| محمد خليفة |
المقاومة الى جانب الدولة في مواجهة التحدّيات:نفذنا ما وافقنا عليه، وعلى العدو التزام ما ألزم به نفسه.
يمرّ لبنان في لحظة اقليمية بالغة الحساسية والتعقيد، كجزء من افرازات أحداث السابع من أكتوبر 2023 وما تلاها من أحداث وتطورات. فلبنان الواقع على فالق سياسي-وجودي، يمتد من فلسطين الى سوريا الى سائر دول المحور، يجد نفسه أمام تحديات مفصلية ووجودية، ليس أقلها الخروج من تداعيات الحرب الاسرائيلية الأخيرة على لبنان بأقل كلفة ممكنة.
من أبرز الأحداث والتحديات الاَنفة الذكر، تحديان أساسيان ومصيريين. الأول، ويتمثّل بكيفية إلزام العدوّ الاسرائيلي بتطبيق اتفاق وقف اطلاق النار في ظل إستمرار الاعتداءات الاسرائيلية اليومية على لبنان.
والثاني، تعزيز قدرات لبنان في وجه التهديدات والأطماع الاسرائيلية، من خلال استراتيجية دفاعية وطنية تستفيد من سلاح المقاومة في حماية لبنان، في ظل ضغط الخارج وبعض الداخل لتجريد لبنان من أوراق قوته عبر نزع سلاح المقاومة.
يتبنّى أعداء المقاومة في الداخل اللبناني سردية حكومة العدوّ لناحية تبرير الاعتداءات اليومية وعدم الالتزام بإتفاق وقف اطلاق النار. وتالياً، يذهب هؤلاء بعيداً في التماهي مع هذه السردية عبر تحويل أصل المشكلة -أي الاعتداءات – الى نتيجة وردة فعل، في محاولة تضليل مكشوفة. في حين أنّ الموقف الرسمي اللبناني هو خلاف هذه المواقف، حيثُ تُحمّل الدولة العدوّ الاسرئيلي مسؤولية الاعتداءات المستمرّة من جهة، وتُؤكد التزام المقاومة ولبنان بكافة بنود الإتفاق من جهة ثانية.
ليس هذا فحسب، بل يعتقد هذا الفريق أنّه يجب أن تُصرف نتيجة الحرب – هزيمة المقاومة، حسب السردية الاسرائيلية – على شكل ضغوط على المقاومة، ولا يتردد في رفع لغة العداء للمقاومة والاستقواء بالخارج، بما في ذلك العدوّ الاسرائيلي، الى حد التلويح بالاستعانة بالعدوّ وجهات خارجية أخرى لنزع سلاح المقاومة.
في المقابل، ترفض المقاومة سردية نتنياهو وحكومته لنتيجة الحرب جملةً وتفصيلاً. ففي حين كان العدوّ يهدف الى فرض الاستسلام على المقاومين ورمي سلاحهم، وإعلان المقاومة لهزيمتها بعد سحقها، أجبر العدوّ على الذهاب الى وقف العدوان بموجب إتفاق، والمقاومون لا يزالون ثابتين في مواقعهم، يحققون الإنجازات والبطولات في الميدان. وعليه، لا يوجد ما يُجبر المقاومة على القبول بإملاءات أميركا و”اسرائيل” على اللبنانيين، واعطائهم في السلم ما لم يحصلوا عليه في الحرب، أي السلاح، وتالياً، التخلي عن ورقة قوة للبنان من شأنها أن توظّف في حماية البلد والعباد من خلال استراتيجية دفاعية وطنية.
وفي جانب اَخر، قابل العدوّ التزام المقاومة بالانسحاب من جنوب الليطاني وعدم خرق الإتفاق بشكل تام، مانحة أوراق القوة التفاوضية للدولة اللبنانية ولشخص رئيس الجهورية تحديداً، وتالياً الدبلوماسية اللبنانية للضغط على الدول الراعية لاتفاق وقف اطلاق النار، لإجباره على الانسحاب والايفاء بكافة التزاماته بموجب الإتفاق، قابلها –أي العدوّ الإسرائيلي – بخروقات يومية تجاوزت الثلاثة اَلاف خرق واعتداء منذ بدء سريان مفعول اتفاق وقف اطلاق النار في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ذهب ضحيتها قرابة 150 شهيد، وأكثر من ثلاثمائة جريح، ناهيك عن الاحتلال المستمر لبعض المناطق وعدم الانسحاب، وعدم اطلاق العدو الأسرى اللبنانيين الذين لا زالوا في سجونه.
وعليه، وبعد أن نفّذ لبنان كافة إلتزاماته في المرحلة الأولى، يُصرّ الثنائي الوطني، على ضرورة إجبار العدوّ على تطبيق التزاماته -لاسيما الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية المحتلة، ووقف الاعتداءات- حسب مندرجات الاتفاق، سيّما أن البندين الثاني (“في المقابل، لن تنفذ إسرائيل أي عمل عسكري هجومي ضد أهداف في لبنان، سواء على الأرض أو في الجو أو في البحر”)، والثاني عشر (” ستنسحب إسرائيل تدريجياً من جنوب الخط الأزرق في فترة تصل إلى 60 يومًا”)، لا يحتملان أي التباس أو إجتهادات في التفسير.
أمام ما تقدّم، وفي حين يسعى البعض لإستدراج المقاومة الى مواجهة مع الجيش والدولة، تخدم العدو الاسرائيلي، تحت ذريعة ان ما وافقت عليه الدولة اللبنانية وقبلت به المقاومة، يبرر الاعتداءات والدعوة لتنفيذ الاملاءات على حد سواء، في محاولة تضليل مكشوفة، تُؤكّد المقاومة وقوفها الى جانب الدولة في مواجهة التحدّيات عبر التزامها بما وافقت عليه، وتُصرّ على إلزام العدوّ بما ألزم به نفسه في اتفاق وقف اطلاق النار، ولا حديث عن تنفيذ بنود أخرى من الاتفاق، قبل أن ينفّذ العدو ما وافق عليه.
ظهرت المقالة المقاومة الى جانب الدولة في مواجهة التحدّيات أولاً على شبكة موقع الإعلامية.