| فراس فرحات | كاتب ومحلل سياسي
تشهد منطقة الشرق الأوسط استمراراً لحالة عدم الاستقرار والتوترات المتعددة التي تشكل المشهد الإقليمي.
ففي قلب هذه الديناميات تقع تداعيات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر، والذي يتجلى في استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية، بالإضافة إلى التوسع الاستيطاني الإسرائيلي الذي يثير غضب الفلسطينيين والمجتمع الدولي على حد سواء.
وعلى الجبهة الشمالية، لا يزال الهدوء الحذر يسود الحدود بين إسرائيل ولبنان بعد الهدنة التي توسطت فيها الولايات المتحدة، إلا أن التوترات لا تزال كامنة مع استمرار إسرائيل في الحفاظ على وجود عسكري في مواقع استراتيجية جنوب لبنان.
وقد شهدت موازين القوى الإقليمية تحولات ملحوظة في الفترة الأخيرة، بحيث منحت هذه التطورات إسرائيل شعوراً بتفوق استراتيجي في المدى القصير، مما قد يدفعها إلى تبني سياسات أكثر حزماً في المنطقة.
وفي سوريا، وبعد سقوط نظام الأسد، تشهد البلاد فراغاً في السلطة وصعود قوى جديدة، مما أدى إلى تدخل إسرائيلي مستمر عبر شن غارات جوية تهدف إلى منع ترسيخ نفوذ قوى معادية لإسرائيل.
أما في اليمن، فيستمر الصراع الدائر مع استمرار جماعة أنصار الله في شن هجمات على أهداف داخل إسرائيل وفي البحر الأحمر، مما استدعى رداً عسكرياً من الولايات المتحدة وحلفائها.
وتتداخل هذه الصراعات مع تنافسات جيوسياسية أوسع تشمل قوى إقليمية مثل إيران وتركيا والمملكة العربية السعودية، حيث تسعى كل منها إلى تعزيز نفوذها ومصالحها في المنطقة..
ومع ذلك، فإن استمرار حالة عدم الاستقرار الإقليمي وتصاعد التوترات ينذر بإمكانية نشوب صراعات جديدة أو توسع الصراعات القائمة، مما يجعل الوضع الإقليمي شديد التقلب.
وعلى صعيد المناطق الحدودية، احتلت إسرائيل مواقع استراتيجية في جنوب لبنان على الرغم من وقف إطلاق النار.
كذلك في سوريا، استمرت الغارات الجوية الإسرائيلية، وخاصة بالقرب من القصر الرئاسي، مما يشير إلى استمرار سعي إسرائيل لممارسة النفوذ ومنع ترسيخ قوى معادية لها.
كما أبدت إسرائيل قلقها بشأن النفوذ الإيراني وأمن السكان الدروز في سوريا.
هذا يعني أن توسيع إسرائيل لمناطقها الأمنية قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الحكومة السورية الجديدة وزيادة التوترات مع تركيا، بالإضافة إلى تعقيد جهود نزع سلاح حزب الله في لبنان وملف النووي الإيراني.
ويبدو أن إسرائيل مصممة على ترسيخ وجودها في المنطقة على المدى الطويل، مما يزيد من تعقيد أي مفاوضات سلام مستقبلية في المنطقة.
حيث تؤثر الأنشطة الإسرائيلية بشكل ملحوظ على التحالفات والتوترات الإقليمية.. فقد ازدادت حدة التوتر بين إسرائيل وتركيا بسبب التدخل الإسرائيلي في سوريا. ولا تزال العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل معقدة، خاصة في ظل الجهود الدبلوماسية الأمريكية.. وفي المقابل، يتزايد التقارب بين إيران وروسيا والصين كرد فعل على الضغوط التي تقودها الولايات المتحدة.
النزاعات والتصعيدات الناشئة
تشهد المنطقة تصعيداً ملحوظاً في التوترات الإقليمية تمثل في الهجوم الصاروخي الذي شنته المقاومة اليمنية أنصار الله على مطار بن غوريون الإسرائيلي مشيرة إلى أنه يأتي في إطار التضامن مع الفلسطينيين.. وقد توعدت إسرائيل برد قوي على هذا الهجوم، مما أدى إلى تعليق مؤقت للرحلات الجوية في المطار.
ومن المرجح أن يكون لاستمرار التوسع الإسرائيلي والعمليات العسكرية آثار سلبية كبيرة على الاستقرار الإقليمي.. فهذه الأنشطة تقوض بشكل متزايد فرص التوصل إلى حل سلمي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وتزيد من خطر تصاعد التوترات مع الدول المجاورة والجهات الفاعلة غير الحكومية، وقد تؤدي إلى تدخل قوى خارجية بشكل أعمق في المنطقة.
كما أن العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة تزيد من احتمالية نشوب أعمال انتقامية وتوسيع دائرة العنف في المنطقة.
وقد يؤدي استمرار هذه الأنشطة إلى نشوب صراعات إقليمية جديدة أو توسع الصراعات القائمة، كما يتضح من الهجوم الصاروخية اليمني الأخير على مطار بن غوريون.
ولا يمكن تجاهل تأثير الأزمة الإنسانية في غزة على الاستقرار الإقليمي، حيث قد يؤدي استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية إلى مزيد من عدم الاستقرار والتطرف.
وعلى الرغم من التوترات المتزايدة، هناك جهود دبلوماسية مستمرة، بما في ذلك مفاوضات غير مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران.. كما أن هناك مبادرات إقليمية مثل خطة جامعة الدول العربية لإعادة إعمار غزة.
الوضع في الشرق الأوسط لا يزال متقلبًا للغاية، مع استمرار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كقضية مركزية تؤثر على الاستقرار الإقليمي. وهناك مخاوف بشأن تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة وتأثير التوسع الإسرائيلي على آفاق السلام.
في ضوء هذه التطورات، يبدو أن هناك تصعيدًا جديدًا للأحداث خصوصا بعد إطلاق صاروخ من اليمن على مطار بن غوريون الإسرائيلي.
لذا.. الوضع في الشرق الأوسط لا يزال يشهد حالة من عدم الاستقرار، حيث يؤثر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والتوسع الإسرائيلي على المنطقة بشكل كبير.
وعليه لا بد من متابعة التطورات الدبلوماسية والإقليمية والعسكرية لفهم التأثيرات المستقبلية في المنطقة والإقليم.
ظهرت المقالة الديناميات الإقليمية.. تحولات جيوسياسية ووضع إقليمي شديد التقلّب أولاً على شبكة موقع الإعلامية.