بدورها اشارت صحيفة «هاترس» الاسرائيلية ان الـ 33 دقيقة التي قضاها الرئيس الأميركي مع الرئيس السوري أحمد الشرع، بوجود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر الفيديو، رسمت مسار المحور الجديد الآخذ في التبلور برعاية الرئيس الأميركي. في هذا المحور، بدت السعودية القائدة، وتركيا الشريكة الاستراتيجية، وعلى طاولة إيران اقتراح للانضمام إلى النادي، في حين أن إسرائيل والسلطة الفلسطينية والنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني بشكل عام، هما إحصائيات حاضرة – غائبة في هذه الأثناء.
خريطة واقعية وذكية؟!
واكدت الصحيفة انه مقابل زيارته السابقة للمنطقة التي شملت إسرائيل، جاء ترامب هذه المرة مع خريطة طريق واقعية وذكية أكثر. والتحول التكتوني الذي يحدثه ترامب في الشرق الأوسط لم تستوعبه إسرائيل بعد. فهي تنشغل بنشاطات تكتيكية أم تتلذذ بإنجازات محلية فإسرائيل غير مستعدة لاتفاق نووي جديد مع إيران، ولا خطة سياسية لديها لوقف الحرب في غزة أو حل القضية الفلسطينية بشكل عام، في حين أن الغطاء الدولي، بما في ذلك الغطاء الأميركي، يتصدع بل ويتساقط جزئياً. إذا كانت إسرائيل قبل سنة ونصف تعتبر جزءاً من نظام دفاع إقليمي وشريكة رائدة في التحالف ضد إيران بسبب قدرتها العسكرية والاستخبارية المدهشة، فهي تجد نفسها الآن في وعاء فارغ عندما يطلب منها إظهار مهارتها السياسية وتفكيرها الاستراتيجي الأصيل.
لوحة الشطرنج الاقليمية
بدورها قالت صحيفة «اسرائيل اليوم ان السعودية وتركيا، هما القوتان الأقوى الآن في الشرق الأوسط، واللتان تحركان الحجارة على لوحة الشطرنج الإقليمية. فيما بقيت إسرائيل جانباً كطفل تلقى بلاغاً أخرجه من مجموعة الواتساب الصفية. كلهم تلقوا الدعوة لحفلة الرياض «وبقينا في الخارج، نحاول جمع المعلومات عن الحراكات التكتونية في الساحة الشرق أوسطية دون أي قدرة على التأخير.وإذا كانت التقارير الصادرة عن الجانب العربي صحيحة، فإن رفع ترامب العقوبات عن سوريا رغم مطالب نتنياهو، تشير إلى رؤية أميركية مختلفة تماماً بالشرق الأوسط عن رؤية إسرائيل: مصالح مختلفة، استراتيجية أخرى، جدول أعمال جديد».
جلسة نيابية صاخبة
أقر مجلس النواب في جلسته التشريعية امس اقتراح قانون معجل مكرر وحيد والمقدم من النائبين هاكوب ترزيان وأديب عبد المسيح بعد دمجهما سويا ويتعلق بتجريم اطلاق عيارات نارية في الهواء مع مضاعفة العقوبة على مطلق النار، وذلك بعد تبني التعديل الذي اقترحه النائب أشرف بيضون.وأرجىء بعد نقاش طويل أو بعد اقراره في الجلسة التشريعية لمدة شهر اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى منح الاشخاص الطبيعيين والمعنويين والاماكن السكنية المتضررين بشكل مادي مباشر نتيجة الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان اعتبارا من 8/10/2023 اعفاءات من بعض الضرائب والرسوم واعفاء ورثة الشهداء اللبنانيين الذين استشهدوا او يستشهدون جراء استمرار الاعتداءات الاسرائيلية، المقدم من النواب: حسن فضل الله، ابراهيم الموسوي، حسن عز الدين، علي حسن خليل، جهاد الصمد والياس جراده، وقد تعهد رئيس الحكومة نواف سلام باقرار قانون في الحكومة خلال شهر، وبعد النقاش أرجىء الاقتراح لمدة شهر الى حين درس مشروع القانون المقدم من الحكومة بهذا الخصوص مع تجميد الفواتير المتعلقة بالمياه والكهرباء والاتصالات. وحصلت مشادة كلامية حادة بين النائبين قبلان قبلان وبولا يعقوبيان، إثر اعتراض الأخيرة على طريقة التصديق على اقتراح القانون المعجل المكرر، المدرج كبند رقم 70 على جدول الأعمال.
ورد قبلان على كلام يعقوبيان: «في ناس حريصة على مصالح ومشاعر إسرائيل أكتر من الإسرائيلي نفسو»، لترد النائبة يعقوبيان: «ورطونا بالحرب. وتدخل وزير المالية ياسين جابر، فأكد «أن هناك مشروع قانون مشابها أقرته الحكومة، ويمكن إقرار الاقتراح اليوم كما صدر عن الحكومة. وقال «لا نستطيع ان نطلب من صاحب المنزل المدمر ان يدفع فواتير».
الاعتداءات الاسرائيلية
وفيما كانت التعويضات عن المتضررين تُناقش، كانت الغارات الاسرائيلية مستمرة. فقد نفذت مسيّرة اسرائيلية غارة بصاروخ موجه مستهدفة جرافة قرب معمل حمدان في منطقة السهل بين بلدتي يحمر الشقيف وارنون ادت الى سقوط شهيد. والقت مسيرة اسرائيلية قنبلة صوتية على منزل في كفركلا.والقت اخرى قنبلة صوتية فوق مدرسة الضهيرة المدمرة في القطاع الغربي. واستهدف جيش العدو فجرا، غرفة جاهزة في بلدة العديسة. وأغارت مروحية آباتشي معادية، ثلاث مرات متتالية في ظرف نصف ساعة تقريباً، على بلدة حولا بعد منتصف الليل، مستهدفة بصاروخ بيتًا جاهزًا لجمعية «وتعاونوا».
ظهرت المقالة «رسالة» سعودية مرتقبة أولاً على شبكة موقع الإعلامية.